في حياة كل واحد منا لحظات فارقة، تتوقف فيها عجلة الركض اليومي لتسألنا: إلى أين نمضي؟ وأي شيء نكسب حين نخسر صحتنا وطمأنينتنا في زحمة العمل وإيقاع الحياة؟ وصلتُ إلى تلك اللحظة حين شعرت أن جسدي يطالبني بالإنصات، وأن راحتي الداخلية لم تعد تحتمل التأجيل، فاخترت أن أخلع عباءة الانشغال، وأن أضع نفسي في أولوية غابت طويلًا، كانت البداية رحلة قصيرة إلى مدينة ساحلية على البحر المتوسط، لكنها أحدثت في داخلي تحوّلًا عميقًا. في عشرة أيام عشت برنامجًا صحيًا متكاملًا، جمع بين الفحص الطبي، والعلاج الطبيعي، وتمارين التنفس والوعي الجسدي، والعلاجات التجديدية. لم يكن الأمر مجرد وصفات علاجية أو إجراءات طبية، بل كان انطلاقة جديدة أستعيد فيها التوازن بين الجسد والنفس. كنت أستيقظ وأنا أخفّ جسدًا، أوضح ذهنًا، وأصفى قلبًا. لكن الأثر الأجمل لم يكن في العلاجات وحدها، بل في المحيط الذي احتواني.. طبيعة خلابة تتلاقى فيها الجبال مع البحر، ووجوه إنسانية تعاملت معي كضيف كريم لا كمريض، هناك أدركت أن الصحة ليست غياب المرض فحسب، بل حضور كامل للراحة والسلام الداخلي. حين انتهت الأيام العشرة، لم أعد كما كنت، اكتشفت أن قرار التغيير ليس رفاهية نؤجلها، بل ضرورة تمهّد لنا دروبًا أوسع للحياة.. التغيير يبدأ من لحظة صدق مع النفس، ومن شجاعة أن نقول: كفى. لقد خرجت من التجربة بطاقة متجددة، ورؤية أوضح، وإيمان أعمق بأن الصحة هي الاستثمار الذي لا يعادله أي مكسب آخر؛ فهي ليست استراحة عابرة، بل قرار نعيشه كل يوم لنمنح الحياة معناها الأجمل.