أمير الشرقية يدشّن ثلاثة مشروعات لمبادرة جودة الحياة بكلفة ملياريْ ريال    الصمعاني يرأس اجتماع «تنفيذي العدل العرب»    القيادة تهنئ أمير قطر بذكرى تولي الحكم.. ورؤساء كرواتيا وموزمبيق وسلوفينيا بيوم بلادهم    «الشورى» يطالب بخفض تذاكر طيران كبار السن والمرابطين    فيصل بن نواف يشهد توقيع مذكرة شراكة لدعم المراكز التأهيلية بسجون الجوف    المسجد النبوي.. عناية تراعي إنسانية الزوار    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    الأولمبية السعودية تحتفي باليوم الأولمبي العالمي    «وجه السعد» يتواجد في معسكر الهلال    رئيس إيران: مستعدون للتفاوض مع أميركا    تجارب وفعاليات تجذب عشاق الفن والثقافة إلى عسير والباحة    النصر ينهي العلاقة التعاقدية مع المدرب "ستيفانو بيولي"    ترمب لديه 3 أو 4 مرشحّين محتملين لخلافة رئيس «الاحتياطي الفدرالي»    مدرب بنفيكا : الفوز على بايرن نتيجة العمل الجماعي    " طويق " توقع اتفاقية مع جمعية " قدوات" لاستثمار خبرات كبار السن بالموارد البشرية    برعاية أمير جازان.. نائب أمير المنطقة يدشّن أعمال المؤتمر العلمي الثاني لجمعية التوعية بأضرار المخدرات    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للقهوة    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    إجراء أول عملية جراحية بالروبوت في مستشفى الأمير سعود بن جلوي بالأحساء    الظبي الجفول رمز الصحراء وملهم الشعراء    رئيس جامعة أم القرى يترأس الجلسة العاشرة لمجلس الجامعة للعام الجامعي 1446ه    الأمير سعود بن نهار يبحث مع أمين الطائف المبادرات والفعاليات المقدمة في الصيف.    الجوازات تواصل جاهزيتها لاستقبال ضيوف الرحمن القادمين لأداء مناسك العمرة لعام 1447ه    أمير الجوف يبحث تحديات المشروعات والخدمات    أمير الشمالية يكرّم الطلبة المتفوقين    «الرواشين».. فن العمارة الخشبية في المدينة    حرفة تُعيد الآبار إلى الواجهة بالجوف    الرئيس الأميركي: لا أريد «تغيير النظام» في إيران    تداول يعوض خسائر أسبوع    الشؤون الإسلامية بالمدينة تكثف جهودها التوعوية    جولات رقابية نسائية على جوامع ومساجد المدينة    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الدولية لحماية الطبيعة    إعلان نتائج القبول في البورد السعودي    جمعية لدعم المباني المتعثرة في الأحساء    الذكاء الاصطناعي والتعليم.. أداة مساعدة أم عائق للتفكير النقدي    أقوى كاميرا تكتشف الكون    انحسار السحب يهدد المناخ    العثور على سفينة من القرن ال16    الجوز.. حبة واحدة تحمي قلبك    الميتوكوندريا مفتاح علاج الورم الميلانيني    استشارية: 40% من حالات تأخر الإنجاب سببها الزوج    الطائف تستضيف انطلاق بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة 2025    شدد على تطوير "نافس" وحضانات الأطفال.. "الشورى" يطالب بربط البحث العلمي باحتياجات التنمية    بعد حلوله وصيفاً ل" الرابعة".. الأخضر يواجه نظيره المكسيكي في ربع نهائي الكأس الذهبية    أشاد بالتسهيلات خلال المغادرة.. القنصل العام الإيراني: ما قدمته المملكة يعكس نهجها في احترام الشعوب وخدمة الحجاج    سمو ولي العهد يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية    قطر توجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الهجوم على قاعدة العديد الجوية    برامج التواصل الاجتماعي.. مفرقة للجماعات    47 أسيرة في السجون الإسرائيلية.. الاحتلال يواصل انتهاكاته في غزة والضفة والقدس    الإطاحة ب 4 أشخاص لترويجهم أقراصاً خاضعة للتداول الطبي    أسرة الفقيد موسى محرّق تشكر أمير المنطقة على مشاعره النبيلة وتعزيته    صور إنسانية من الماضي عن مدينة أبها    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة السورية: إشكالية العلاقة بين الديمقراطية والعروبة
نشر في الوكاد يوم 12 - 07 - 2011

منذ الآن، وقبل أي تغيير سياسي محتمل، يخالجني شعور بالقلق على مستقبل سوريا، وأنا أرى أمامي «معارضات»، في الداخل والخارج، تتبنى قضية الحرية والديمقراطية، وتعزلها عن الالتزام بالانتماء القومي العربي الذي طبع نضال سوريا بالذات، دون سائر النضالات العربية، منذ أكثر من مائة عام.
