في اليوم العالمي للمدن الذي حمل شعار «المدن الذكية التي ترتكز على الإنسان» لم تكن أبها بمعزل عن السؤال الكبير الذي يواجه مدن العالم: كيف يمكن أن تصبح المدينة أكثر ذكاء دون أن تفقد روحها الإنسانية؟ من هذا المنطلق طرحت إدارة الاتصال المؤسسي والإعلام بفرع وزار البيئة والمياه والزراعة بمنطقة عسير سؤالها البسيط والعميق في آن واحد: كيف ترى أبها المستقل؟ فجاءت الإجابات من منسوبي الفرع كمرآة تعكس وعيهم وارتباطهم بمدنية تمزج بين الجمال الطبيعي والطموح الحضري. تكررت في الإجابات ثلاث كلمات أساسية: الأنسنة، الخدمة، والذكاء. كلمات تختصر معادلة المدنية المثالية التي ينشدها المشاركون، ف«الأنسنة» تعني أن تبقى أبها مدينة تضع الإنسان في مركز اهتمامها، تصمم شوارعها وحدائقها وخدماتها من أجل راحته وكرامته، وتحتفي بتنوعه الاجتماعي والثقافي. أما الخدمة فكانت محورا يتجاوز مفهوم الأداء البلدي أو الإداري ليصل إلى جودة الحياة، فالموظفون رأوا أن مستقبل أبها يقوم على خدمات ذكية متكاملة، لا تعقد حياة الموطن بل تسهلها، وتصل إليه قبل أن يبحث عنها. وفي جانب «الذكاء» جاءت الرؤى متفقة على أن التقنية ليست ترفاً بل وسيلة لتحيق الاستدامة، من خلال إدارة الموارد بكفاءة، وتبني حلول بيئية رقمية تسهم في الحفاظ على خضرة المدنية ونقائها، وتدعم مشاريع الزراعة والمياه والبيئة التي تشكل هوية عسير الحديثة. تلك الرؤى لم تكن مجرد خواطر عابرة، بل ملامح فكر جيد يتشكل في أذهان منسوبي الوزارة الذين يرون في أبها أكثر من مدينة، يرون فيها تجربة يمكن أن تروى للأجيال المقبلة: مدينة تحافظ على إنسانها كما تحافظ على شجرها وتزرع في زاوية منها بذور الذكاء والمسؤولية والجمال. إن ما قاله الموظفون في هذا الاستطلاع يفتح الباب أمام حوار أوسع حول مفهوم المدن الذكية في المملكة، ويذكرنا بأن أبها بما تملك من طبيعة وتراث ووعي إنساني متنام، وأمير منطقتها الذي يتبنى مبادرات تنموية حضرية، قادرة على أن تكون أنموذجاً وطنياً لمدينة المستقبل التي تجمع بين الروح والتقنية، والبيئة والإنسان.