مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس يومه الثاني، بدأت غزة تستعيد ملامح الحياة رغم الركام والدمار. وعاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين إلى ما تبقّى من أحيائهم في مشهد يعكس تلاقي الأمل بالحذر، فيما تتحرك القوات الأمريكية والإسرائيلية لترتيب مرحلة ما بعد الحرب على المستويين الميداني والسياسي. ومع أن الهدنة الحالية جلبت الهدوء النسبي، إلا أنها كشفت أيضًا عن مرحلة انتقالية دقيقة في غزة، حيث تتقاطع المساعدات الإنسانية مع الترتيبات الأمنية والسياسية. فالوجود الأمريكي المحدود في إسرائيل، وإشراف القوة الدولية المقترحة، يشيران إلى انتقال الصراع من الميدان إلى طاولة التنظيم والإدارة، فيما يبدو أنه بداية لتشكيل واقع جديد للقطاع بعد عامين من الحرب. وفي الوقت الذي يسعى الفلسطينيون لترميم حياتهم وسط الخراب، تبقى الأسئلة الأهم معلّقة: هل ستصمد الهدنة بما يكفي لإطلاق عملية إعادة الإعمار؟ مراقبة الهدنة وفي تحول ميداني لافت، وصل نحو 200 جندي أمريكي إلى إسرائيل للمشاركة في جهود مراقبة وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن. وأعلن الأدميرال براد كوبر، قائد القيادة المركزية الأمريكية، أن القوات الأمريكية ستؤسس مركزًا لتسهيل تدفق المساعدات ودعم المهام اللوجستية دون أي وجود عسكري داخل غزة. والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أكد خلال اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين أن واشنطن ستنشئ مركزًا لتنسيق القضايا المتعلقة بغزة إلى حين تشكيل حكومة دائمة، في إشارة إلى أن الدور الأمريكي سيتجاوز الجوانب الإنسانية إلى إدارة ملفات أمنية وسياسية لاحقة. صفقة الرهائن وبموجب اتفاق التهدئة، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيبدأ، الإثنين، إطلاق سراح الرهائن ال48 المتبقين في غزة، وهي خطوة يُنظر إليها كاختبار لمدى التزام الطرفين ببنود الهدنة.. عودة النازحين وبدأت قوافل الفلسطينيين بالعودة إلى مدنهم المدمرة في شمال ووسط غزة. كانت الجرافات تفتح الطرق بين الأبنية المنهارة، بينما يسير الناس وسط غبار الأنقاض حاملين ما تبقّى من متاعهم. تقول المتحدثة باسم اليونيسف تيس إنغرام إن الفلسطينيين العائدين «يجدون أنقاضًا لا منازل»، مؤكدة أن وقف إطلاق النار «ليس كافيًا ما لم تصاحبه زيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية لمعالجة الدمار الهائل». جهود إغاثية وحثت منظمات الإغاثة إسرائيل على فتح المزيد من المعابر، حيث ينتظر آلاف الأطنان من المواد الغذائية والتجهيزات الطبية إذن الدخول إلى القطاع. وبرنامج الغذاء العالمي أعلن عن خطط لإعادة تشغيل 145 نقطة توزيع غذائية فور السماح بتوسيع نطاق التوزيع، بينما أكد مسؤول أممي أن إسرائيل وافقت مبدئيًا على توسيع تسليم المساعدات اعتبارًا من الأحد. وفي المقابل، أعلنت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية أن أكثر من 500 شاحنة مساعدات دخلت غزة الجمعة الماضية، رغم استمرار إغلاق عدد من المعابر. وتُقدر الأممالمتحدة أن نحو 170 ألف طن من المساعدات الغذائية لا تزال بانتظار موافقة إسرائيلية لاستئناف عمليات التسليم. مستقبل الحكم بينما تُطرح تساؤلات حول من سيحكم غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي التدريجي، يصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن أي تسوية لن تكتمل دون «نزع سلاح حماس»، ملوحًا بإمكانية استئناف الهجوم إذا لم تُنفذ الشروط الأمنية. وفي المقابل، تتضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التي أُعيد تفعيلها بصيغة معدلة، وجود قوة دولية داخل غزة تضم عناصر من دول عربية وإسلامية لتأمين الحدود، على أن تبقي إسرائيل وجودًا عسكريًا محدودًا على أطراف القطاع. تحديات الإعمار وتشير تقديرات الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي إلى أن أضرار الحرب بلغت نحو 49 مليار دولار، منها 16 مليارًا في قطاع الإسكان وحده. وقالت الأممالمتحدة إن أكثر من ثلاثة أرباع مباني غزة دُمرت، وهو ما يعادل حجم حطام يوازي 25 برج إيفل. وأكد مدير مستشفى الشفاء أن طواقمه ما زالت تنتشل جثثًا من تحت الأنقاض، مشيرًا إلى وصول 45 جثة جديدة خلال الساعات الأخيرة، ما يرفع عدد القتلى الذين تجاوزوا 67 ألفًا وفق وزارة الصحة في غزة. • لم يُحسم شكل الحكم في القطاع وسط طرح فكرة قوة دولية عربية إسلامية. • إسرائيل تخطط للإبقاء على وجود عسكري جزئي لضمان نزع سلاح حماس. • واشنطن تنشئ مركزًا لتنسيق الشؤون الإنسانية والأمنية من داخل إسرائيل. • نزع سلاح حماس بند أساسي في اتفاق وقف النار. • كلفة إعادة الإعمار تُقدّر ب49 مليار دولار مع رقابة إسرائيلية. • قوات عربية وإسلامية مرشحة لتأمين المعابر وتنفيذ الهدنة. • الوضع الإنساني يتصدر الأولويات لإغاثة النازحين. • استمرار تبادل الرهائن وانتشال الجثث يعقّد المصالحة. • بحث إنشاء إدارة مدنية مؤقتة تمهيدًا لحكومة فلسطينية موحدة.