في الوقت الذي فشلت فيه حكومة حزب الله في تقديم حلول للأزمة الاقتصادية والسياسية بالبلاد، عاد اللبنانيون إلى الشوارع مجدداً، غير آبهين بإجراءات منع التجوال التي فرضها فيروس كورونا المستجد، مع بلوغ الأزمة الاقتصادية في البلاد طريقاً مسدوداً ومعاناة المواطنين من موجة غلاء غير مسبوقة، فيما اندلعت اشتباكات عنيفة، أمس، في طرابلس شمال لبنان بين محتجين وقوات الأمن في أول تظاهرات بعد أزمة كورونا. إحراق مصارف أحرق المتظاهرون 3 مصارف في طرابلس، فيما أعلنت قوات الأمن عن إصابة العديد من رجالها في الاشتباكات التي شهدت قطع طرق ومواجهات عنيفة بين الطرفين، في حين وقعت مواجهات ليلية بين المتظاهرين والجيش في طرابلس شمال البلاد أقدم خلالها شبان على تحطيم واجهات مصارف، وتسبّبت بمقتل شاب، أمس، متأثراً بجروحه، بينما أصيب عشرون آخرون. سقوط محتج أصدرت قيادة الجيش بيانا، أمس، أعربت فيه عن «بالغ أسفها لسقوط شهيد خلال الاحتجاجات» مؤكدة «أنها فتحت تحقيقا بالحادث»، بينما جددت «تأكيدها احترام حق التعبير عن الرأي شرط ألا يأخذ التحرك منحى تخريبيا يطال المؤسسات العامة والخاصة»، مع دعوة «المواطنين للالتزام بالإجراءات الأمنية». تأتي التحركات في خضم انهيار اقتصادي بدأت ملامحه منذ العام الماضي، دفع بمئات آلاف اللبنانيين إلى الشوارع بشكل غير مسبوق في أكتوبر ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد وفشلها في تحسين الوضع الاقتصادي، وأطاحت التظاهرات الحكومة السابقة، فيما لم تتمكن الحكومة الجديدة منذ مطلع العام من اتخاذ أي إجراء يخفّف من معاناة المواطنين. غلاء وبطالة يشكو مواطنون من عدم قدرتهم على تحضير مائدة الإفطار جراء الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية، فيما عمد شبان إلى تحطيم واجهات أحد المصارف قبل إضرام النار فيه وانطلاق صافرة الإنذار. قطع عشرات المتظاهرين طرقاً عدة في البلاد في الليلتين الأخيرتين، كما نظموا تحركات احتجاجية أمام عدد من المصارف، فيما أوردت الوكالة الوطنية للإعلام أن عدداً من الشبان رموا عبوات حارقة على واجهة أحد المصارف في محلة رأس النبع فجراً في بيروت، وعمل الجيش على فتح الطرق مما أوقع 14 إصابة أخرى في صفوفه وأوقف أربعة متظاهرين. القدرة الشرائية انعكست الأزمة إلى حد كبير على القدرة الشرائية للمواطنين، وتضاعفت أسعار الخضر، فيما قدّر وزير الاقتصاد راوول نعمة نسبة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية ب55 %. بحسب تقديرات رسمية، يرزح 45 % من اللبنانيين حالياً تحت خط الفقر، وخسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية، فيما أقفلت مجمعات تجارية وفنادق عريقة وشركات صغيرة ومتوسطة أبوابها. فشل الحكومة منذ توليها مهامها مطلع العام، أعلنت حكومة الاختصاصيين التي شكلها حسان دياب خلفاً لسعد الحريري، أنها ستنكبّ على وضع خطة إنقاذية للنهوض بالاقتصاد وإجراء إصلاحات ملحة، وعلى إعادة هيكلة الدين، من دون أن تُقدم بعد على أي إجراء عملي وسط تفاعل أزمة السيولة وشح الدولار. يقول الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي سامي نادر: «حتى الآن، لم تفعل الحكومة شيئاً باستثناء تعليق دفع سندات اليوروبوند لم تتخذ أي إجراء باتجاه الإصلاح»، ويرى أن الحكومة، التي هاجم رئيسها، الجمعة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بشدة محملاً إياه مسؤولية التدهور السريع في سعر الصرف، «تطرح مقاربة غير متوازنة بتركيزها على الموضوع النقدي والمصرفي، وهو ضروري جداً، لكن من دون إغفال أو القفز فوق الإصلاحات في الكهرباء والقطاعات المنتجة والمرفأ». لماذا عاد اللبنانيون مجدداً إلى الشارع؟ فشل حكومة دياب في فعل أي شيء بلوغ الأزمة الاقتصادية طريقاً مسدوداً موجة الغلاء وزيادة معاناة المواطنين تدهور مريع وسريع في سعر الصرف