مركز البنية التحتية: بدء عودة الاتصالات والإنترنت لأحياء الرياض المتأثرة    فرنسا تهزم أذربيجان بثلاثية في تصفيات كأس العالم    ألمانيا تكتسح لوكسمبورج برباعية في تصفيات مونديال 2026    المنتخب السعودي يواصل استعداده للقاء العراق ضمن ملحق تصفيات كأس العالم    المملكة تستضيف المجموعة (B) من تصفيات كأس آسيا للناشئات تحت (17) عامًا 2026    تراجع أسعار النفط بأكثر من 3.82%    19 مفقودا إثر انفجار في مصنع للمتفجرات بالولايات المتحدة    الاتفاق يفوز وديًا تحضيرًا لمواجهة الهلال    زلزال بقوة 7,4 درجات يوقع سبعة قتلى في جنوب الفلبين    إحباط تهريب (14) كجم "حشيش" و (58,950) قرصًا خاضعًا لتنظيم التداول الطبي في جازان    أمانة جازان تواصل تنفيذ مبادرة "جازان الخضراء" لتعزيز الوعي البيئي    إيليت العلا يرسم خارطة طريق لتمكين الشراكات باستثمارات تتجاوز 15 مليار ريال    جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بمحافظة بيش تكرم الطلاب والدعاة وتحتفي بالمسلمين الجدد    الإبل في جازان.. إرث أصيل وثروة وطنية متجددة    بيلينغهام يتحدث بصراحة عن معاناته النفسية    جمعية ضياء بعسير تحتفل باختتام دورة الحاسب الآلي للمكفوفين    الهيئة الملكية بينبع تنظّم مهرجان الفن الجرافيتي    بلدية صبيا تواصل أعمال صيانة وتأهيل الأرصفة لتحسين البنية التحتية ورفع مستوى السلامة    الشؤون الإسلامية في جازان تقيم معرضاً للصحة النفسية والأداء الوظيفي تزامنا مع يوم الصحة النفسية العالمي    انطلاق مواجهات ربع نهائي كأس الاتحاد السعودي لكرة الطائرة غداً في القطيف    محمد بن عبدات يكتب..بعيدًا عن الرياضة حفظ الله بلاد الحرمين من كل حاسد    الذهب يوقف مكاسبه القياسية ويتطلع لتحقيق مكاسب أسبوعية ثامنة    إمام الحرم المكي يدعو إلى ترك ما لا يعني المرء وصون اللسان عن الخوض في غير تخصصه    إمام المسجد النبوي يحذر من الإصرار على الذنوب ويدعو إلى دوام التوبة والاستغفار    الحرف اليدوية تجذب زوار معرض الرياض الدولي للكتاب    مفردات من قلب الجنوب 25    الدفاع المدني في غزة يفيد بانسحاب القوات الإسرائيلية من عدة مناطق    محافظ الطائف يقدم التعازي لأسرة الزهراني    مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري يحتفي بيوم المعلم بالشراكة مع إدارة التعليم بالحدود الشمالية    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير إدارة الدفاع المدني بالمحافظة    جمعية القلب السعودية تطلق تطبيق "مُنقذ" وتفتتح مؤتمرها السنوي ال36    كشافة تعليم جازان تشارك في منافسات "رسل السلام للتميز الكشفي" بالطائف    معرض "الباسقات" في إثراء يحتفي بتاريخ النخلة بوصفها رمزًا عالميًا    مركز الملك سلمان للإغاثة يمنح "سلال الغذائية" شهادة الموافقة الأولية للعمل خارج المملكة،    إصدارات "الملوك" توثق مسيرة القيادة السعودية    نائب أمير المنطقة الشرقية يقدم التعازي لأسرة الرميح    بدء موسم "الثروي" في منطقة الحدود الشمالية    "شؤون الحرمين" تستعرض ابتكاراتها في خدمة ضيوف الرحمن    الأسهم الأمريكية تغلق على انخفاض    نتائج مباريات تصفيات كأس العالم 2026    روسيا مشتتة بين ضبط أسلحتها النووية وتطوير سو - 