في الفترة الأخيرة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة خطيرة ومقلقة، خصوصا عندما يكون الثراء السريع هاجس لا يعترف بالعواقب مهما كانت العملية المعنية. الظاهرة المنتشرة تُعرف باسم «عروض الأسكور»، وتعتمد على الإغراء بحياة وردية، حيث يعرض بعض الأفراد أو الجهات مغامرة غامضة كل الغموض، ومغلفة بثوب النعيم المالي، الذي لا تستسيغه حتى في الأحلام، ينقل الضحية من حال إلى حال في غضون ساعات، ويتحول الفقير إلى غني، والمعدم إلى ثري ثراء مليوني فاحش. هذه الممارسة تشترط أن يكون المستهدفون من أصحاب التقييم الائتماني المرتفع، أو ما يُسمّى «الأسكور الجيد»، وذلك لنقل سجل تجاري إلى أسمائهم مقابل حصولهم على مبالغ مالية مغرية. يظهر العرض في صورة صفقة مغرية وسهلة، إذ يُقال للشخص إن الأمر مجرد إجراء نظامي لا يترتب عليه التزامات، وإن المديونية المسجلة على السجل ستتم تسويتها لاحقًا، دون أن يتأثر هو بشيء. لكن الحقيقة تختلف تمامًا، ففور نقل السجل التجاري يصبح الاسم الجديد هو مالكه القانوني، وتنتقل إليه تلقائيًا جميع المسؤوليات المالية والقانونية المترتبة على السجل، بما في ذلك الديون، والدعاوى القضائية، والالتزامات البنكية السابقة، وهنا يتحول الشخص الذي ظن أنه كسب صفقة العمر إلى مدين رسمي، وربما إلى متهم في قضايا مالية أو جنائية، مثل الاحتيال أو غسل الأموال، خصوصًا إذا استُخدم اسمه للحصول على تمويل جديد أو تمرير معاملات مالية مشبوهة. الخطر الأكبر في هذه العمليات أنها تبدو في ظاهرها نظامية، إذ تتم عبر مستندات رسمية ونقل قانوني للسجل، غير أن جوهرها قائم على التحايل، واستغلال سمعة مالية جيدة، للحصول على أموال بطرق غير مشروعة. القانون في مثل هذه الحالات لا يميز بين من كان يعلم ومن جهل، ففور قبول نقل السجل يجعلك ذلك مسؤولًا أمام الجهات المختصة عن كل ما يترتب عليه من ديون أو مخالفات. إن ما يدفع بعض الناس للوقوع في هذا الفخ هو الطمع السريع في المال، وضعف الوعي بمخاطر مثل هذه العروض، فالمحتالون يتقنون تقديم وعود براقة مستخدمين عبارات مطمئنة، مثل «كل شيء نظامي» أو «لدينا محامٍ يتولى الأمر»، بينما الهدف الحقيقي هو استغلال الاسم النظيف والتقييم البنكي الجيد لتحقيق مكاسب غير مشروعة على حساب الضحية. ومن هنا تأتي أهمية الوعي المالي، وحماية الاسم من أن يُستخدم كأداة لتمرير معاملات مشبوهة. القاعدة البسيطة التي ينبغي أن يتذكرها الجميع هي أن أي عرض يقوم على استغلال الاسم أو التقييم مقابل عائد نقدي سريع هو قطعا طريق إلى الديون والمساءلة، وربما السجن. التنويه المفترض الإصغاء له بعناية واهتمام بالغ هو التحرز وإدراك أن المال والثراء لا يأتي بضغط زر وراحة الأبدان. المال يحتاج للجهد والمثابرة والتعب والكدح، وطلب التوفيق من الله، والحذر ثم الحذر، فكل شخص هو المسؤول الأول عن تصرفاته، وعليه عدم التفريط والانسياق وراء المغريات المجهولة من أجل مكسب مؤقت قد يكلّفه مستقبله المالي والمهني. ما يُعرف اليوم ب«عروض الأسكور» هو فخ شائك، وليس فرصة استثمارية كما يظنها البعض، وإنما هي مصيدة براقة المظهر، وباطنها الاحتيال، ومآلها للندم.