أمير منطقة الرياض يستقبل مدير عام قناة الإخبارية    دافوس في الصحراء.. الرياض محور الاقتصاد العالمي    أمير جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية بالمنطقة    الأفواج الأمنية بجازان تقبض على مخالف لنظام أمن الحدود لتهريبه 84 كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    رئيس جمهورية رواندا يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    ترمب ينتقد رئيس البنك المركزي مجددًا في تأخيره خفض الفائدة    مدير تعليم الشرقية وأمين "موهبة" يطلعون على مشاريع "معرض إبداع الشرقية 2026"    المنكوتة والمعيني ينثران قصائدهم في سماء جدة    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية التركية بذكرى يوم الجمهورية لبلاده    عطارد يزين الليلة سماء السعودية    العويران: نصف الرياضيين يعزفون عن الزواج.. "يبحثون عن الحرية بعيدًا عن المسؤوليات"    في "ملهم".. مركز التميّز للعيون يروي قصة تكامل يقودها تجمع الرياض الصحي الأول    نائب الرئيس التنفيذي للتخصصي: وضوح الاتجاه الإستراتيجي ركيزة أساسية لنجاح التحول الصحي    روائع الأوركسترا السعودية تعود إلى الرياض في نوفمبر    بإشراف وزارة الطاقة ..السعودية للكهرباء و إي دي إف باور سلوشنز تفوزان بمشروع صامطة للطاقة الشمسية    الإحصاء: الإيرادات التشغيلية في قطاع الأعمال تنمو بنسبة 3.9% خلال 2024م    ارتفاع الوفيات المرتبطة بالحرارة عالميا 23٪ منذ التسعينيات    أوكرانيا تستهدف موسكو بمسيرات لليلة الثالثة    ترامب: إنجاز اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية "قريب جدا"    استعرض معهما العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.. الرئيس السوري يبحث مع وزيري الداخلية والخارجية تعزيز التعاون    تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بما يخدم المصالح المشتركة.. إطلاق تعاون اقتصادي بين السعودية وباكستان    الاحتلال يشن غارة جوية على الضفة الغربية    أكد أن الاتفاق مع باكستان امتداد لترسيخ العلاقات الأخوية.. مجلس الوزراء: مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار يدفع نحو التنمية والازدهار    بدء التقديم على برنامج ابتعاث لتدريس اللغة الصينية    التعلم وأزمة المعايير الجاهزة    إدانة دولية لقتل المدنيين.. مجلس السيادة السوداني: سقوط الفاشر لا يعني النهاية    مزايا الأمن السيبراني بالعالم الرقمي    أطلقها نائب وزير البيئة لدعم الابتكار.. 10 آلاف مصدر علمي بمنصة «نبراس»    الإعلام السياحي على مجهر «ملتقى المبدعين»    «من أول وجديد» 15 حلقة    تحاكي الواقع وتقيس الكفاءة والدقة.. مسابقات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ.. إثارة وتشويق    الاتحاد يقصي النصر من كأس خادم الحرمين الشريفين    تبوك تستعد للأمطار بفرضيات لمخاطر السيول    المناطيد تكشف أسرار العلا    سعود بن بندر يطلع على أعمال "آفاق"    تعزيز العلاقات التركية - السعودية وسط الفرص والتحديات    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    بنزيما: الاتحاد أظهر رغبته في الفوز على النصر منذ البداية    صحة المرأة بين الوعي والموروثات الثقافية    الهلال يكسب الأخدود ويبلغ ربع نهائي كأس الملك    أجور الحدادين والرمل والأسمنت ترفع تكاليف البناء    فترة الإنذار يالضمان الاجتماعي    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    فيصل المحمدي من بيت امتلأ بالصور إلى قلب يسكنه التصوير    ولادة توأم من بويضات متجمدة    العلماء يحذرون من الموز في العصائر    54 مليون قاصد للحرمين خلال شهر    أمير منطقة جازان ونائبه يقدمان واجب العزاء للدكتور حسن الحازمي في وفاة نجله    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليج يتجه شرقاً نحو «آسيان»
نشر في الوكاد يوم 03 - 06 - 2025

دو الصورة في كوالالمبور، حيث انعقدت القمة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان»، مُحمّلةً بالرمزية والتطلّعات نحو مستقبل اقتصادي مُشترك ومترابط، يعيد صياغة معادلة جديدة للشراكات العالمية في عصر التحولات الكبرى. في هذه المرحلة لم تعد التحالفات التقليدية كافية لتأمين سلاسل الإمداد وتعزيز النمو الاقتصادي، بل باتت الشراكات المتجددة القائمة على مصالح اقتصادية استراتيجية هي الحل الأقدر على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.
هذا ما أدركته بوضوح دول الخليج و«آسيان» خلال قمتهما في العاصمة الماليزية كوالالمبور، بعدما استشعرت المنطقتان ضرورة تنويع شراكاتهما وإيجاد بدائل لسلاسل الإمداد التقليدية، التي شهدت هزات اقتصادية عديدة خلال السنوات الماضية. لقد مثّلت تلك القمة إشارة قوية إلى رغبة الطرفين في إعادة هيكلة تعاونهما الاقتصادي وتوسيعه في مجالات لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي سابقاً.
