الحوكمة في الشركات والقطاع العام: ماذا نخسر بدونها    معوقات إدارة الجودة الشاملة    ترمب إذ يبني نظامه الدولي الجديد    الزيارة العابرة للزمن    النصر يتغلب على الخليج برباعية ويواصل صدارة دوري روشن    وصول الطائرة السعودية ال74 لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة    إيزي يعزز صدارة أرسنال للدوري الإنجليزي برباعية في توتنهام    ختام كأس البادل للنخبة والدوري مطلع الشهر القادم    UNIDO: السعودية أنموذجا لتحقيق صناعة مستدامة    مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بجازان المهندس أحمد بن محمد ال مجثل يلتقي بموظفي الفرع    وزير الخارجية: نواصل العمل مع G20 لتعزيز منظومة اقتصادية أكثر شمولا    رالي السعودية يُشعل منافسات الجولة الأخيرة ل(WRC) في أصعب تضاريس الموسم    تحت رعاية ولي العهد .. وزير العدل يفتتح المؤتمر العدلي الدولي الثاني    الإعلام الإيطالي ينبهر بالزعيم: الهلال لا يعرف السقوط تحت قيادة إنزاغي    مستشفيات د. سليمان فقيه ضمن قائمة أفضل المستشفيات المتخصصة في الشرق الأوسط لعام 2026    فريق طبي بمستشفى جازان العام ينجح في علاج حديث ولادة يعاني من تشوّه خلقي رئوي كبير    أمير جازان يطّلع على برامج ومبادرات جمعية التغذية العلاجية بالمنطقة    وزير العدل: نعمل على انتقال البورصة العقارية إلى هيئة العقار    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    رؤية عابرة للحدود تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط    أمانة القصيم تودّع سيتي سكيب بعقود استثمارية ب 45 مليون ريال    نيابةً عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في جلسة اليوم الثاني لقمة مجموعة العشرين    نائب أمير حائل يستقبل نائب الرئيس التنفيذي للمؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام "إخاء"    القصيم: فرع الاسلامية يحصل على شهادة الامتثال الاسعافي    أمير نجران يستقبل القنصل العام لجمهورية فرنسا    أمير الرياض يستقبل مدير عام السجون المكلف    قنصل عام فرنسا بجدة يستضيف خريجي الجامعات الفرنسية في أمسية مميزة ب«دار فرنسا»    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية ترصد أول ظهور للنسر الأبيض الذيل في السعودية منذ 20 عاما    أكثر من 100 عمل بمعرض الفن الإسلامي    افتتاح متحف البحر الأحمر بجدة التاريخية في 6 ديسمبر    بن حفيظ افتتح موسم شتاء مرات السادس.. ويستمر للجمعة القادمة    روبن نيفيز.. سيد الجزائيات وحاسم الهلال في اللحظات الحرجة    دوريات الأفواج الأمنية بمنطقة عسير تقبض على شخص لترويجه (23) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    دكتورة سعودية ضمن القادة العالميين المؤثرين    الداخلية: إهمال الطفل يعرضك للمساءلة القانونية    العقيل يحتفل بعقد قران عبدالله    عريس يشارك فرحته مع المحتاجين    منديل كشافة شباب مكة على صدور المديرس وهجاد وعمر    موجز    وزير الدفاع الهولندي: تعليق عمليات مطار أيندهوفن بعد رصد طائرات مسيرة    وسط ضغوط أمريكية وأوروبية.. جنيف تحتضن محادثات سلام أوكرانيا    محكمة حوثية تعدم 17 شخصاً في صنعاء    غارات إسرائيلية على غزة.. خطط أمريكية ل«المنطقة الخضراء»    أحمد أمين يصور«النص 2» مطلع ديسمبر    «وسم الثقافي» يكرم الشاعر أبو زيد    الإسكندراني يستعرض تاريخ الأغنية السعودية    هنأت الرئيس اللبناني بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة إبراهيم بن حمد    القيادة تعزي ملك مملكة البحرين في وفاة سمو الشيخ إبراهيم بن حمد بن عبدالله آل خليفة    ملصقات العقوبات في مرافق الصحة.. مخالفة    السجائر الإلكترونية تحتوي على جراثيم خطرة    الأحمدي يكتب..جماهير الوحدة تُعيد ماضيها!    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    كتاب التوحد في الوطن العربي.. قراءة علمية للواقع ورؤية للمستقبل    افتتاح جامع المجدوعي بالعاصمة المقدسة    الشيخ صلاح البدير: الموت محتوم والتوبة باب مفتوح لا يغلق    الشيخ فيصل غزاوي: الدنيا دار اختبار والصبر طريق النصر والفرج    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    استقبل وزير الحج ونائبه.. المفتي: القيادة حريصة على تيسير النسك لقاصدي الحرمين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربيعُ الإرهاب والكلمة الفصل..
