نظّمت هيئة الأدب والنشر والترجمة ندوةً أدبية متخصصة بعنوان "فن نقل المعنى والثقافة"، ضمن النسخة الرابعة من معرض المدينةالمنورة الدولي للكتاب 2025، قدّمت ورقتها الرئيسة الدكتورة مشاعل الحماد، وأدارتها الأستاذة إسراء عادل، بحضورٍ من المهتمين بقضايا الترجمة الأدبية وتحدياتها. وسلّطت الحماد الضوء على الترجمة بوصفها عمليةً تتجاوز النقل اللغوي إلى كونها فعلًا ثقافيًا مركبًا، يقتضي فهمًا عميقًا للسياقات النصّية والخلفيات الحضارية، مؤكدةً أن الترجمة الأدبية تُمثّل جسرًا للتبادل الثقافي، يتأثر بالتحولات التقنية والرقمية التي باتت تؤثر حتى في بنية المعنى. وتطرقت إلى صعوبة ترجمة الشعر تحديدًا، مقارنة بأجناسٍ أدبية أخرى كالقصة والرواية، مستشهدة بالموقف القديم للجاحظ الذي قال باستحالة ترجمة الشعر، في مقابل رأي عباس محمود العقاد الذي رأى أن الترجمة ممكنة إذا توافرت أدواتها. موضحةً أن ترجمة الشعر لا تنقل المعنى فقط، بل تحاول إعادة إنتاج الإيقاع والرموز البلاغية، وهو ما لا تستطيع البرامج الحاسوبية محاكاته بدقة. كما حدّدت جملةً من الشروط التي يجب أن يتحلّى بها المترجم الأدبي، في مقدمتها أن يكون أديبًا متمكّنًا من اللغة المصدر والمستهدفة، وعلى دراية بالظروف الثقافية والزمنيّة التي أحاطت بالنص الأصلي. مشيرة إلى أن الترجمة ليست عملية حرفية، بل تختلف من مترجم إلى آخر بحسب تأويله وقدرته على نقل الروح الإبداعية للنص. وفي ختام حديثها، نبّهت الحماد إلى التحدي الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي على مستقبل المترجمين، قائلة: إن هذه التقنيات، رغم ما تقدمه من تسهيلات، تفتقر إلى الحسِّ الثقافي والبلاغي، ولا يمكن أن تُعوّض المترجم البشري في نقل الرموز، أو تأويل المجاز، خصوصًا في النصوص الشعرية. يُذكر أن معرض المدينةالمنورة للكتاب 2025 يتواصل حتى الرابع من أغسطس المقبل، مقدّمًا برنامجًا ثقافيًا متكاملًا يجمع بين الندوات، والأمسيات، وورش العمل.