57    إغلاق عدد من "اللاونجات" في عسير لمخالفتها الذوق العام    معرض الجامعات الأمريكية يزور 3 مدن سعودية لتعزيز فرص الدراسة في الولايات المتحدة    وزير الصحة يتفقد مجموعة من المشاريع الصحية في جازان    عروض أدائية تثري فعاليات معرض الرياض للكتاب    أمير منطقة جازان يستقبل وزير الصحة    بدء أعمال الصيانة بجسر طريق الملك فهد تقاطع الشارع العاشر السبت المقبل    الكلية التقنية التطبيقية بالرياض تقيم معرضًا توعويًا بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية    السعودية ترحب باتفاق غزة والبدء في تنفيذ مقترح ترمب    مع تصاعد حرب المسيرات بين روسيا وأوكرانيا.. أوروبا تحذر من «نزاع هجين»    السعودية تدين اقتحام إسرائيليين باحات الأقصى.. ارتفاع قتلى غزة وتحذير من انهيار النظام الصحي    أكد دعم مصر للمفاوضات.. السيسي يدعو ترمب لحضور توقيع اتفاق غزة    اكتشاف ارتباط بين اضطراب التوحد وصحة الأمعاء    نوبل تحتفي بنا    الأهالي يعبّرون عن امتنانهم للأستاذ سعيد بن صالح القحطاني: كفيت ووفيت    مكارم الأخلاق.. جوهر الإنسانية المتألقة!    حدثوا أبناءكم وذكروهم    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاكتئاب ذاك القاتل الصامت
نشر في الوطن يوم 06 - 10 - 2019

تقول إحدى السيدات ممّن كنّ يعانين الاكتئاب: «أتذكّر النظر إلى الطبيبة التي كانت صديقة لي في طفولتي، أناشدها بصمت أن تسألني عن حالي، ثم حينها يمكن أن أحدّثها، أن أخبرها أنني أشعر بالحزن والارتباك، وليس لديّ أي دافعية إلى الحياة.
نعم، أخبرها ومن ثَمّ ربما تساعدني، لكنني تجمّدت، لم تبدأ هي، ولم أبدأ أنا!.
لقد كانت لديّ طفلة جميلة، سعيدة وبصحة جيدة، لماذا إذًا تنتابني هذه المشاعر؟! الخزي والارتباك والظلام والضبابية استقرت في ذهني، ودفعتني إلى الصمت!.
من الخارج، كنت أتصرف كأم متمكّنة، لكن من الداخل كنت أواصل التدهور شيئًا فشيئًا! لم أقل أيّ شيء للطبيبة في ذلك اليوم، وخرجت من العيادة وأنا أشعر بأنني أسوأ ممّا كنت عليه عندما دخلت، كان الاكتئاب قد تعمّق لأنني عزلت نفسي عن الآخرين، ولم أجد لديّ الشجاعة الكافية للتحدث. لقد استفاد العدو من هذا الشّق، وقادني إلى مكان الخزي، معتقدة بأن ألمي كان من خطئي، ولا بد أن العيب بطريقة ما أو بأخرى.. منّي»!
علينا أن نفرّق بين الحزن والاكتئاب. فالحزن يشبه إلى حد ما نزْلَة برْد قد تزول مع الصبر وبعض الأدوية، لكن الاكتئاب يشبه السرطان، إن لم يُتنبّه إليه فقد يأكل الفرد من الداخل حتى يقضي عليه!.
أحيانا، نجد أن أولئك الذين يضحكون بأعلى الأصوات ليسو إلا محاولين محاولات بائسة لإغراق أحزان في دواخلهم، فهذا القاتل لا يظهر كما تظهر الأمراض الجسدية، والمعاناة كلها تدور داخليا، ولهذا يظن الذين ليسوا على فهم بماهية الاكتئاب أو الأمراض العقلية عموما، أن الشخص يبالغ في ردة فعله نحو الحزن أو الصدمة أو الخوف!، ولهذا يتسلّل هذا القاتل الصامت ليقضي على الضحية دون أن يلاحظ الذين من حوله إلا بعد فوات الأوان!.
وعليه، يجب أن نعلم أن الاكتئاب ليس علامة ضعف، إنه مرض. فهل تسمّي شخصا أصيب بمرض عضال ضعيفا؟!
إن من يصاب بهذا المرض يخوض معركة شرسة مع ذاته كل يوم، وفي كل لحظة، وفي كل دقيقة!.
