لعلي أبدأ هذا المقال بما تحدث به الأمير تركي الفيصل في مقابلة تلفزيونية على شبكة CNN، وكان أفضل توصيف وحالٍ لشخصية رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حين وصفه بأنه مهووس بالإبادة الجماعية، متسائلًا: كيف يمكن لأي شخص أن يتوقع من السعودية أن تُطبّع مع مجرم كهذا؟، هذا الوصف لم يكن تعليقًا عابرًا، بل تشخيصًا دقيقًا لعقلية نرجسية تعيش على إشعال الحروب وخيانة مسارات التسوية، وتتعامل مع السياسة كأنها لعبة قائمة على الطعن والغدر. من قبل شخصية مرموقة ومخضرمة في فهم السياسات العالمية. نتنياهو ليس عدوًا للشعب الفلسطيني فحسب، بل خصمٌ لأي محاولةٍ تسعى إلى استقرار المنطقة. تاريخه السياسي الملوث بالدماء يحفل بقرارات وممارسات تقوّض فرص السلام من انتهاك سيادة دول في سوريا ولبنان وغيرها، تقويض مسارات التسوية، سياسة تهجير واعتداء في غزة، وإشعال التوتر في سوريا ولبنان. حتى صحف إسرائيلية مثل «هآرتس»، حذّرت من خطورته وذهب بعض كتابها إلى القول إن نتنياهو (يريد حربًا عالمية). هذا السلوك الأخرق يدفع دول الخليج إلى إعادة حساباتها. دول الخليج تعامل كيانها كجسد واحد، وفي كلمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حين قال «نسخِّر جميع إمكاناتنا للوقوف مع قطر في كل إجراءاتها» أكبر دليل على هذا التماسك. إن ما يجري من انتهاكات ليس تصرفًا يهدد شعبًا فقط، بل يهدد أمن المنطقة بأسرها. والخليج يدرك خطورة الأفعال غير المسؤولة، ولديه أدوات وخيارات لحماية مصالحه وسلامته الإقليمية فمن يقرأ التاريخ لا يتعجب من الردود الحازمة على هذا النمط من العقلية. قادة نازعوا التاريخ بعنجهية انتهى بهم المطاف إلى الهزيمة والعار، مثل هتلر حين أشعل حربًا عالمية ودُمرت أوروبا، وانتهى بشكل مؤسف. موسوليني شنقته جماهيره وشعبه ونماذج أخرى تكرّس درسًا واحدًا، وهو أن العنجهية لا تبني أمجادًا، بل تدمّر دولًا وتشرد شعوبًا. إن السلام الذي تنادي به الدول العربية والخليجية ليس ضعفًا، بل أسمى أشكال القوة. إنه ترجمة لوضع مصلحة الشعوب فوق نزوات الزعامة، وقياس نضج سياسي يضع الإنسان وصلاح المجتمعات في المقدمة. لذلك فلنقارن بين من كان صانع سلامٍ حقيقيًا أمثال مانديلا، أنور السادات، ميخائيل جورباتشوف، والقاتلين الذين اعتقدوا أن المجد يُصنع بالدم. التاريخ خلد الأولين، ووضع الآخرين في مزابل العار. إذا كان العالم جادًا في حماية السلام، فالحل مع شخصية مثل نتنياهو لا يكمن في المجاملات الدبلوماسية أو التواطؤ السياسي. بل يتطلب موقفًا واضحًا يكمن في عزله عن المشهد السياسي، ومساءلته أمام محاكم دولية على جرائم الحرب، وقطع أي شرعية سياسية تمنحه غطاءً لسياسات تبيح القتل والتجويع والتهجير. وتضييق الخناق السياسي والقانوني عليه داخل الكيان الإسرائيلي وعلى الصعيد الدولي، ضرورة أخلاقية وسياسية فهو اليوم أمام العالم ليس شريكًا للمفاوضة، بل متهَمٌ بتهديد الأمن الإنساني في المنطقة. ولا يمكن أن يُعاد تعريفه كشريك حتى يسدد جزاء أفعاله بحسب القانون الدولي. إن العنجهية السياسية قد تخدع البعض لبعض الوقت وتفرض واقعًا مريرًا، لكنها لا تهزم إرادة الشعوب الحية فالحروب يشعلها قادة متغطرسون، لكن السلام تبنيه الشعوب بوعيها وصمودها. نتنياهو ومن على شاكلته زائلون، أما الحق والعدل والسلام فباقون.