نشر في الشرق يوم 18 - 08 - 2013

شاء من شاء، وأبى من أبى، فقد كناّ ننتظرُ من قلب العروبة والإسلام كلمة الفصل في غوغائية أخْوَنَة وأرْهَبَة ربيع مصر معقل العروبة والإسلام.. فمهما كانت السياسة مصالح، فإنّ المواقف النابعة من الشموخ العربيّ الأصيل الذي لم يزلْ يمثله ويمثلنا الملك عبدالله لتأتي برداً وسلاماً على قلوب تحترق خوفاً على كنانة العرب، خصوصاً أننا نتذكرُ بأن ديمقراطية أمريكا التي تنادي اليوم بدمقْرَطة جماعة الإخوان، وتحتفي بتكفيرها المسلمين خارج ميادينها، نتذكر بأن ديمقراطيتها هي نفسها التي رعتها في أفغانستان، وتريد أن تعيد كرّتها لكنْ هذه المرة في ديار العرب، ويتبعها سوى إخوان مصر غوغاء لهم هنا في الداخل، وذيول لهم في بعض دويلاتنا العربية التابعة..
جاءت كلمة الملك حاسمة وفيّة نقيّة نقاء عروبته في وجه هذه الأَرْهَبَة باسمِ الأخونة، ناصعة صادقة ترفو جراح أهلنا في مصر التي لا يحق لعصابات بعينها اختطاف حضاريتها ورياديتها العربية والإسلامية، مهما رعتْ هذا دول اعتادتْ على توجيه واستثمار مثل تلك العصابات..
ذلك لأن ربيع العرب بدأت تظهرُ منه علامات عجز العقل العربي عن استيعاب الفكر الديمقراطي جليّةً.. فعلينا أن نؤمن اليوم -فقط- بضرورة تفكيك هذا العقل، فكثيرا ما كناّ نعتبر من يتحدثون عن هذا مجرد فلاسفة ترِفِين في فكرهم، حتّى كان بعضهم يشبهونهم ببعض نقاّدِ الشِّعر الذين لم يجدوا عملاً فسفسطوا لنا الجمال حتى امتلأت بنتاجهم أدراج المكتبة العربية..
قد يصنّفُ بعضهم هذا الإيمان في باب التمييز الممقوت، غير أن محاولة إلقاء نظرة عامة شاملة على التاريخ قد تنقذنا من هذا التصنيف..
ربما وصل المفكّكون للعقل العربي ذات يوم إلى حقيقة تغني عن النظريات، وهي أنه غير صالح للمفاهيم الديموقراطية، ولا قابل للحيوات العلمية والبحثية، إذا ما استثنيَتْ فيه كثرة الشعراء والمنشدين والخطباء والنقاد والفقهاء والوعاّظ والحفظة للتراث الأصفر الذي لم يتقنْ هذا العقل استيعابه.. وربما استدلّوا على هذا بأكثرية علماء الإسلام من غير العرب عليهم منهم..
ربما توصلوا إلى أن جملة «الإسلام دين ودولة» بالعطْفِ المتراتب بين المتعاطفين جاءت صعبة الاستيعاب على هذا العقل، ففهم نحويوهم ولغويوهم الكثر أن واو العطف تعني شيئين ربطت بينهما الواو لا على سبيل الدمج، بل التفصيل..
آخر دليل على نوعية العقل العربي ما أسموه ربيعاً تحت شعارات: الحرّيّة – العدالة – الكرامة – الديموقراطية.. إلخ.
