عندما يدعم المسؤول الثقافة والمثقفين فذلك إيمان منه بأهميتهما في رفع الوعي وترسيخ الهوية والانتماء، من خلال تعريف المجتمع بقيمه وتراثه، والتي عادة ما يتناولها المثقف في أعماله سواء أدبية أو فنية. رؤية 2030 تسعى إلى جعل الثقافة جزء لا يتجزأ من التنمية الوطنية وتعزيز الهوية وتنمية المجتمع وفتح آفاق جديدة للاقتصاد، ورفع مكانة المملكة على الساحة الدولية، وهذا الوصف يوضح الدور المهم للثقافة ويجعلها من ضمن المرتكزات التي يقوم عليها بناء مجتمع متقدم. بعض المسؤولين مدرك لهذا الدور لذلك تراه يدعم الفعاليات الثقافية ويشجع المبادرات والمهرجات الفنية التي تصب في هذا الاتجاه. أمير منطقة نجران الأمير جلوي بن عبدالعزيز يعد نموذجًا للمسؤول المتفهم لدور الثقافة والداعم الأول للمثقفين والمبدعين في المنطقة. في اجتماعه بسفراء جمعية الادب بالمنطقة تحدث عن دور المثقف وما يعول عليه القيام به في ظل الانفتاح العالمي، ودخول بعض العادات والممارسات التي قد تأثر سلبًا في النشء، وكذلك دوره في التعريف بالقيمة التاريخية والآثار العظيمة الموجودة في وطنه، وذلك العمق الإنساني لهذه البلاد التي قامت عليها حضارات ونزلت فيها رسالات، وأثنى على دور المرأة السعودية بشكل عام والمثقفة بشكل خاص وما ينتظر منها القيام به وهي شريك أساسي في التنمية الثقافية والمجتمعية، وسرد سير نساء سعوديات قدمن إنجازات عالمية، وكن مصدر فخر لوطنهن. وفي لقائه الأخير بالإعلامين عبر الاثنينية التي تعقد كل أسبوع بتوجيهه وحضوره، تحدث مع المثقفين والإعلاميين بقلب الموطن العاشق لوطنه، والمسؤول الذي يحمل مسؤولية عظيمة تتطلب منه يقظة ومتابعة وجهدًا مضاعفًا في العمل. ومع ثقل ذلك الدور الذي يقوم به إلا أن لديه اطلاع واسع يجعله يتفاعل مع أي حدث أو مناسبة تقام، وأغلب الفعاليات المقامة تحت رعايته وبحضوره، ما أعطى أهمية لتلك الفعاليات وخلق بيئة حاضنة للإبداع وداعمة للمواهب. وبعد أن كانت الفعاليات السنوية التي تنظم تعد على الأصابع، أصبح الحراك قويا وتنوعت المهرجانات في أشكالها ومضامينها وكثفت التغطيات الإعلامية لها، وهذا عرف الكثير من المواطنين خارج المنطقة بما تحويه من تباين في التضاريس والمناخ وما فيها من مواقع سياحية وأثرية مهمة كان لها وجود قوي في التاريخ. وكما ذكر الأمير في لقاءاته أنه يكفي نجران فخرًا أن من أبنائها خطيب العرب (قس بن ساعدة الأيادي) والذي وقف على منبر سوق عكاظ يخطب في الناس ببلاغة شهد لها العرب قبل الإسلام يقول مخاطبا الناس في خطبته الخالدة (أما بعد، أيها الناس اسمعوا وعوا وإذا وعيتم فانتفعوا، إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ماهو آت آت)، كلمات تختصر رؤية الحكيم وتأمله في الحياة والموت. نستطيع القول أنه بدعم أمير المنطقة ومن وحي وسياسة الرؤية المباركة ستصبح نجران واحة تزدهر على أرضها الثقافة وتفاخر بين المدن العريقة التي قامت عليها حضارات ما زالت أطلالها ماثلة حتى اليوم، وباهتمام يسير ستكون تلك الآثار من عوامل الجذب السياحي الكبير، خصوصًا للقادمين من خارج المملكة، وبعضهم يرى أن نجران كانت معقل المسيحية الصحيحة حيث كان أغلب سكانها موحدين، وعلى دين النبي عيسى عليه السلام. وليس المجال هنا لذكر الشواهد، ولكن المؤشرات تؤكد أن آثار نجران ستسجل حضورًا قويًا بين جميع المعالم الأثرية في الوطن الغالي.