الانتحار الناتج عن حالات الاكتئاب الشديدة «الاكتئاب السريري» هو أسوأ سيناريو لمن يعاني منه!. يجنح الناس إلى إلقاء اللوم على الفرد، على ضعف إيمانه. على الأسرة، قصور في التربية أو إهمال. على محيطه؛ تجاهل لعلامات واضحة بأن هناك مشكلة. لكن موته لم يكن خطأه، وغالبا ما لم يكن بسبب مَن حوله، لقد كان يعاني مرضا شرسا لا يرحم!، وبدلا من تضييع الوقت في قذف أسهم الاتهامات يَمْنَة ويَسْرَة، يجب أن نحاول أن نفهم أين كانت الحلقة المفقودة في الأمر من أصله، وعلامَ نعتقد أنها كانت في الجهل أو لنقل في انعدام المعرفة بماهية هذا المرض الخطير وكيفية التعامل معه، بدءا من الأسرة وانتهاء بالمجتمع المحيط.
الأفكار المتكررة عن الانتحار أو إيذاء الذات هي من أعراض الاكتئاب الشائعة، فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك، فلا تنتظر حتى يفوت الأوان، بل سارع إلى طلب المساعدة، وإن كنت تعرف شخصا لديه مثل هذه الأفكار، فاحرص على أن تجد له المساعدة الملائمة، كيف؟ بالتعرف على الأعراض الشائعة، مثل الضعف في الأداء، والارتفاع في معدلات التغيّب عن العمل أو الدراسة، تكرار أو استمرار مشاعر الحزن، التعب، مشاعر بعدم القيمة، الشعور بالذنب، صعوبة التركيز واتخاذ القرارات، تغيُّر في الشهيّة، واضطراب النوم، وزيادة الوزن أو فقدانه، تحدّث إليه، حاوِرْه وأَصغِ دون حكم أو لوم، وحاول أن تساعده في إيجاد المتخصّص الذي يمكن أن يلجأ إليه ليقدّم له الإرشادات والأدوية اللازمة، إن احتاج الأمر، فالاكتئاب ليس حالة يمكن أن تنهيها بكبسة زر!، ولهذا لا تحاول أن تنصح المصاب بأن يتشجع ويقوي عزيمته ويمتص تلك المشاعر!.
طرق العلاج كثيرة، المهم أن يعترف الفرد بما يواجه، ومن ثَّم يتخذ الخطوات الأولى في طلب المساعدة، فهذا المرض ليس وصمة عار، وليس هناك حاجة إلى الاختباء أو التستر، وإن تناوُل الأدوية ومراجعة المتخصصين ليس ضعفا، بل هي علامة على الاستعداد للتّحسن، إنه علامة قوية على أن المريض على استعداد للاعتراف بالضعف. نعم، إن فتح ما يجول في دواخلنا للآخَر قد يكون أمرا صعبا على البعض، ولكنه الشيء الصحيح الذي يجب أن نقوم به، فلا حرج في المكافحة من أجل سلامة العقل.
الاكتئاب هو شبح مظلم يظهر في أي وقت ودون سابق إنذار، وكلما أسرعنا في إدراك ذلك كان من السهل علينا تقديم المساعدة لأولئك الذين يعانون هذا المرض.
لنحاول أن نتفهم ذاك السواد، ذاك الظلام الدامس الذي يُثقل الروح، ويدفعها إلى الخمول واليأس والشعور بالوحدة، وفي أسوأ الحالات إلى الانتحار، لنكن موجودين لنشعرهم بالأمان كلما خرجوا من تلك الظلمات والتخبطات وتحدثوا إلينا.
نعم، إنه من الصعب أن تكون صديقا لشخص يعاني الاكتئاب، ولكن ما تفعله هو من أنبل السلوكيات وأرقاها وأطيبها، والتي يمكن أن تقوم بها نحو إنسان آخر، فما يحتاجه هو التعاطف واللطف والدعم. هو شخص يلازمه خلال تلك الأوقات العصيبة، قد لا يكون العلاج الكامل أو النهائي، ولكن قد يقودهم إلى الاتجاه الصحيح في عملية العلاج.
مَن منّا لا يمرّ بحالات حزن، أو ربما يصل إلى درجة الاكتئاب البسيط، أليس من الواجب علينا كأفراد في هذا المجتمع الإسلامي، في هذا المجتمع العالمي الإنساني، أن نتعامل مع الجميع باللطف والاحترام والتفاهم والمحبة؟!
لنمدّ أيدينا إلى غيرنا دون حكم، لنشعرهم بأن هناك من يهتم بهم، وأنهم ليسوا وحدهم. مجرد حب وعطف، شخص واحد هو كل ما نحتاجه لإنقاذ حياة إنسان. فكن أنت هذا الشخص، وكن أنت ذاك القلب النابض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.