للمصادفة التاريخية، فقد احتضنت باريس في عام 1913 المؤتمر السوري الأول. طالب زعماء سوريا آنذاك تركيا العثمانية بالحرية والديمقراطية. وأكدوا تصميمهم على الانفصال، إذا ما استمر حزب «الاتحاد والترقي» في محاولة تتريك العرب، بإلغاء هويتهم العربية ولغتهم.
كم يختلف الوعي القومي لدى أولئك المعارضين الغابرين، عن «لا وعي» معارضي الحاضر الذين «تشرفوا» بحضور مؤتمر خواجات يهود فرنسا المناصرين لإسرائيل و... «المتحمسين» للانتفاضة السورية! مع الأسف، كانت إحدى بنات الدكتور جمال أتاسي بين الحاضرين. تنكرت لتاريخ أبيها الراحل الذي غادر «البعث»، ليؤلف حزبا يلتزم بالديمقراطية والعروبة معا.
بل كان هناك ملهم الدروبي الإخواني الذي هرع، سباحة، من كندا إلى فرنسا. فقد أسبغ «البركة» على المؤتمر، بحضوره «الملهم»، في حين لم تجف، بعد، دماء الشهداء السوريين والفلسطينيين الذين قتلهم الرصاص الإسرائيلي، على ربى الجولان المحتل، في ذكرى النكبة والنكسة.
الأدهى والأمر، أن عذر الشيخ رياض شقفة المراقب (الملهم) الجديد لإخوان سوريا، كان أقبح من ذنب زلمته الدروبي.
فقد تبين أنه كان يعرف، سلفا، أن يهود «الليكود الفرنسي» هم المنظمون للمؤتمر. كانت إقامة الإخوان في لندن، فرصة نادرة لهم لممارسة المتعة السياحية التي شغلتهم عن متابعة التيارات والشخصيات السياسية الأوروبية عن كثب، كي لا يقترفوا «الخطيئة» التي استخدمها نظام بشار، سلاحا دعائيا ضدهم وضد المعارضة.
في النضال ضد الاستعمارين التركي والفرنسي، كان انتماء سوريا القومي ملازما للمطالبة بالديمقراطية والحرية. قاد النضال زعماء قوميون، معظمهم ينتمي إلى أسر مستعربة، ذات أصول كردية. تركية. فارسية. لم ينبس إبراهيم هنانو. عبد الرحمن الشهبندر. جميل مردم. شكري القوتلي. فارس الخوري. سلطان الأطرش. صالح العلي... بكلمة واحدة تنم عن مطلب أقلوي عنصري. أو طائفي.
في الإخلاص لعروبتهم، قبل هؤلاء جميعا بأمير عربي (غير سوري) ملكا على المملكة السورية المستقلة (1918 - 1920). ثم أكدوا انتماء سوريا القومي، عندما أسقطوا محاولة الاستعمار الأوروبي تقسيم سوريا إلى دويلات، على أساس عرقي. أو طائفي.
في الإخلاص لديمقراطيتهم، رفض الطبيب المثقف الشهبندر الذي قاد أكبر ثورة سورية على الاستعمار (1925 - 1927) الانتفاضة القومية العسكرية في العراق (1940)، لأنها تعاطفت مع ألمانيا النازية، وكان عقابه تصفية جسدية له، أوكلت حكومة فيشي الفرنسية العميلة لألمانيا تنفيذها، إلى «حليفها» الجناح التكفيري في المؤسسة الدينية السورية، في العام ذاته.
لماذا تراجع الشعور بالهوية والانتماء القومي، إلى مستوى يسمح «للمعارضات» السورية الحالية، بتغييب عروبتها عن المطالبة بالحرية والديمقراطية؟
في الأسباب والجذور، أمر على التاريخ بسرعة: كان الاستقلال العربي في أواسط القرن الماضي، مشروطا بالتخلي عن الوحدة القومية. كانت الجامعة العربية جامعة دول. لا جامعة حاضنة لأمة. زرعت إسرائيل في الصميم الجغرافي العربي. كجسم غريب حائل دون الوحدة القومية.
كرست دساتير الاستقلال الانتماء، نظريا، إلى الأمة العربية، فيما رسخت السياسات. والقوانين. والإجراءات. التربية. والثقافة، على أساس تنمية الخصوصيات المحلية للمجتمعات العربية. في سوريا (موطن القومية العربية)، كان التغييب القسري لشهيدها الشهبندر، أول طعنة لوعيها المزدوج بالديمقراطية والعروبة. كان الرئيس شكري القوتلي قوميا عربيا. لكن لم تكن ثقافته المحدودة قادرة، على حماية وتنمية هذه الازدواجية السورية الفريدة عربيا.
