كثيرة هي النقولات عن أشخاص مهمين وحكماء وشعراء وعسكريين ومفكرين أنهم قالوا كذا وكذا، ونقلت إلى الأجيال على أساس أنها حكمة وهي تبتعد عن الحقيقة عرض المحيط. هذا ما وصل إليه كاتب يشتغل في علم الفلولوجيا هو (كورنيليوس هارتس Cornelius Hartz) الذي خرج بكتاب بعنوان (ما يقوله المرء عند الموت). لقد بحث الرجل في سجلات المشافي وأقوال المقربين والمذكرات وما شابه ليخرج بنتائج تقول أنه في أحسن الأحوال قد تكون %10 منها صحيحة. ما قاله أرخميدس للجنود الرومان قبل أن ينزلوا بالسيف على رأسه أرجوكم لا تعبثوا بدوائري. قال من نقل عنه كان غارقا في علم الرياضيات. ثبت أنها قصة ملفقة. ما روي عن ملك الفكاهة (جروشو ماركس) أنه طلب أن يكتب على قبره أنا آسف لعدم قيامي لاستقبالكم؟ ليست صحيحة تماما وكثيرة هي الروايات عن العظماء أنهم ماتوا ببساطة مثل تولستوي الذي قال وها أنا أموت مثل أي فرح روسي. يقول الكاتب إن الرجل حسب ما نقلت عنه زوجته التي تصغره بخمسين عاما أنه مات في لوس أنجلوس بالتهاب رئوي وكان ينكت حتى آخر لحظة. لقد قال لها: حبيبتي أنا أموت إنه آخر شيء أفعله لك. ما نقل عن بيتهوفن (دفن عام 1827): يا أصدقائي لقد انتهت الكوميديا يعطيها المؤلف %30 من المصداقية، وما نقل عن كارل ماركس المبشر بالشيوعية (مات عام 1883) قوله: تريد أن أسمع لترهات الكلمات الأخيرة للناس إنها للحمقى الذين لم يكن لهم ما يقولونه في الحياة. أعطاها الكاتب %70. وأعطى %100 للرائد الاقتصادي الألماني أديناور (مات عام 1967) في قوله على فراش الموت: ليس هناك ما يدعو للبكاء. وكذلك %100 لمؤسسة شركة شانيل قولها هكذا يموت المرء. يقول مؤلف الكتاب إن النقولات عن “هاينه” الشاعر العظيم ليسامحني ربي إنها وظيفته، أو قول “جوته” إنه النور ومزيد منه فهو لا يعطيها أكثر من %10. ولكنه يؤكد على صدق قول القيصر جوزيف الثاني من الإمبراطورية الرومانية المقدسة أن يكتب على قبره هنا قبر جوزيف الذي كان خائبا في كل مشروعاته. كذلك ما ينسب لنيرون وهو يحرق روما لا يعطيه من المصداقية أكثر من %5. الخلاصة التي ينتهي لها المؤلف أنها كلها كذب في كذب حتى النفس الأخير ولكن العبارة الألمانية رائعة متألقة (Lug und Trug bis zum letzten Atemzug). إنه بحث مثير للتحقيق أيضا في تاريخنا وصحة ما نقل لنا في كلمات الموتى الأخيرة.