762.5 ألف مكالمة كل ساعة في يوم عرفة    ضيوف الرحمن يرمون جمرة العقبة الكبرى أول أيام التشريق    الأهلي يعلن ضم زيزو من الزمالك في صفقة انتقال حر    روسيا تعلن قتل شخص كان يستعد لشنّ هجوم بمسيّرات على موقع عسكري    أمير حائل يستقبل المهنئين بعيد الأضحى    ولي العهد يستقبل رئيس الوزراء الباكستاني ويستعرضان العلاقات التاريخية وآفاق التعاون الثنائي    الروبوت الجراحي يجري استبدال صمام للقلب بمكة المكرمة    موعد مباراة منتخب السعودية أمام أستراليا    العيد في قرية المدرك.. شغف لا يُغيّره الزمن    الحجاج يؤدون طواف الإفاضة في أجواء إيمانية وخدمات متكاملة    النفط يتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية قوية مع استئناف محادثات التجارة    ضيوف برنامج خادم الحرمين للحج يحطّون رحالهم في مشعر منى لرمي جمرة العقبة    أمير منطقة جازان يعايد الشيخ العامري    "الصحة" تحذر من التعرض للشمس في الفترة ما بين العاشرة صباحًا إلى الرابعة عصرًا    أسباب الإجهاد العضلي في الحج وطرق الوقاية منه    نجاح خطط التصعيد والنفرة وبدء أيام التشريق.. آمنون مطمئنون.. لله خاشعون    "الرياض" يستهل مشواره أمام زيوريخ في بطولة تشيسترز توينز للبولو    تعاون مع مؤسسة سنغافورية.. روشن تعزز الابتكار لمستقبل العقار    اطمئنان على سير العمل في مركز العمليات بمنى    رغم تمزق أوتار القدم.. كشاف يواصل خدمته في موسم الحج بعزيمة لا تعرف الانكسار    "في عيدهم.. كشافو المملكة يكتبون قصة الوفاء لخدمة ضيوف الرحمن"    وسط انسيابية مرورية وعمليات تشغيل متكاملة.. نجاح خطة التفويج إلى عرفات    التقى القيادات الأمنية والعسكرية.. وزير الداخلية: القيادة حريصة على تقديم أرقى الخدمات للحجاج    بيئة متكاملة تساهم في إنجاز التغطيات بأحدث التقنيات.. اختتام «ملتقى إعلام الحج» بحضور 10 آلاف كادر    وزارة الداخلية تختتم مشاركتها في المعرض المصاحب لأعمال ملتقى إعلام الحج    اتفاق لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة وبسط سلطة الدولة    بعد تراجع هجمات الحوثيين.. الملاحة تعود تدريجياً للبحر الأحمر    "المطبات" الهوائية تصيب ركاب طائرة ألمانية    نائب أمير تبوك يهني القيادة الرشيدة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    15.6 مليار ريال تسوق ببطاقات الدفع    الملك سلمان: نسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجهم وأن يحمل عيد الأضحى الخير والسلام للعالم    سمو أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه يستقبلان المهنئين بعيد الأضحى المبارك    أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه يؤديان صلاة عيد الأضحى بجامع خادم الحرمين الشريفين بالدمام    الذهب يتجه لمكاسب أسبوعية بفضل بيانات أمريكية ضعيفة وتراجع الدولار    الحجيج يتوافدون لرمي جمرة العقبة في أول أيام عيد الأضحى    رصد حالات إجهاد حراري في عرفة.. وتحذير من التعرض للشمس    نيابة عن الملك.. ولي العهد يصل إلى منى للإشراف على راحة الحجاج    وزير الداخلية: القيادة تقدم أرقى الخدمات للحجاج    96.12 % من عمليات البحث عن السفر خلال عيد الاضحى تركز على الوجهات العالمية    وزير الداخلية يتفقد قوات الأمن الخاصة برئاسة أمن الدولة المشاركة في الحج    خلاف واتهامات بين ترمب وماسك.. ماذا يحدث في البيت الأبيض؟    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الألماني والأمين العام للأمم المتحدة التطورات الإقليمية والدولية    21.5 % من السعوديين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي    العناية الفائقة    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    الزمالك يتوج بطلًا لكأس مصر 2025    ريال مدريد يضم جوهرة الأرجنتين    «سلمان للإغاثة» يوزّع 1.150 سلة غذائية في محلية كرري بولاية الخرطوم في السودان    صندوق الاستثمارات العامة والاتحاد الدولي لكرة القدم يوقعان شراكة ضمن بطولة كأس العالم للأندية FIFA 2025™    المملكة تدشن توزيع كسوة عيد الأضحى في حضرموت لعام 1446ه    الولايات المتحدة تستخدم «الفيتو» ضدّ مشروع وقف إطلاق النار في غزة    وأذن في الناس بالحج    المسرح وإشكالية التواصل!    وزير الإعلام يُدشّن منصة الصور السعودية للعالم    الصحة: رصد حالات إجهاد حراري في يوم عرفة وتحذر من التعرض للشمس حتى ال 4 عصرًا    الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة    "اعتدال": الوئام الوطني درع ضد التطرف وخطابه الهدام    حلل يصف الحج شعراً بثلوثية الحميد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد الحوكمي
نشر في الوطن يوم 01 - 06 - 2025

لم يعد يكفي أن ينمو الاقتصاد؛ بل يجب أن ينمو بوعي. في زمن تتداخل فيه المصالح وتتسارع حركة رأس المال، لم تعد الأرقام وحدها كافية لقياس النجاح. ظهرت الحاجة إلى ما يمكن تسميته بالاقتصاد الحوكمي، وهو اقتصاد لا يكتفي بالإنتاج والاستهلاك، بل يدار بمنطق الشفافية، ويراقب بمنهجية المساءلة، ويعاد تشكيله بروح العدالة.
