نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الوليد بن خالد    فهد بن سلطان يشيد بأعمال "الأمر بالمعروف"    تقرير "911" على طاولة نائب أمير الرياض    بعد غيبوبة طويلة مؤثرة في المشاعر.. الأمير الوليد بن خالد بن طلال إلى رحمة الله    «سدايا» تُطلق البيئة التجريبية لتطبيق «توكلنا»    رصد 18 مكتب استقدام مخالفاً في الربع الثاني    أمير الشرقية يدشن مشروعات في القطاع الجوي ب1.6 مليار ريال    أمير المدينة يطلع على مؤشرات سلامة المنتجات    8.5 ألف متدرب بمبادرة "رافد" العام الماضي    دراسة: الهواتف الذكية تساعد في الكشف عن الزلازل    إدانة نائبة أمريكية في قضية سرقة قطة    روسيا تعلن استعدادها لتسوية النزاع الأوكراني    الإكوادور تسلّم الولايات المتحدة زعيم أخطر عصابة لتهريب المخدرات    غزة تختنق جوعاً تحت الحصار    كييف تقترح إجراء محادثات سلام مع موسكو.. الأسبوع المقبل    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو 2025 في جدة    رسميًا.. الهلال خارج السوبر … ورد فعل الاتحاد السعودي    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من ملك مملكة إسواتيني    الكابتن عمر الثاقب ل«الرياض» بعد فوزه بالذهبية: تنظيم بطولات البادل بالمملكة يرفع مستوى الوعي بها ويشجع على ممارستها    المحسن: لا نشعر بالمرحلة الانتقالية في «الدانة»    في الشباك    في كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق سبريت يتوج ببطولة"Dota 2″ ومليون دولار    ناشئو أخضر اليد يواصلون معسكرهم الإعدادي استعداداً لمونديال 2025    مكافحة التعصب الرياضي    محمد بن عبدالعزيز يتسلم تقرير التعليم    ضبط 21058 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    المرور: 300 ريال غرامة قيادة الدراجة الآلية بدون رخصة    "قبول" تكشف مزايا الفرص الإضافية ل"تسكين الطلاب"    «قصبة المضمار»    نجوم الغناء العربي يشاركون في موسم جدة    أرملة محمد رحيم تتهم عمرو دياب بسرقة لحن    " الثقافة" تطلق منحة الأبحاث المرتبطة بالحرف اليدوية    «فنون المدينة» «تحكي قصصًا»    جمعية "واعي جازان " ومركز مسارات يسلطان الضوء على ظاهرة الطلاق العاطفي    تداوليغلق على تراجع    القطاعات غير النفطية تعزز النمو الصناعي    التنظير بين التجربة الشخصية والحكم على الآخرين    مكة والمدينة تتصدران متوسط مدة الإقامة بالفنادق    المزاد الدولي لمزارع الإنتاج للصقور يجمع العالم في الرياض    أمانة الرياض توقع إتفاقية لتأهيل مرصد الأهلة بتمير بالتعاون مع الأهالي والسكان    أمير تبوك يواسي الدكتور عبدالله الشريف في وفاة والدته    61 ألف مستفيد من الإرشاد بالمسجد النبوي    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    أمير جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية منار الجنوب للعلوم والتقنية    أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير الشامل لأداء "تعليم جازان" وخططه المستقبلية    الجوازات تحث المواطنين على التأكد من مدة صلاحية الجواز قبل السفر خارج السعودية    هونج كونج تصدر أعلى تحذير من العاصفة مع اقتراب الإعصار ويبا    الرنين المغناطيسي يقتل رجلا    86 ألف مكالمة في يوم واحد إلى مركز 911    أزياء مستلهمة من ثقافة المملكة    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    الإطاحة بمقيمين لترويجهما مادة الكوكايين المخدر    أشياء يومية تعج بالبكتيريا الخفية    فوائد غير متوقعة للنحاس عند كبار السن    دراسة: البيض لا يرفع مستويات الكوليسترول الضار    وفاة «مؤثر» اتبع حمية اللحوم لمدة 3 سنوات    ترسيخ الاعتدال ومحاربة التطرف    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصمد".. اللفظ والمعنى
نشر في الوطن يوم 11 - 06 - 2013

كثير من النقاشات وكثير من الحوارات والمقالات والترجمات اجتهدت في الوصول إلى كنه الكلمة العملاقة التي هي إحدى صفات رب العرش العظيم، جل جلاله، والواقع أن كلمة (الصمد) من الكلمات العربية التي يصعب ترجمتها إلى لغات أجنبية بل ويصعب الاتفاق على حصرها في معنى واحد، هذا ولأن معناها اللغوي قد اتسع لتفسيرات كثيرة في أقوال الفقهاء والمتكلمين وفلاسفة المسلمين. فقد أحصى الإمام ابن تيمية عشرات من هذه الأقوال، وبدأها بإيراد أقوال السلف الذين قصروا أقوالهم وكلامهم، أولا على معناها اللغوي كما كان يفهمه العرب كابن مسعود، وابن عباس، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعكرمة والضحاك، وسعيد بن المسيب.