لمْ نشعرْ خلال هذه الثورات الربيعية سوى بامتداد تاريخنا السيّئ عبر القرون الطويلة، فما الفرق بين من رأيتموهم وسمعتموهم من الخطباء الكبار الذين أبهرونا في ميادين مصر، صارخين بأعلى خطبهم على القنوات بأنهم الإسلام دون غيرهم خارج ميادينهم، ما الفرق بينهم وبين من كفّر علياّ ومعاوية منذ أمد، وأساء إلى أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين؟ وهل بلغ العقل العربيّ شأوا لا يدرك نوع خطابهم التكفيري الصريح حتى يجدوا من ينضوي تحت لواء خطبهم؟ وهل بلغ من السذاجة بحيث نسمع ونرى خطيباً مميزاً يقسم أيمانه المغلظة -بل ويحلف بالطلاق 360 مرة حسب قوله الموثق في القنوات وسمعته بنفسي- على أن رئيسه سيدخل عليهم الميدان؟
وهل استمرأ عقلنا العربي سذاجته إلى حدّ أن يتجرّأ أحدهم على إقناع ذوي هذا العقل بأن جبريل حضر مصلاه في الميدان، وأن النبيّ عليه السلام قدّمَ رئيسه ليؤم المصلين والنبيّ؟ وأن هدم الكعبة أهون مما حدث لأحد زعمائهم؟
وهل استمرأ ذاته حتى لم يفكّرْ في أن العدوّ «المعلن» لدى هؤلاء هي أمريكا والغرب، التي تقف معهم الآن -وقبل الآن منذ إمارة أفغانستان- حتى ديموقراطية الإخوان؟
ثم نتّجه إلى الوجه الآخر -المدني- المقابل لهذا النوع من الفكر:
أمة تختار رئيسها بصندوق الاقتراع، ثم تفشلُ بقوانينها في تطبيق الديموقراطية التي تنشدها في إزاحته، وتضطرّ إلى ما حدث من قتل الأبرياء الذين أقنعهم تجار الدين بكل المغريات بأنهم فقط أصحاب الحق، ولنا أن نذكر قول ابن رشد: (التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل. إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني).
ولنعد إلى ديار الشام والعراق التي بدأ ربيعها ينكشف لكل عقل سوى عقلنا العربي، وبعودتنا يكتمل لنا السؤال الكبير:
لمَ لم تعدْ إسرائيل مشكلة العرب الأولى، وباتت مشكلاتهم الكبرى فيهم هم؟
قد نصل إلى استنتاجات لا تروق لكثير منا من دعاة الديموقراطية وفكرة التداولات الشعبية على السلطة، ونعود إلى فكرة الإيمان بالقائد الملهم، ونظرية أن القائد يولد قائداً.. وبمعنى آخر: الغوغاء والعامة الدّهماء التي تخرج في الشوارع غير صالحة لتلك النظرية التداولية، لأن جوهر العقل لديها لا يكفي لاستيعاب المؤثرات ومَنْطَقَتها وحرّيّة قبولها من عدمه، وأمثالها من جماهير الأمم المتحضرة تبني اختياراتها على مصالح دنيوية تعلنها وتحققها الحكومات المنتخبة، ولم تعدْ تستخدم الأديان واللاهوت لدغدغة مشاعر الدهماء، بحيث لن نتخيل معتصمين وخطباء في أحد الأحزاب: الجمهوري – الديموقراطي – حزب العمال.. إلخ يطلبون من عامته أو غوغائه قبول نزول المسيح عليه السلام في ساحته دعما له!!
– لقد حُمّلَ هذا الدينُ كثيراً مما لا يحتمله هو أو دين آخر، وحمّلَ العقلُ العربيّ تبعاً لهذا من الاستخفاف ما يجعلنا نطالب الباحثين في بنيويته بإعادة بحثه، وقد يصلون إلى ما رآه ابن تيمية من تفضيل الحاكم القوي الفاسق على الضعيف الصالح، وإلى ترسيخ القيادية في علية القوم لا في عامتهم ودهمائهم، وهذا قد يكون تصديقاً لما قاله القائد العربي الشهير (زياد بن أبيه): (لأنْ ينزل عشرة من العِلْية خير من أن يرتفعَ واحد من السَّفَلَة)..
إنّ عدم قدرة العقل العربي على الاستيعاب الديني والدنيوي لفكرة الدولة، وعجزه عن بناء القوانين الصارمة لتعاملها مع شعوبها وقوانينها، سيظل عائقاً يزيد من تفتيت المفَتّت، ولعب تجار السلاح والعقائد بشعوبنا العربية كسوق للهيمنة بين حكام العرب وتجارهم والدول المتحضرة في وضوح أهدافها السياسية والاقتصادية..
وهذا ما يظهر لكل من يستطيع رؤية وضع العراق بعد تحرير أمريكا له ممن لا تريده، وسوريا التي تدارُ أزمتها بلعب مكشوف صريح الظهور، ومصر التي لن يصلح لها حال في الأمد القريب، وليبيا التي لن تستطيع لملمة أمرها حسب شعارات ثورتها، واليمن الذي لا يستطيع اليوم حماية ديبلوماسي شقيق لا ناقة له في الربيع ولا جمل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.