بينما تمضي المملكة العربية السعودية بخطى واثقة نحو الريادة الصحية، صدر قرار استراتيجي من مجلس شؤون الجامعات يسمح لأعضاء هيئة التدريس من الأطباء بالعمل كمستشارين خارج الجامعة في جهتين كحد أقصى، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، ما دام ذلك في نطاق تخصصهم وبموافقة الجهات المعنية. هذا القرار جاء استجابة لحاجة وطنية ملحة لتفعيل الكفاءات الطبية السعودية وتقليص فترات الانتظار، وتمكين المواطن من الحصول على الخدمة الصحية دون تأخير. ورغم وضوح أهداف القرار وفوائده، برز تيار خفي من بعض الأشخاص الذين يقاومون هذا التحول، متمسكين بعقليات تقليدية تخشى التغيير، دون النظر إلى حجم الفجوة التي يعاني منها المرضى، بخاصة في التخصصات الدقيقة. الأطباء السعوديون اليوم يقدمون مثالاً في الالتزام، إذ يعمل كثير منهم حتى في يوم الجمعة، وهو يوم إجازة رسمية، في المستشفيات الخاصة لخدمة المرضى وتلبية احتياجاتهم الملحة. لكن ما هو أبعد من ذلك، أن هذا القرار يُمهد الطريق لبناء قاعدة صلبة للسياحة الصحية في المملكة. بوجود استشاريين سعوديين مؤهلين، وتوزيعهم بشكل مرن بين القطاعات، تصبح السعودية بيئة جاذبة للمرضى من الخارج، خصوصاً من الدول المجاورة، مما يسهم في تنشيط الاقتصاد ورفع جودة الخدمات. السياحة الصحية لم تعد حلماً بل هدفًا وطنيًا متاحًا بفضل السياسات المرنة وتوفر الكفاءات الطبية. الاقتصاد أيضًا يستفيد من بقاء الإنفاق داخل المملكة، وتحريك العجلة عبر القطاع الصحي الخاص، بدلاً من تسرب الأموال للعلاج في الخارج. هذا كله يصب في رؤية شاملة، تجعل من الطبيب السعودي محورًا فعّالًا في الصحة، والاقتصاد، وحتى في تحسين صورة المملكة عالميًا. النهضة الصحية ماضية، والسعودية اليوم لا تنتظر أحداً... بل تصنع الفرق بكوادرها.