440 مليار ريال استثمارات مدن    591.415 طلبا لأسماء تجارية    تاسي يغلق مرتفعا للأسبوع الثالث    فهد بن سعد ومسيرة عطاء    قلب الاستثمار.. حين تحدث محمد بن سلمان وأنصتت أميركا    فخر يُجسّد مكانة المملكة    السعودية.. أيقونة السلام وصناعة المستقبل    جمعية روماتيزم تستعرض خدماتها في معرض "إينا" في نسخته الثالثة    الرياض وصناعة القرار    الأهلي يتغلّب على الخلود برباعية    القبض على وافدَين لنشرهما إعلانات حملات حج وهمية ومضللة    القبض على مقيمين بجدة لترويجهم (1.6) كجم من (الشبو)    أمين الطائف يطلق مبادرة "راصد+ " لضبط تسرب لحوم الأضاحي من المشاعر    "الفيصل للبحوث" يناقش دور المملكة في المنظومات الإقليمية    وصول التوأم الملتصق الفلبيني "كليا وموريس آن" إلى الرياض    التعادل السلبي يحسم على لقاء الاتفاق وضمك في دوري روشن للمحترفين    البديوي يجدد موقف دول الخليج الداعم والمساند والثابت ل"الأونروا"    تجدد توترات ليبيا بعد اقتحام مقر الحكومة    ترمب يفشل في ترحيل الفنزويليين    110 آلاف حكم في القضايا العامة    أول مواجهة مباشرة بين الأمن السوري وداعش منذ سقوط الأسد    المملكة تحصد (6) ميداليات فضية في أولمبياد الأحياء الدولي المفتوح 2025    أجياد تستعرض مشروع قاصد    71 عملية جراحية وقسطرة قلبية لضيوف الرحمن بالمدينة    برنامج "مداد" يثري مهارات كوادر السياحة والضيافة في جازان    1.28 مليار نسمة مصابون بارتفاع ضغط الدم    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    التراث السعودي في المراسم الملكية: هوية ثقافية راسخة وقوة ناعمة عالمية    فلمبان يوثق مسيرة الفن السعودي    اختبارات نافس في 8 دول    السعودية: رفع العقوبات عن سوريا فرصة عظيمة لبناء التعافي    تايكوندو النصر والرياض يتقاسمان ذهب السيدات    كيف ترسم الصحة السكانية مستقبل المملكة    "أنعش قلبي".. نادي الشرق بالدلم يطلق مبادرة رياضية بمشاركة مشاة من مختلف المناطق    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا كسر الزمن 2025    غدًا.. الهلال يتوج باللقب في ختام الدوري الممتاز للكرة الطائرة    نائب وزير "البيئة": ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي إلى (114) مليار ريال وحائل تساهم ب (10%)    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    وزارة الشؤون الإسلامية تبدأ باستقبال أول وفود الحجاج عبر منفذ البطحاء    هلال جدة يتوج بلقب الغربية في دوري الحواري    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    رقم سلبي لياسين بونو مع الهلال    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبوزيد.. اللاأحد وصرخة المغادرة
"مقدمة في الغياب".. ديوان يتبدى نصا واحدا وإن جاء في أربعة أقسام
نشر في الوطن يوم 15 - 03 - 2015

في علم النفس الوجودي، ثمة مفهوم عن "انحلال حدود الذات" بمعنى الشك في الوجود الشخصي والتعين في العالم على نحو محدد ماثل يمتلك المعنى والجدوى والعلاقة مع مفردات هذا العالم بكيفية إنسانية تزهر في الاتصال وتخلع طابعا قارا من الانسجام والمساحة المشتركة. بهذه الخلفية يمكن لنا قراءة الشاعر محمد أبوزيد في إصداره الأخير "مقدمة في الغياب" (دار شرقيات، القاهرة - 2014) الذي يتبدى نصا واحدا وإن جاء في أربعة أقسام، وفي عشرات النصوص بوصفها زوايا ومنظورات تحفر في الاتجاه نفسه بملمح تكراري تراكمي - لا يتخلى عن صبغته الجمالية - يشي بالمأزق الوجودي الذي ينخر في بناء الذات ويصدعها إلى أشطار لا تلتئم، محض نثار يأتي متخفا عن العالم ومنزاحا عنه إلى هاويته التي لا يبصر غيرها، تطلبه ويسعى إليها.
