في عمق الجنوب السعودي، وتحديدًا بين نجران وحبونا، تقع محافظة الحصينية، تلك البقعة التي تجمع بين الأهمية الجغرافية، والثراء التاريخي، والموارد الطبيعية التي ما تزال تنتظر الاستثمار الأمثل. لم تكن الحصينية يومًا منطقة عابرة، بل كانت وما زالت حاضرة في الوجدان، وعنوانًا للهدوء، والبساطة، والانتماء، لكن في زمن الرؤية السعودية الطموحة، فإن أحلام أبناء الحصينية لا تتوقف عند حدود الولاء، بل تتجاوزها إلى مشروعات تنموية مستقبلية ترتكز على الاستدامة، والتخطيط الذكي، والاستفادة من الطبيعة الجغرافية والبشرية للمنطقة. في هذا المقال، نسلط الضوء على عدد من المبادرات المقترحة التي يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في واقع الحصينية وتفتح أمامها آفاقًا رحبة نحو التقدم. مشروع «خزان المطر».. من النُدرة إلى الاستفادة المستدامة نظرًا لما تشهده الحصينية من هطولات مطرية متفرقة، لكنها نادرة أحيانًا، فإن إنشاء مشروع «خزان المطر» يبدو فكرة عملية وواقعية، يتمثل المشروع في إقامة خزانات ضخمة لتجميع مياه السيول والأمطار الموسمية، مع دمج تقنية الري بالتنقيط كأداة ذكية لتوفير المياه في الزراعة، هذا المشروع يمكن أن يُحدث تحولاً بيئيًا وتنمويًا في آنٍ واحد، ويُستخدم لري المزروعات المحلية. صناعة الغذاء المحلي.. تمور وألبان ضمن إطار الاكتفاء الجزئي الذكي، تأتي مبادرة إنشاء مصانع تمور وألبان صغيرة، تُعتمد في تشغيلها على المنتجات المحلية المتوافرة من نخيل الحصينية وثروتها الحيوانية، لا سيما إذا تم تطويرها بدعم هندسي وإرشادي. إنشاء هذه المصانع لا يعزز الأمن الغذائي فقط، بل يُسهم في خلق فرص عمل، وتحفيز النشاط الاقتصادي القائم على المنتج المحلي. «درب الأخدود - الحصينية».. سياحة بمذاق التاريخ والجغرافيا السياحة ليست ترفًا، بل اقتصاد وصورة حضارية، ومن هذا المنطلق تقترح الفكرة إنشاء درب سياحي ومسار جبلي تراثي ينطلق من الموقع الأثري الشهير بئر الحصينية، ويعبر الطبيعة الفاتنة باتجاه غابة سقام، ليصل أخيرًا إلى آثار الأخدود التاريخية، أحد أعرق المعالم في جنوب الجزيرة، يمكن لهذا الدرب أن يكون وجهة للمشي، وركوب الدراجات الجبلية، والدبابات البرية، في تجربة تمزج بين الرياضة والطبيعة والتاريخ. ولتجميل هذا المسار وزيادة جاذبيته، تُطرح مبادرة تشجير المسار والمساحات المحيطة به بأشجار محلية مثل السمر والسلم والغاف، إلى جانب إقامة مجسمات تراثية تسلط الضوء على التراث النجراني وتنوعه الثقافي. بنية تحتية تنتظر التفعيل برج اتصالات، فرع بنكي، ومستشفى شامل متكامل يخدم الجميع.