لم يعد الأطفال في حي الوسطى بمدينة الهفوف يقضون اوقاتهم في صيد الجراد أو لعب الهول عند دروازة الخباز، أو في شارع سالم شوقي (مدير الشرطة الذي جاء من الحجاز إلى الأحساء، وسكن في الحي، فعرف الشارع باسمه) أو القيصرية، والصوابيط المشهورة في الحي، مثل صاباط الطويل والهارون والشهيب، أو عند مسجد الصاير والمالحة، كما كانوا يفعلون ذلك منذ تأسيس الحي قبل 200 عام، بل توجهوا للعب الكرة في فرق الحواري الموجودة في الحي، والبعض الآخر يتنقل بين مواقع الإنترنت. آباؤهم الذين كانوا يجتمعون في مجالس معروفة مثل البو سعد، الجميعة، الحميضان، البريكان والشامي، لقضاء أمسياتهم في الحديث عن الغوص وقصص عنترة وعبلة من راوي الحي صالح الدرازي، أو يتداولون ما يحفظونه من أبيات شعرية، خصوصاً أبيات ابن لعبون، تركوا مثل تلك الأحاديث التي يرونها وصاروا يتجمعون اما في مجالس الحي أو في استراحات النخيل ليتحدثوا عن سوق الأسهم أو يتنقلون بواسطة الريموت كنترول بين المحطات الفضائية العربية وغيرها. يرجع أحمد محمد أحمد الشهيب (أحد أبناء الحي) سبب تسمية الحي بهذا الاسم إلى كونه يقع على تلة مرتفعة، أما كلمة الوسطى فجاءت لكونه يقع بين الرفعة الشمالية والرفعة الجنوبية.. ويذكر الشهيب ان أول عمدة للحي كان الراحل عبدالله سعد البوسعد، أما العمدة الحالي فهو حفيده الشيخ محمد خالد البوسعد. وكان الحي يشتهر سابقاً باحتراف أكثرية ساكنيه دباغة الجلود، حيث يصنعون السيور والحقائب والأحذية، بالإضافة إلى عملهم في النسيج والحدادة، وصناعة الحصر من سعف النخيل والمهفات من خوصه. وكان حي الرفعة الوسطى يعد مركزاً تجارياً لبيع المواد الغذائية، مثل الخبز (العربي الأسمر والأبيض)، اللحوم، الأسماك، الخضار، التمور، الكراعين المشوي والحليب ومشتقاته. المهر الذي لم يكن في السابق يتجاوز 1000 ريال، أصبح اليوم يتجاوز ال 70 ألف ريال، وكان أهالي الرفعة الوسطى كما يقول الشهيب يقيمون أعراسهم في منزل سعد الشامي، حيث تعلق الزينات وتقام العرضات، والحفلات الفنية التي كان يحييها الراحل لطيف البريكان، وفيما بعد تولى الدور ابنه علي. في حين تحتفل النساء بالضرب على الديران والدفوف، وتستمر الأفراح 3 أيام، وينار الحي بالسروج. يضيف أحمد الشهيب: الرفعة الوسطى التي خرج منها العديد من الشخصيات البارزة على عدة أصعدة، هجرها أهلها، عدا قلة قليلة فضلت البقاء فيها، ويبرز ذلك خلال ليالي الخميس والجمعة، حين تشهد أزقة الحارة حركة سيارات كثيرة، فالمنتقلون إلى أحياء أخرى يعودون في هذه الليالي إلى الحي، حيث يتجمعون في مجالس عوائلهم أو المجالس العامة المفتوحة للجميع في الحارة. أزقة ضيقة يختلط فيها القديم بالحديث بيوت متلاصقة تعبر عن تقارب الأهالي