نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير نادي منسوبي وزارة الداخلية بمناسبة تعيينه    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيم حفل "فرحة نجاح" احتفاءً بنجاح نزيلات مؤسسة رعاية الفتيات    القيادة تهنئ رئيس جمهورية رواندا بذكرى استقلال بلاده    جوارديولا يوجه الشكر للاعبيه والجهاز الفني بعد الخروج من مونديال الأندية    رياضي / الهلال السعودي يتأهل إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية بالفوز على مانشستر سيتي الإنجليزي (4 – 3)    لودي: نأخذ المال ونهزمهم أيضًا    بيب غوارديولا يُبرر سقوط مانشستر سيتي أمام الهلال    ترامب يرفع العقوبات عن سوريا    ترمب ينفي أي تفاوض.. إيران تتهم غروسي بتبرير استهداف منشآتها النووية    وسط تصعيد ميداني لافت.. الكرملين يتطلع لاستئناف المفاوضات مع كييف    هنأت رئيس الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة فهد الصباح    18 % نسبة الارتفاع.. 4.32 تريليون ريال أصول صندوق الاستثمارات    "الاتصالات والفضاء" تطلق النسخة الثانية من " المبادرة".. تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري بتدوير الأجهزة الإلكترونية    بدء التقديم في برنامج "قياديات القطاع الصحي"    العثمان.. الرحيل المر..!!    في ختام دور ال 16 من كأس العالم للأندية.. قمة تجمع ريال مدريد ويوفنتوس.. ودورتموند في مهمة مكسيكية    شراحيلي اتحادي حتى 2028    فلومينينسي يعبر إنتر ميلان إلى ربع نهائي مونديال الأندية    واشنطن تكثف الضغوط لعقد صفقة.. إسرائيل تهدد ب«القوة» وتطالب بإخلاء غزة    المملكة ممثلة بوزارة الداخلية تُسهم في إحباط تهريب أكثر من (5,000,000) قرص من مادة الإمفيتامين المخدر بالتنسيق مع "الجمارك اللبنانية"    صالح السلوك يكرم شركاء النجاح والمتطوعين    في ذمة الله.. صالح الموسى    شرف الدين وباهرمز يزفان فيصل وبدور    بناء نظام وطني لدعم التدريب والتعلم الرقمي    "تيم لاب" يحتفي بعامه الأول في جدة التاريخية    أحمد السقا يخرج بكفالة بعد اتهامه بالتعدي على طليقته    أصداء    إلزام المطاعم بالإفصاح عن المكونات الغذائية    الجراحات النسائية التجميلية (2)    الطريق إلى العالم الأول    مبادرة توعوية لتنظيف شاطئ العيقة    السجل العقاري.. نافذتك الآمنة    «نزاهة» تباشر التحقيق في 18 قضية فساد مالي وإداري    المرأة في القنفذة إرث عريق    توثيق الدروب القديمة بين السراة وتهامة بمنطقة الباحة    تعميق الشراكة الثقافية بين المملكة والصين    "الدارة" تنظّم إتاحة الوثائق التاريخية للباحثين    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يطلع على استعدادات المنطقة خلال موسم الصيف    هل الحروب ضرورة أم عبثية؟    الفبركة في عصر الذكاء الاصطناعي    قائدٌ يرسم ملامح وطن    "الدهمشي" يطّلع على جهود فرع الصحة بجازان ويشيد بدوره في متابعة كفاءة الخدمات الصحية    فهد بن سعد يطلع على إنجازات تجمع القصيم الصحي    القيادة تعزّي أمير وولي عهد الكويت.. وتهنئ رئيس الكونغو    رئيس مجلس الشورى يصل إلى مملكة كمبوديا في مستهل زيارة رسمية    أمير جازان يتسلم التقرير السنوي لإدارة مرور المنطقة    حملة توعوية وتثقيفية على مغاسل الملابس بالظهران    غرفة الشرقية تناقش دور القطاع الخاص في البرنامج الوطني للتشجير    أمير جازان يستقبل قائد قوة الطوارئ الخاصة بالمنطقة    "الشمري": يزور مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    الأمير محمد بن عبدالعزيز يدشن عددًا من المشروعات بجامعة جازان    البيعة الثامنة لولي العهد بلغة الثقافة والفنون    سعد الصقير أول طبيب أمراض جلدية من دول الخليج يحصل على وسام القيادة الدولية في الأمراض الجلدية لعام 2025    أكد أهمية مناهج التعليم الديني.. العيسى يشدد: تحصين الشباب المسلم من الأفكار الدخيلة على "الاعتدال"    نائب أمير مكة والقنصل العراقي يناقشان الموضوعات المشتركة    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمارة الخرساء
نشر في الشرق يوم 05 - 08 - 2013

ليس المعمار أو العمارة هندسة للفراغ فحسب أو تأثيثا لفضاءات الحياة فقط. وليست وسيلة لانتظام الأجساد بما يحيطها، بل أعمق وأبقى من ذلك بكثير. هي اللحن بقدر ما ننصت له أو نعتاده حد النسيان؛ يعزفنا ويرسمنا حركة متناغمة في سمفونية الكون. لربما نستدعي توصيف أحد الفلاسفة للعمارة: بأنها الموسيقى المجسدة. حجارتها تنساب بين مفاصل الروح وتعيد تهذيبها.