لسنوات، تركت بعض الحكومات الأسواق تعمل وفق منطق «دعه يعمل، دعه يمر»، متنازلة عن دورها التنظيمي والرقابي. غير أن الأزمات التي عصفت بالعالم، من أزمة الرهن العقاري في 2008 إلى التقلبات الحادة في سوق العملات الرقمية، أثبتت أن السوق، حين يترك دون حوكمة، لا يتحول إلى فضاء حر، بل إلى ساحة فوضى مقنعة.
لم يعد النقاش اليوم يدور حول ما إذا كان علينا أن نحكم الاقتصاد، بل كيف نحكمه، وبأي أدوات، ووفق أي معايير. الاقتصاد الحوكمي في جوهره هو إعادة الاعتبار لمبادئ الحكم الرشيد داخل المجال الاقتصادي: الشفافية، المحاسبة، سيادة القانون، التوازن المؤسسي، والاستجابة للمجتمع. هو ليس مجرد تقنين للقرارات ولا هندسة للإجراءات، بل بناء ثقافة مؤسساتية تحول الحوكمة من نصوص إلى ممارسات، ومن شعارات إلى بنى راسخة. هو انتقال من اقتصاد الأرقام إلى اقتصاد السلوك، ومن المركزية العمياء إلى التوزيع الواعي للمسؤولية.
هذه ليست مفاهيم نظرية، فالتجارب الدولية اليوم تقدم نماذج حية لإدراك معنى الحوكمة في المجال الاقتصادي. سنغافورة مثلا لم تحقق نجاحها لأنها غنية بالموارد، بل لأنها حولت جهازها الحكومي إلى نموذج في الكفاءة. اعتمدت على شفافية شديدة في إدارة الميزانيات، وربطت الأداء بالمحاسبة، حتى صارت من أقل الدول فسادا وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية عام 2023.
أما كندا، فقدمت نموذجا متطورا للحوكمة من خلال إنشاء مكتب مستقل للميزانية الفيدرالية يرفع تقاريره مباشرة إلى البرلمان دون تدخل من السلطة التنفيذية. هذا الشكل من الرقابة عزز ثقة المواطن بصحة الأرقام، وخلق توازنا بين السلطة والشفافية، كما ورد في تقارير OECD الحديثة.
وفي ألمانيا، كانت الحوكمة الاقتصادية حاضرة بشكل دقيق في دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث وفرت الدولة بيئة قانونية مستقرة لهذه المؤسسات، لكنها في الوقت نفسه فرضت قواعد صارمة على مجالس إدارات الشركات، وربطت الامتيازات الضريبية بمستوى الالتزام البيئي والاجتماعي، كما أشارت المفوضية الأوروبية في تقرير SME Performance Review لعام 2023.
أما السعودية، فقد اتجهت بقوة خلال الأعوام الماضية نحو تكريس نموذجها الخاص في الاقتصاد الحوكمي. في ظل رؤية 2030، لم تعد الحوكمة مجرد خيار إداري، بل أصبحت مسارا إستراتيجيا. تأسست مؤسسات رقابية جديدة، كالمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، وتم تطوير معايير واضحة لحوكمة الشركات الحكومية ومؤسسات القطاع الثالث، مع خطوات لرفع الشفافية المالية وإتاحة ميزانيات الدولة للجمهور.
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في تأسيس الأطر، بل في تفعيلها. إذ لا معنى لحوكمة لا تمارس، ولا جدوى من نصوص لا تسري في روح المؤسسة. التحدي هو أن نحكم الحوكمة نفسها، أن نمنع تحولها إلى روتين بيروقراطي أو قشرة تجميلية، وأن نضمن أن تصبح ثقافة مؤسسية حية تنعكس في كل قرار، وفي كل إجراء، وفي كل علاقة بين المواطن والمؤسسة.
الاقتصاد الحوكمي لا يعني تدخل الدولة المفرط، ولا خنق السوق. بل يعني أن كل قرار اقتصادي، سواء من حكومة أو من شركة، يجب أن يسأل: من اتخذه؟ ولماذا؟ وكيف؟ ولصالح من؟ إنه انتقال من منطق الربح أولا إلى منطق الاستدامة أولا، ومن منطق الكمية إلى منطق الجودة، ومن اقتصاد يدور حول النمو، إلى اقتصاد يدور حول الإنسان.
فكما أن الدول لا تبنى على النفط وحده، فإن الاقتصاد لا يقوم على الأرباح فقط. ما يحتاجه العالم اليوم، خاصة في لحظاته المتأرجحة، هو نظام يدير المال بقيم، ويراقب النفوذ بعين القانون، ويمنح الثقة دون أن يفقد السيطرة. هذا هو الاقتصاد الذي لا يسقط مع أول أزمة لأنه بني على أساس لا تهزه الأرقام، بل تثبته المبادئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.