في زمنٍ تطوى فيه المسافات بين الثقافات، أصبحت اللغة الإنجليزية جسراً يعبر عليه الأطفال إلى عوالم أوسع، نجد أنفسنا أمام مفارقة عجيبة. فبينما نسعى جاهدين لتمكين أبنائنا من هذه اللغة العالمية، نقدمها لهم وكأنها دواء مر المذاق، لا كنزهة ممتعة في حديقة المعرفة. تتعامل معظم مناهجنا مع عقل الطفل كإناء فارغ، يجب حشوه بالمفردات والقواعد النحوية. لكن الحقيقة أن الطفل الصغير يشبه ك بذرة تحتاج إلى تربة خصبة وبيئة مشجعة لتنمو. فكيف نطلب من طفل في الثامنة من عمره أن يفهم تصريف الأفعال في الزمن الماضي البسيط، وهو لم يدرس بعد قواعد لغته الأم؟ وكيف نتوقع منه استيعاب تراكيب جمل معقدة، بينما لا يزال يتعلم بناء جملة بسيطة بلغته الأصلية ؟ اللغة ليست مجرد كلمات وحروف، بل هي نافذة تطل على عالم آخر. عندما نعلم الطفل الإنجليزية، نقدم له ليس فقط وسيلة تواصل جديدة، بل نعرفه على طريقة مختلفة لرؤية العالم. لكننا للأسف نغفل هذه الحقيقة، فنحشو كتبنا بنصوص ميتة، ونحول اللغة إلى مجموعة من القواعد الجافة. الترجمة.. فن ضائع كم مرة نجد في كتبنا كلمة إنجليزية مكتوبة بخط عادي، دون أي إشارة قد تحمل معاني متعددة؟.. الركض أو «run» فمثلا كلمة إدارة مشروع، أو حتى جريان النهرأو السعر أو التكلفة.. لكننا نقدمها للطفل وكأنها تحمل معن واحدًا ثابتًا. لماذا لا نلون هذه الكلمات بلون خاص؟ لماذا لا نترك في هوامش الصفحات مساحة لمعانيها المختلفة، مع أمثلة حية من الحياة اليومية؟ فعندما يجبر الأطفال غير الناطقين بإنجليزية على التعلم بطرق وأساليب الناطقين الأصليين نفسها، فإننا نرتكب خطأ فادحًا صعب الإصلاح. فهذه الممارسة أشبة بإلقاء طفل لا يعرف السباحة في مياة عميقة ثم نطلب من أن يسبح مثل الآخرين المحترفين!