وقد اتفقوا على أن (الصمد) هو الذي لا جوف له، ولا حشو، ولا أحشاء. وقال بعض هؤلاء الثقات كما قال غيرهم إنه السيد الذي ليس فوقه أحد. والذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم. ومن المعاني أيضا الصمود للقصد والثبات عليه.
ومن هنا فسره بعضهم بالدائم الباقي وعقب ابن تيمية على ذلك قائلا (إن البقاء والدوام من تمام الصمدية) وهو يريد بذلك أن هذه الصفة تفهم من المعنى، ولا تفهم من اللفظ في مداواة اللغوي كما تداولته ألسنة العرب.
والظاهر أن مادة المصمد والمصمت من أصل واحد وأن المصمد أو المصمت هو الذي يثبت ويبقى ولا ينكسر بخلاف الجوف، ويأتي بعد ذلك معنى الصمود أي الثبات لمن يقصده. ومعنى القصد عامة في مختلف المطالب والأغراض، والسبب قريب بين من يصمد لمطالب الناس وبين الصمود المقصود الذي يتجه إليه الناس حين يطلبون ما يجابون إلى طلبه، ولم يكن العرب يفهمون من كلمة الصمود أنها وصف لمن لا يموت فإنها قيلت في مقام الرثاء كما في رثاء عمرو بن مسعود:
إلا بكر الناعي بخير بني أسد
بعمرو ابن مسعود وبالسيد الصمد
وروى ابن تيمية بيتا آخر في مثل هذا المقام:
علوته بحسامي ثم قلت له
خذها حذيفا فأنت السيد الصمد
ولهذا قال ابن تيمية إن صفة الدوام من تمام الصمدية في حق الإله، وأصبح المفهوم منها بالنسبة إلى الصفات الإلهية أن الصمد كما قيل هو الأول بلا عدد، والباقي بلا أمد، والقائم بلا عمد، الذي لا تدركه الأبصار ولا تحويه الأفكار، ولا تبلقه الأقطار، وكل شيء عنده بمقدار.
وهكذا تسلسل المعنى من المصمت المصمد الذي لا ينكسر إلى المصمد الذي يثبت للقصد، ويقصده الناس في الحوائج والأمور، فلا يعيى بما يقصدون، ووجب أن يكون للمعنى الإلهي ما يجب في حق الإله من صفات الكمال والغنى والاستجابة للدعاء، ولكن الكلمة في اللغة لا ترافد هذه الأسماء في الدلالة اللغوية ولكنها حين يوصف بها الإله تدل على الذات الموصوفة بالدوام والبقاء والصمدية.
وقد حار المترجمون في نقل الكلمة العربية إلى كلمة تقاربها من اللغة الإنجليزية أو الفرنسية مع حرصهم الشديد على الدقة الحرفية في ترجمة آيات الكتاب، ثم أجمعوا ما عدا المسلمين منهم على ترجمتها (بالأبدي الأزلي) كما فعل (جورج سبل) و(ريتشارد بل) من المترجمين الإنجليز وكما فعل (إدوارد مونتيه) من المترجم الفرنسي. وأيضا كان هذا نهج المترجمين الألمان. وترجمت بهذه الدلالة في أكثر من نسخة. وكأنهم جعلوها تكريرا لصفة الدائم الباقي القيوم، وهي في الحقيقة ليست بتكرير لها بل هي صفة منفردة بمعناها، وجملة معناها هذا أنها تجمع بين البقاء والغنى واستجابة السؤال وقصد القاصدين بالدعاء والصلاة وعلى هذا المعنى ترجمها المسلمون فنقلها محمد علي الهندي بجملة دلالتها أي (الذي يعول عليه الجميع)، وقال إنه استند في هذه الترجمة إلى حديث مرفوع إلى النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه سأل ما الصمد يا رسول الله فقال: هو السيد الذي يصمد إليه في الحوائج.
كذلك فعل الإنجليزي المسلم الأستاذ (مارمدوك بكثال) فترجمها بعبارة تؤدي معنى (الذي يتجه إليه الجميع بالطلب على الدوام) ويبدو لنا أن هذا الرأي هو نهاية كل بحث في هذا الموضوع من وجهة النظر الإسلامية. وقد قام الإنجليزي المسلم مارمدوك بكثال بترجمة القرآن الكريم ترجمة تفسيرية وله كلمة في المقدمة يقول فيها (إن القرآن لا يترجم)، وهذا هو رأي الشيوخ السلفيين، وأيضا رأي عملاق الفكر العربي عباس العقاد. وقد نقل المترجم ببراعة ما أمكنه ذلك، وبذل في نقله كل مجهود لانتقاء اللفظ الموائم للمعنى، ولكن الثمرة لم تكن هي القرآن المجيد ذلك النسق العالي الذي لا يقبل المحاكاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.