من أهم أهداف نظام الإفلاس حماية الدائنين وضمان المعاملة العادلة لهم، إلا أن هناك فئة من الدائنين يتضررون كثيرًا جراء دخول المنشآت التجارية لأي من إجراءات الإفلاس وهم موظفين تلك المنشآت، فمن خلال تجربتي في العديد من قضايا الإفلاس من لحظة سريان نظام الإفلاس 1439ه، وجدت أن الدائنين من فئة الموظفين يقع عليهم ضرر أكثر من بقية الدائنين الآخرين، وذلك أن التجار بتعاملاتهم يدركون مخاطر الإفلاس ويعملون الاحتياطات اللازمة في حال تعثر أي مدين لهم بالسداد ويأخذون المخاطرة التي هي جزء من التجارة، بعكس الموظفين بتلك المنشآت. ورغم أن الأنظمة ذات العلاقة من نظام العمل ونظام الإفلاس راعت الدائنين من فئة الموظفين وجعلت لهم أولية توزيع حصيلة التفليسة في جزء من حقوقهم، فإنها ليست كافية. فمن بداية العمل بنظام الإفلاس وحتى الآن أعتقد أن عدد الموظفين الذي فقدوا وظائفهم أو لم يستلموا حقوقهم الوظيفية جراء إفلاس تلك المنشآت الآلاف من الموظفين من السعوديين والأجانب، ولا أملك إحصائية رسمية بذلك إلا من خلال ما اطلعت عليه من قضايا، بجكم علمي كمحام. ولأجل تحقيق الحماية اللازمة للموظفين من مخاطر إفلاس المنشآت التي يعملون بها، وحماية حقوق الموظفين من أجور ومكافأة نهاية الخدمة وجميع الحقوق الوظيفية الأخرى، نرى ضرورة عمل الجهات ذات العلاقة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وهيئة التأمين، بفرض التأمين على حقوق الموظفين بالمنشآت التجارية، للوقاية وحفظ حق موظف بالقطاع الخاص في حال دخول المنشأة التجارية في إجراءات الإفلاس. ونشيد هنا بخطوة وزارة الموارد البشرية بإصدارها الدليل الإرشادي للمنتج التأميني لتغطية مستحقات العمالة الوافدة والذي بدأ بتاريخ: 06-10-2024م، وهذا المنتج مميز ويحمي العمالة الأجنبية التي تنطبق عليهم شروط المنتج من خطر عدم دفع المنشاة التجارية لرواتبهم وحقوقهم، وكان ينتظر من الوزارة أن تطرح منتجا آخرمشابه، للموظفين السعوديين بالقطاع الخاص، يجنبهم أو يخفف عنهم خطر إفلاس المنشآت التي يعملون بها وعدم استلامهم لحقوقهم الوظيفية المستحقة، على أن تدخل شركات التأمين عن الدائنين من فئة الموظفين في إجراءات الإفلاس للشركات التي تخضع لهذا الإجراء ، وتدفع للموظفين حقوقهم الوظيفية، حيث إن الوضع الراهن للشركات أو المنشآت التي تخضع لإجراءات الإفلاس ويعاني الموظف بعدم معرفته إجراءات الإفلاس والانتظار لسنين طويلة في بعضها حتى ينظر في حال نتج عن إجراء التصفية أو غيره سداد جزء من حقوقهم أو لا. الموظفون يتضررون من عدة جوانب ومن أهمها في حال وجود حصيلة تصفية تكفي لحقوقهم ولكون إجراءات التصفية تطول في اغلب الأحيان، فينتظرون مدة طويلة لاستلام حقوقهم وفي حال عدم وجود حصيلة تصفية تكفي لسداد الدائنين من فئة الموظفين، يقع ضرر كبير على ذلك الموظف وأسرته خاصة إذا كانت المنشآت متوقفة عن أداء راتبه مدة طويلة، وإذا كانت له خدمة طويلة بالمنشأة. ولكي نتخذ مبدأ حماية موظفي القطاع الخاص، نطمح أن تقدم الجهات الحكومية ذات العلاقة من وزارة الموارد البشرية، وكذلك هيئة التأمين وأي جهة أخرى ذات علاقة بالعمل ،منتجا تأمينيا ضد المخاطر التي يتعرض لها الموظف جراء دخول المنشاة التي يعمل بها في إجراءات الإفلاس، بحيث يتم تعويض الموظفين بمجرد دخول المنشأة في إجراء إفلاس ، وتدخل شركة التأمين محل الموظف كدائنين للمنشأة التي تخضع للإجراء ،كما أن من حقوق الموظف الحالية والمعمول بها التأمين الصحي، فلماذا لا يكون هناك تأمين على الموظف من مخاطر إفلاس الشركة التي يعمل بها؟ وبهذا يكون القطاع الخاص أكثر جذبا للموظفين السعوديين وتكون شركات التأمين قد فتحت لها منتجات تأمينية جديدة وضمنت المنشآت الحالية على الأقل أن موظفيها يحصلون على جميع حقوقهم، ولا يتجنب الموظف البسيط الدخول في إجراء إفلاس طويل، ولا يعلم هل سيأخذ حقه كاملا أم لا؟