وفي طفولتنا أذكر فيما أذكر عندما كنا نلهو ونلعب.. كنا نردد فيما بيننا ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟، كان هذا السؤال حاضرًا وبقوة، ولم تكن الإجابة حينها صعبة ولا مُكلفة؛ لذا كنا نطلق العنان لأمانينا فنسبح في بحر الأحلام، نقطف من بساتينها ما نشاء.. البسمة تعلو الوجوه والضحكات تتوالى، لقد كنا نطلق العنان لتلك الأحلام.. فهذا يريد أن يكون طيارًا، وذلك يحلم بأن يصبح معلمًا، والآخر مهندسًا، وذاك يتمنى أن يصبح طبيبًا.. وآخرون فضلوا أن يصبحوا من حماة الوطن «عسكريًا». لقد كنا نحلم ونحلم.. ونريد أن نكون ونكون، ونحن لا نعلم غدًا ما سيكون، لكن ذلك السؤال ظل حاضرًا ومفتوحًا.. الأمنيات فيه تتغير والأحلام تتجدد، وكلما كبرنا كانت الأحلام تكبر معنا، بل وتأخذنا بعيدًا أحيانًا، فتلك الأحلام لم تكن عند البعض مجرد أحلام أو أمنيات.. فهناك من كان يصر عليها ويواصل في ذات الطريق، وإن كان هناك أيضًا من يتعثر، ويُجبر على طريق آخر غير ما خط في سجل الأمنيات، لكن البعض ظل يحاول ويحاول، وإن لم يوفق أو يصل حتى أولئك الذين كانت تحكمهم أو تسير أحلامهم رغبه أحد أفراد الأسرة، كانوا حاضرين أيضا، فظل ذلك الأفق أمامنا رحبًا وفيه متسع لتلك الآمال والأحلام. كان مستوى الطموح والإرادة هو من يحدد إمكانية الوصول، وتحقيق تلك الأحلام.. طبعًا بعد توفيق الله، وتشاءُ أنت من البشائر قطرةً.. ويشاء ربُك أن يُغيثك بالمطر.. وتشاء أنت من الأماني نجمةً، ويشاء ربُك أن يناولك القمر، القاعدة التي ورثناها وتوارثناها تقول: «وما نيل المطالب بالتمني... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا»، فلا تنتظر من الآخرين أن يحققوا لك تلك الأحلام أو سواها، عليك أن تسعى وليس عليك إدراك النجاح.. ابذل الأسباب وقدم الجهد اللازم والله لا يضيع أجر من أحسن عملا، لا تضعف أو تستسلم مهما طال بك الطريق أو كان صعبًا.. من جد وجد.. ومن زرع حصد، هذه أبسط أبجديات الحياة، فمهما كان حُلمك صغيرًا في أعين الناس أو قيل لك أنه ضرب من الجنون لا تستسلم، فليس هناك مستحيل أو غير ممكن طالما أنك تسعى وتبذل الجهد من أجله. نعم قد نضطر أحيانًا إلى أن نسلك طريقًا ليس في الحسبان من أجل الوصول، لكن المهم ألا نضل الطريق أو نفقد الأمل.. علينا بالصبر مهما طال الطريق أو كان صعبًا، وتذكر أنه كم من شخص حلم وحاول البعض إقناعه بأنه لا يستطيع تحقيق ذلك الحلم، وأن حلمه مجرد أضغاث أحلام!، حتى أوشك على الاستسلام؟، لكنه صبر وحاول ثم حاول حتى جاء الفرج، وجاء أمر الله ليباغته بالنور ويحقق أحلامه، فما دمت تملك فسحة ومجالا في هذه الحياة واصل وابذل الجهد اللازم، فحتمًا سوف تصل.. المهم ألا تستسلم ودربك أخضر -بإذن الله.