العمارة هي النَّحات الخفي، الذي يطرق بدأب وإتقان الحيوات وينسجها برقة منسجمة. فالأمكنة بهندستها وهي تشكل حركة الناس بانسيابها، لا تكتفي بتنظيم الحركة وتوزيع الأدوار، بل إنها بخفة عالية تغوص وتغزل قماشة الحس في النفوس. في جميع المدن التي تعي حقيقتها وتتفهم تلك العلاقة المتنامية بين الكائن والمكان، تتوارث الأعين والبصائر واجهات المباني وزخرفها كابرا عن كابر، فإضافة لما له علاقة بطمأنة الروح وتشييد الألفة التي تتحقق من خلال النوستالجيا أو الحنين، إلا أن الوعي يكمن في التفهم الأعمق لما ينميه المعمار من معرفة وتربية للإنسان. في تلك المدن لا يمكن أن تزيل حجرا عريقا أو تقطع شجرة مورقة، أو تهب مسطحا أخضر لشراهة الإسمنت، أو تشيد مبنى قبيحا بمثل الاعتباطات التي تتم في مدننا العربية دون اعتبار لسلالة العمارة. لن أدعو إلى ما يسمى مفهوم الإجماع والقطيعية في العمارة، التي تحد من التفرد، بل أن يكون هناك ناظم جمالي منطقي بما ينتمي إليه من تراث مع إبداع ما يتفرد ويخرق الإجماع بحرية فنية تعبر عن الروح الإنسانية وتعي مفهوم البناء. لهذا فإن أغلب المدارس الأدبية والفنية التي تركت أثرا عميقا في الحياة البشرية، انطلقت في بنيتها الفلسفية الأولى من المعمار، من ثم انتشرت تلتهم بقية الفنون.
أغمض عيني وأفكر في كلمات مثل: الحجر، الحديد، الخشب، الإسمنت، الطين، الزجاج، القماش، النافذة، الأقواس، البهو، ال… ما الذي يتدفق في القلب من مشاعر وطعم وذكريات وأحاسيس.
كيف لا نجد رابطا بين التفكك الاجتماعي والقلق والأعراض النفسية المستجدة وبين المعمار العشوائي والبناء المشوه واللامنتمي للمكان؟. كيف لم نر الطمأنينة والرضا والسعادة بين قاطني المباني المحمية والمدن الواعية بدورها التاريخي؟ ألم نتعلم بعد أن الطراز المعماري مرتبط بعلاقة وثيقة بشخصية المجتمع وهويته؟ قيل مرة : «نبني المباني ومن ثم تبنينا». فكل ما يحيط بنا من هندسة للمكان، نشعره بوعي منا ودون وعي، يرسل فينا إشاراته التي تتحول إلى علامات تنقل حمولات ثقافية وإرث مسبق. وإذا كان المعمار مبتورا من سياقه، منبتا ومليئا بالمتناقضات والفوضى، خاماته مثل قطع كولاج تنفي بعضها بعضا، فالساكنون معرضون للتهدم المستمر.
العمارة تؤلف الكون
عندما نعيش في مكان فإننا نحياه. المعمار وهو يستوعبنا كوعاء ويضمنا كحاضن إنما يغذينا بمعرفة وثقافة. تقسيمه للأماكن وتوزيعنا فيها، يطبعنا بطابعه. وعبر الرؤية والسكن يتغلغل ويسمنا بسمات تحيلنا إلى ما نحن عليه.
هل نتذكر آخر مرة توقفنا فيها في الشارع وأجبرنا مبنى على تأمله؟ منذ متى قطعنا طريقا على أقدامنا طلبا للفرجة – ما عدا الأسواق المقفلة بالطبع- واستنشقنا متنزها أو وردة؟ لمثل هذا نفتقد تلك النشوة المنظمة التي تمنحها العمارة الواعية في سعيها الحثيث نحو الجمال وليس السعي اللاهث إلى القبح. العمارة التي لا تزال تعزف في أصقاع العالم موسيقاها، تتحول في مدننا العربية إلى أصوات عشوائية، طبقات من النشاز والفوضى الصوتية بعضها يدفع بعضها الآخر. لدرجة أننا نهرب منها عند أول سانحة متمنين العودة وقد صارت -على أقل تقدير- خرساء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.