منذ أن أطلت علينا رؤية المملكة 2030 ونحن نقفز بل ونحلق في سماء عالية موازين، وأحياناً متجاوزين، الكثير من الدول المشهود لها بالتطور التقني والعلمي، والتي سبقتنا بمسافات بعيدة في وقت مضى، لكن الرؤية جعلتنا في مقدمة الأمم، بفضل من الله تعالى، ثم سداد الرأي ودقة النظر لدى قيادتنا الرشيدة ممثلة في والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ونجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والنخبة العاملة معهما في السعي الحثيث لتحقيق الأهداف العملاقة التي تستهدفها الرؤية المباركة، تلك الرؤية التي سبقت زمانها، وانطلقت ترسم الطريق أمام وطننا العظيم بريشة فنان مبدع وقائد ملهم هو هذا الشاب الطموح جداً والواثق جداً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. إن المراقب للحياة اليومية والتعاملات الخدمية المتنوعة في وطننا الكريم يلاحظ مدى التيسير الكبير في الإجراءات الرقمية، حيث يستطيع طالب الخدمة اليوم قضاء معظم معاملاته من هاتفه النقال أو حاسوبه الشخصي سواء في التعاملات القضائية، أو الخدمية أو ما يتعلق بنظام الأسرة، أو خدمات البيع والشراء في العقار، أو السلع التجارية الأخرى، أو المصارف المالية، أو ما يتعلق بالجانب الأمني بأنواعه حتى المدارس والمعاهد والجامعات والوظائف ووسائل النقل، بل تستطيع أن تجزم أن كل ما تفكر فيه أصبح في متناول يد المواطن والمقيم وبشكل احترافي وجودة عالية، مما اختصر سنوات طويلة كنا ننتظر أن نصل إلى بعض ما وصل إليه الآخرون. لكننا اليوم، بفضل الله، تجاوزنا الكثير غيرنا وأصبحت عملية الانتظار في طوابير الخدمة من الماضي، وأصبحت المواعيد البعيدة من الماضي، وأصبح تراكم المعاملات في المكاتب من الماضي، مما يبشر بمستقبل واعد لهذا البلد المعطاء الجدير بكل هذا وأكثر من هذا. فلم يكن وطننا يوماً إلا داعماً للتقدم والحضارة، وعوناً على السلام والأمان، وسداً منيعاً ضد الفساد والظلم، وكم له من الأيادي البيضاء مع دول العالم الشقيقة والصديقة بل حتى العدوة، فإنسانية المملكة تجاوزت كل المقاييس، ولذلك أكرمها الله بقيادة رشيدة وشعب وفي واقتصاد متوازن وخيرات مباركة ساهمت في رقيها وتقدمها حتى باتت دولة عظمى في مصاف الدول المتقدمة علمياً واقتصادياً وثقافياً. وهي اليوم تمتلك ثروة عظيمة تسكن في صدور أبنائها الأوفياء، الذين أثبتوا وجودهم في كل الأصعدة والمجالات، وها هم اليوم يسجلون حضورهم في أرقى الجامعات وأفضل المصانع وأجود المحطات، وباتوا يتعاملون بالتقنية على مختلف أعمارهم وأجناسهم صغاراً وكباراً رجالاً ونساءً، لقد أضحت حياتنا الرقمية مثالاً يحتذى في التقدم الحضاري السريع والسبق العلمي الرصين، وهو الشيء الذي لم يأت من فراغ ولا من قبيل الصدفة ولا الإدعاء، بل هو حقيقة ماثلة للعيان ويشهد به كل من تعامل به من مواطنين ومقيمين وزوار وسياح، وهو الذي بات مضرب المثل في الكثير من دول العالم. ولا أدل على ذلك من وقائع مؤتمر الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي الذي يعقد هذه الأيام في الرياض، ويشهد توقيع أكثر من مائتين وخمسين شركة عالمية رائدة، كلها تنصب أنظارها صوب التعامل مع المملكة التي تسعى لتكون مزود الخدمة الرقمية الأولى عالمياً، وهو الشيء الذي وعدت به الرؤيا منذ بواكير انطلاقتها الراشدة. إننا اليوم نمتلك وطناً جديراً بالفخر والاعتزاز في كل تفاصيله، ابتداء بأصولنا ومبادئنا القائمة على الدين الإسلامي الحنيف وسنة نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم، وانتهاءً بما بلغناه من علم ومعرفة وتقنية وتطور وحضارة. فالحمد لله أولاً وآخراً، على ما أنعم به علينا من نعمة الدين والسلام والأمان، ونعمة العلم والمعرفة والحضارة، ونسأله تعالى أن يحفظ قيادتنا ويسدد خطاها ويدلها على الصواب، ويجزل لها الثواب، إنه ولي ذلك والقادر عليه.