تمثل المرأة السعودية اليوم أحد أهم ركائز التنمية الوطنية، وقد أصبحت شريكا إستراتيجيًا فعّالًا في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، التي أُطلقت لبناء مستقبل أكثر ازدهارًا ومرونة للمجتمع السعودي. فقد شهدت السنوات الأخيرة تحولات جوهرية فيما يتعلق بتمكين المرأة، حيث أجريت إصلاحات غير مسبوقة شملت أنظمة العمل، والتعليم، وريادة الأعمال، وتمهيد الطريق أمامها للمشاركة الفاعلة في مختلف القطاعات التنموية. أدركت القيادة الرشيدة للمملكة أن تعزيز مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية يسهم بشكل كبير في تحقيق الاستدامة الاقتصادية، وزيادة فاعلية الموارد البشرية، ودعم الابتكار والإنتاجية. لذلك، جاءت رؤية 2030 متوافقة تمامًا مع هذا التوجه؛ إذ وضعت تمكين المرأة ضمن أولوياتها، وسعت إلى رفع نسبة مشاركتها في سوق العمل، وتوسيع نطاق حضورها في مناصب اتخاذ القرار، وتعزيز ريادتها للأنشطة التجارية والمجتمعية. تُرجم هذا التوجه إلى واقع ملموس من خلال سلسلة من الإصلاحات التشريعية والتنظيمية؛ حيث تم منح المرأة حقوقًا كانت غائبة لسنوات، وتم العمل على سد الفجوة بين الجنسين في مواقع العمل، وإرساء مبدأ العدالة الوظيفية. كما أُتيحت الفرص أمام السعوديات ليصبحن جزءًا من المشهد العام في الاقتصاد الوطني، ليس كمساهمات فقط، بل كمصممات وصانعات للسياسات والمبادرات. وأدت هذه الإصلاحات إلى ارتفاع كبير في مؤشرات مشاركة المرأة في سوق العمل، إذ تجاوزت نسبة مشاركتها 35% في السنوات الأخيرة، بعد أن كانت لا تتجاوز 19% عند إطلاق الرؤية. كما ساهم دخولها إلى مجالات جديدة مثل التقنية، والهندسة، والطاقة، والقطاع المالي، والمجال العسكري في تعزيز تنويع الاقتصاد الوطني وإثرائه بكفاءات وطنية متميزة. علاوة على ذلك، أثبتت المرأة السعودية حضورها القوي في ريادة الأعمال، إذ سجّلت المشاريع النسائية نموًا متسارعًا على مستوى المملكة، ما يدل على قدرتها على الابتكار وصياغة نماذج أعمال ناجحة ومؤثرة. لم يقتصر دور المرأة في تحقيق الرؤية على المجال الاقتصادي فحسب، بل امتد إلى الثقافة والفنون والرياضة والتعليم، فصارت فاعلة في بناء الوعي المجتمعي، وداعمة للمسؤولية الاجتماعية، ومشاركة في المحافل المحلية والدولية. وقد لعبت دورًا مهمًا في تعزيز قيم الوسطية والانفتاح، وباتت رمزًا للتغيير الإيجابي، والمشاركة في صياغة مجتمع حيوي يقوم على الكفاءة، وتكافؤ الفرص، والنهوض الجماعي. كما أن تمكين المرأة أضحى عاملًا من عوامل التنافسية الدولية للمملكة، وأسهم في تحسين ترتيبها في تقارير ومؤشرات التنمية العالمية، بما في ذلك مؤشرات الابتكار، ومشاركة المرأة الاقتصادية، والمساواة في الأجور. هذا الحضور النشط والمتزايد للمرأة السعودية يعكس بوضوح إرادة سياسية وإدارية قوية تؤمن بأن تنمية المرأة تعني بالضرورة تقدم الوطن. وفي ضوء ما تشهده المملكة من قفزات نوعية في الأصعدة كافة، فإن المرأة ليست فقط مستفيدة من هذه الرؤية، بل هي شريكة في صناعتها، ومفصل محوري في ترجمة مبادئها إلى منجزات واقعية. فهي تساهم اليوم، بكل اقتدار، في بناء مستقبل المملكة المزدهر، وتحقيق التحول الوطني المنشود، ما يجعل من تمكينها والارتقاء بها ركنًا أصيلاً في مسيرة التنمية المستدامة.