منذ القمة الأولى التي عُقدت في الرياض في أكتوبر 2023، برزت بوضوح الأهداف التي يسعى إليها الجانبان، خاصة في ما يتعلق بتعزيز تكامل الأسواق الإقليمية، وتحقيق الاستدامة البيئية، وخفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز التحول الرقمي والشمولية الاقتصادية التي تشمل الشركات الصغيرة والمتوسطة، واليوم، تأتي القمة الثانية لترسم خارطة طريق واضحة وواقعية لهذا التعاون، من خلال إطار تعاون مشترك ممتد من عام 2024 حتى 2028، يتضمن خطوات عملية تُلبّي تطلعات وأولويات الطرفين في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
اللافت في هذه الشراكة هو التوجه الاستراتيجي نحو إجراء دراسة مشتركة لجدوى اتفاقية تجارة حرة محتملة بين الخليج و«آسيان»، بما يمكن أن يُغيّر بعمق طبيعة العلاقات التجارية والاستثمارية بينهما، هذه الخطوة وحدها كفيلة بفتح آفاق جديدة، لا سيما أنها تأتي في وقت تسعى فيه دول العالم إلى تأمين بدائل لسلاسل الإمداد التقليدية، وتنويع مصادر السلع والخدمات الحيوية.
وتبدو فرص التعاون بين الجانبين مُغرية ومتعددة الأبعاد، فهناك مجالات تتصدر قائمة الأولويات، مثل التمويل الإسلامي، والأغذية الحلال، والتقنيات المالية، والسياحة، وهي قطاعات تتمتع كل من دول الخليج ودول آسيان بخبرات وقدرات كبيرة فيها. هذه الفرص تتعاظم أهميتها مع التحديات الاقتصادية العالمية، حيث لم يعد خيار التنوع الاقتصادي مجرد رفاهية، بل ضرورة تفرضها المتغيرات الدولية الراهنة.
كذلك فإن توجه الجانبين نحو تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي يفتح أبواباً واسعةً أمام الابتكار والنمو المستدام، فالحديث عن الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والمدن الذكية، وحوكمة البيانات، ليس مجرد حديث عن المستقبل، بل هو واقع اقتصادي جديد فرض نفسه بقوة على المشهد العالمي. وإذا نجح التعاون بين الخليج وآسيان في هذا المجال، فقد يُشكل نموذجاً عالمياً يُحتذى به في بناء شراكات متقدمة قائمة على الابتكار والتكنولوجيا الحديثة.
وتأتي قضية الطاقة لتضيف بُعداً آخر لهذه الشراكة الواعدة، فكلا الجانبين لديه مصلحة مشتركة في استثمار مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، مثل الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية. الخليج يمتلك البنية التحتية ورأس المال والخبرة في قطاع الطاقة التقليدية والجديدة، في حين تتمتع «آسيان» بتنوعها الجغرافي والموارد الطبيعية والبشرية والتكنولوجية، ما يجعل التكامل في هذا القطاع أمراً منطقياً وعقلانياً.
إلى جانب ذلك، فإن التركيز على تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في المنطقتين، من خلال منصات التفاعل والتنسيق الجديدة، مثل البعثات التجارية ومنتديات رجال الأعمال، من شأنه أن يُسهم في إزالة العوائق التقليدية، ويعزز الثقة والشفافية في التعاملات التجارية، ما يُمهّد لمزيد من التدفقات الاستثمارية، ويساعد على خلق بيئة اقتصادية أكثر استقراراً ووضوحاً.
كما أن التوجه نحو دراسة الربط الجغرافي بين المنطقتين عبر شبكات السكك الحديدية والطرق، وإشراك القطاع الخاص في هذه المشروعات، يمثل خطوة استراتيجية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية عميقة، يمكن أن تُعيد تشكيل الجغرافيا الاقتصادية بين المنطقتين.
ولا يمكن إغفال الدور المتزايد لصناديق الثروة السيادية الخليجية والآسيوية، التي باتت تلعب دوراً محورياً في تعزيز الاستثمارات المشتركة. ومن هنا، فإن بناء شراكات بين هذه الصناديق سيُسهم بشكل كبير في تعزيز قدرة الطرفين على تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، تقوم على مبدأ المنفعة المتبادلة.
هكذا يتحول التعاون بين الخليج و«آسيان» إلى ضرورة استراتيجية ومستقبلية تفرض نفسها، وتضع الجانبين أمام مسؤولية بناء نموذج اقتصادي مبتكر، قادر على مواجهة التحديات العالمية الراهنة والمستقبلية. إن العالم يمر حالياً بلحظة فاصلة، تفرض على الجميع إعادة تقييم التحالفات الاقتصادية والسياسية ودول الخليج و«آسيان» اليوم أمام فرصة تاريخية لرسم ملامح هذه المرحلة، وتقديم نموذج قادر على البقاء والتوسع.
هذه هي اللحظة التي يمكن فيها للطرفين أن يتحولا من شريكين اقتصاديين إلى صانعين حقيقيين للمسار الاقتصادي والسياسي العالمي المقبل. إن استثمار هذه الفرصة والتقدم بثبات في هذا الطريق، سيكون بلا شك القرار الأذكى في عالم تتسارع فيه المتغيرات وتتزايد فيه التحديات، وتبرز فيه أهمية العلاقات الخليجية الآسيوية كخيار استراتيجي ذكي ينبغي على الجانبين التمسك به والمضي قدماً في تعزيزه بكل ما يملكانه من قدرات وإمكانات.
نقلا عن الخليج الامراتية
[email protected]*باحث دكتوراه في إدارة الأزمات والمخاطر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.