أن ينفي رئيس نادٍ صدور ألفاظ عنصرية من مدرج جماهير ناديه حتى التليفزيون ينقل الهتاف العنصري بوضوح، فذلك أمر قد نتجاوزه، وإن تخرج ذات البذاءة العنصرية من مشجِّع مراهق قد نُوجد له العذر، لكن أن يأتي كاتب مؤثِّر وخبير رياضي كالأستاذ صالح الحمادي ويحاول بأسلوبه الرشيق أن يبرر للعنصرية ويتحايل بذكر أمثلة يحاول من خلالها أن يجعل الألفاظ العنصرية أمراً «عادياً»، فذلك يعني أنه وقع في مصيبتين، مصيبة تسامحه مع العنصرية، ومصيبة تبريرها ومحاولة تمريرها كشيء طبيعي، يحدث في كل العالم و (عادي)، الأستاذ صالح الحمادي علّق على الألفاظ المُستفزة في المدرجات مثل (نيجيريا، ونيفيا)، وحاول في مقاله يوم الخميس الماضي في صحيفة الاقتصادية أن يكون مثالياً، يقول: (يا سادة ويا أحبة ويا كرام، كي لا ندس رؤوسنا في الرمل كالنعام؟! دعوني أصارحكم أكثر، ولو قليلاً، أولاً لماذا نحن غير عن العالم؟ لماذا يتحرج كثيرون منا، من جذورهم! لماذا تغيب عنا ثقافة الشفافية بالقول، أنا أمريكي من أصل لاتيني؟ أو إنجليزي من أصل هندي، أو فرنسي من أصل سنغالي، أو إيطالي من أصل أرجنتيني، كما هو حاصل في البلدان الأكثر تطوراً اجتماعياً ووعياً ثقافياً ورقيا تعاملاتيا). الأستاذ صالح يطلب بأن لا ندس رؤوسنا في الرمل، لكنه بتبريره الذكي يريدنا أن ندس عقولنا في الرمل أيضاً، ثم صارحنا (وليته لم يفعل) وتساءل لماذا نحن غير العالم؟ والجواب لأن العالم يجرّم العنصرية بكل أشكالها ونحن نبررها ونشرعنها، فالأستاذ صالح كان (مثالياً) أكثر مما ينبغي، ومحاولة تحوير اللفظ العنصري وربطه بالجذور هو أمر في غاية التسطيح والبشاعة، فالأستاذ صالح يعي جيداً متى تكون الكلمة عنصرية ومتى تكون حديثاً عن الجذور، فهو يرى أن اللاعب عندما يقترب من جمهور الفريق المنافس ويردد الجمهور (نيجيري..نيجيري) فعلى اللاعب أن يرفع يده محيياً الجمهور المنافس لأن الأمر (حديث عن الجذور في المدرج!) وليس هتافاً عنصرياً! الأستاذ صالح وصف (الشتائم والقذف) بأنها (هتافات غير محببة للنفوس الزكية)، ولم يقل إنها جريمة تستحق العقاب، الجدير بالذكر أن الحمادي عنْوَن مقاله ب (نيفيا الأولى ..أم نيجيريا؟)! هو لم يقل -وحاشاه ذلك- إن نيفيا هتاف بذيء، لأنها لا علاقة لها بالجذور وإنما بالأوراق (أي البشرة)، لكن (نيجيريا) مفردة للحديث عن الجذور، وأنا مثل الأستاذ صالح تماماً عندما يقول لي أحدهم: (أخس يالبدوي تنظّر عن الرياضة) فلن أغضب بل سأشعر بالزهو! ..وهاتوا مزيداً من الرمل ياسادة!