في الوقت ذاته، نشر أساتذة «البعث» ومثقفوه الفكر القومي، في أوساط جيل الأربعينات والخمسينات، من دون اهتمام، أو التزام بالتوعية بقيم الديمقراطية. فكان سهلا على عبد الناصر (البطل القومي) أن يقيم وحدة عربية، بلا حرية وديمقراطية.
بدلا من النضال من داخل دولة الوحدة، من أجل الديمقراطية، فقد ضرب ضباط دمشق (قلب العروبة!) الانقلابيون الدولة القومية، ليقيموا نظاما ديمقراطيا كاريكاتيريا. كان ضباط «البعث» العلويون أسوأ. فقد أسقطوا ديمقراطية الانفصال، ليقيموا نظاما طائفيا. عائليا. بلا ديمقراطية. وبلا وحدة. في مهارة التكتيك، دشن الأب حلفا سيرياليا مع إيران الخميني، من دون أن يقطع شعرة معاوية مع المحور العربي المصري - السعودي.
في غباء التكتيك، انسحب الابن من المحور العربي، لتمكين إيران من تجاوز الخطوط الحمر للأمن القومي، باختراقها سوريا والمشرق العربي، وصولا إلى لبنان، حيث فرضت بالقوة المسلحة ديكتاتورية دولة الطائفة (الشيعية)، على ديمقراطية دولة الطوائف الهشة.
وها هي حكومة «آية الله» نجيب ميقاتي التي ولدت ولادة قيصرية من رحم «حزب الله»، بإشراف «الطبيب» السوري المداوي، تعلن تخليها عن «التزام» لبنان بتسليم أعضاء الحزب المتهمين باغتيال الحريري الأب، إلى العدالة الدولية، مكتفية بأدب الانحناء «احتراما» للقضاء الذي بات عاجزا!
بعد سقوط شعارات الصمود. الرفض. التصدي... صكت حرفة نظام العائلة شعار «الممانعة»، لخداع شارع فلسطيني. وقومي. وديني لا ديمقراطي، شراء لصمته، عن سحق آلة القمع ل23 مليون سوري بائس. ويائس.
هذه هي إشكالية العلاقة المستحيلة بين عروبة نظام العائلة والطائفة، مع الديمقراطية. لكن ما هي إشكالية العلاقة بين ديمقراطية المعارضة السورية والعروبة؟ وكيف يمكن تفسير غرامها بالديمقراطية مع طلاقها وهجرها لعروبة سوريا التاريخية، كما يبدو واضحا من خطابها السياسي الذي يغص بشعارات كثيفة عن حقوق الإنسان والأقليات؟
حسب مصادر «نيويورك تايمز» تمضي أميركا أوباما، بعد أميركا بوش، في تمويل وتشجيع شخصيات وتيارات، في معارضة الداخل والخارج. وبات سفيرها في دمشق (روبرت فورد) ودبلوماسيوه وموظفوه مستشارين. ناصحين، لمعارضات سميراميس أمس، ومعارضة حماه اليوم.
أميركا أوباما هي التي تفرض، مع أوروبا، على هذه المعارضات تغييب انتمائها القومي، إعدادا آجلا. أو عاجلا، لنظام ديمقراطي سوري جديد، مهمته إسقاط ثقافة العداء للغرب. ومصالحة إسرائيل، ربما في مقابل إعادة الجولان، بشروط. وضمانات. وإقامة عسكرية أميركية دائمة في المرتفعات.
لا اعتراض على مسايرة المعارضة السورية لأميركا. فقد فرضت الانتفاضة العربية واقعا سياسيا جديدا. غيرت مفاهيم. وسياسات. وشعارات. وثقافات كثيرة. لكن تخطئ أميركا مرة ثانية، إذا ضربت عروبة سوريا. كما ضربت سابقا عروبة مصر، لتتبنى الإسلام السياسي، بنسخته التكفيرية والجهادية التي تشتبك معها أميركا في حرب إفناء شقية.
وتخطئ المعارضة السورية، إذا خلقت إشكالية في العلاقة بين الديمقراطية والعروبة القومية. سوريا تفقد استقلالها. استقرارها. أمنها. دورها. بلا عروبة ديمقراطية تصلها ببيئتها القومية. وبأشقائها في الخليج. والشرق. والغرب.
عروبة ديمقراطية صافية. وحقيقية. هي وحدها القادرة على السمو بسوريا، فوق تناقضات السياسة. والدين. والمذهب. والعرق. وفوق الرغبة في الانتقام. وهي الضمان للحقوق السياسية والثقافية للأقليات، على قدم المساواة مع الأغلبية.
رويت التاريخ بأمانة. لعله يكون درسا وعبرة للساسة الهواة في شارع الانتفاضة.
نقلا عن الشرق الاوسط السعودية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.