الانسحاب من الحياة والانسلاخ من صورة لا تدل عليه ولا تعبر عنه. ما يراه الآخرون ليس هو ولا تلك الصفحة المشرقة. كائن خرب بغطاء براق صنعته عين خارجية لا تخصه ويبرأ منها، وقد آن له أن يخرج من حفلة الضجيج وأن يرمي بالقشرة الملتمعة بزيفها. خلخلة الجسد وانفراط معناه. جسدٌ لا يصلح للحياة ولا تصح معه معاشرة وأحرى به الانصراف عن المشهد: "لو دققتم أكثر/ لشاهدتم مستعمرة الجذام فوق وجنتي/ قلبي الذي يعجبكم تفانيه في حبكم/ اشتريته من بائع متجول/ يدي التي تصافحكم بحرارة/ انظروا../ إنها من البلاستيك/ وجدتها في القمامة/ أصابعي التي تلوح لكم/ قضبان زنزانة/ وضحكتي التي تجامل نكاتكم التافهة/ شريط كاسيت مسجل).
الجسد هو ما يثقل على الذات ويجعلها منسحقة تحته.
الحضور البائس الفارغ يلطخه الحزن وتفدح به الغربة، مهمازٌ مسنون ينخس ويحث على التعجل بتفكيك هذا الجسد وجعله أشلاء تذهب في الأرض ويستحيل تجميعها بما يعني تشييد الغياب على قنطرة الجسد، الامحاء الكامل الخالص، التذرير الذي يوجب النهاية، ويحل العبء الذي يعمل مثل مطرقة تثبت الذات إلى جدار عذابها وشاهدها الناغل بالذكريات تلك المطحنة التي تقول كم هو غريب وتالف. لا يسنده ماض ولا يهش له مستقبل. وجودٌ غفْلٌ يحده الجسد ويتقفص عليه، ينتظر صيحة الخروج وفك الأسْر. يتحين الضربة الماكرة المشتهاة وهي تنزل تشطره وتلاشيه وتعلن غيابه، معافاته من عالم الاضطرار والقيد، عالم الصور الثابتة المتكررة التي هي في المحصلة "لا شيء" ومن العبث الانجرار إلى دائرة إنتاجها. فليبطل هذا الجسد ولينل الضربة "بعد خمس دقائق سأتشقق.
لن أنتبه وأنا أسير إلى السيف الذي يقسمني نصفين مثل تفاحة، لن ينتبه أحد إلى نصف جسدي الذي ركب القطار وغادر، ونصفي الآخر الذي لا يزال ينتظر في محطة الباص../../ عيني سأتركها تبكي هذه المرة كما كانت تريد، تنزف ما تبقى مني، قد أمنحها لطفل يريد أن يكمل مجموعته من البلي، أو أسند بها كوكبا كاد أن يتهاوى. عيني الأخرى سيقول الباعة إنها مستعملة ولا تصلح إلا طعاما للسناجب./ قدمي اليمنى ستسير إلى ما لا نهاية علها تعود بالحقيقة الغامضة، أما اليسرى سأتركها لبائع يريد أن يسند بها مظلة خضرواته الكسيحة".
مخلوق التعاسة، ربيب الكوابيس، الدائخ المعلق في مروحة الندم.. يتخلص من إهابه ويفرغ من حياته، الشبهة التي أفسدت ما فات وتتربص بما يلي. ينهض معانقا هباءه حاتا أثره وكل متعلقات تشير إليه.
هو الذي بلا وجود.
اللاأحد متجسدا في صرخة المغادرة، نافرا من اللاشيئية، نافذا وذائبا في العدم: "أرفع صوتي/ وسط ملايين الآذان/ وأطلق صرخة../ صرخة واحدة طويلة../ لا تنتهي// أنا../ لا أحد".
* كاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.