أمير تبوك ينوه بالجهود والإمكانات التي سخرتها القيادة لخدمة ضيوف الرحمن    وزير الاستثمار: المملكة المتحدة ثاني أكبر مستثمر أجنبي في السعودية    رضوى" تكشف خططها التوسعية في معرض الشرق الأوسط للدواجن    جي إف إتش تسجل ارتفاعا بنسبة 13.03% في صافي الربح العائد للمساهمين    وصول الطائرة السعودية 49 لإغاثة أهالي غزة    وزير الخارجية ونظيره السوري يبحثان العلاقات الثنائية بين البلدين    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية الكويتي    سفيرة المملكة لدى واشنطن تلتقي طلبة المنتخب السعودي للعلوم المشاركين في آيسف    أمير منطقة تبوك يدشن التمرين التعبوي (استجابة 14)    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة الحدود الشمالية    عزم سعودي-بريطاني على إبرام اتفاقية شاملة وطموحة للتجارة الحرة    مجلس الوزراء: ضوابط لتخصيص عقارات الدولة للقطاع غير الربحي    الرياض: القبض على مقيمين مخالفين لنظام الإقامة لترويجهما حملات حج وهمية    محافظ بيشة يدشن جمعية النخيل الإعلامية    أبو الغيط: التفاوض الثنائي بين إسرائيل والفلسطينيين لم يعد ممكناً    الكلام أثناء النوم قد يتطلب استشارة الطبيب    كلوب لا يشعر بالإحباط عقب تعادل ليفربول مع أستون فيلا    عملية رفح أعادت مفاوضات الهدنة إلى الوراء    سابتكو تواصل الخسائر رغم ارتفاع الإيرادات    وزير الحرس الوطني يرعى حفل تخريج الدفعة ال 21 من جامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية "كاساو"    تغييرات كبيرة في أجانب الاتحاد    اعتماد اشتراطات الإعفاء للأسواق الحرة بجميع المنافذ الجمركية    القمة العربية في البخرين نحو تعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات المشتركة    أولى رحلات مبادرة «طريق مكة» من تركيا تصل إلى المملكة    جائزة الشيخ زايد للكتاب تفتح باب الترشح لدورتها التاسعة عشرة 2024-2025    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول الأمطار على معظم مناطق المملكة    نائب أمير مكة: منع الحجاج المخالفين ساهم بتجويد الخدمات    تخريج كوكبة من الكوادر الوطنية لسوق العمل    النفط يعاود الارتفاع    القادسية يحسم لقب دوري يلو    التجديد إلكترونياً لجوازات المواطنين الصالحة حتى (6) أشهر قبل العملية    «الممر الشرفي» يُشعل ديربي العاصمة    أمير الباحة يستقبل مدير وأعضاء مكتب رواد كشافة بعد إعادة تشكيله    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية والخدمات المقدمة    الكويت في الصدارة مجدداً    نائب أمير مكة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    وزير التعليم يزور مدرسة معلمة متوفاة    يستيقظ ويخرج من التابوت" قبل دفنه"    اللجنة الوزارية للسلامة المرورية تنظم ورشة "تحسين نظم بيانات حركة المرور على الطرق"    في لقاء مؤجل من الجولة 34 من الدوري الإنجليزي.. مانشستر سيتي يواجه توتنهام لاستعادة الصدارة    بطلتنا «هتان السيف».. نحتاج أكثر من kick off    ماهية الظن    فخامة الزي السعودي    استعراض الفرص الواعدة لصُناع الأفلام    الكويت.. العملاق النائم ونمور الخليج    آنية لا تُكسر    تركي السديري .. ذكرى إنسانية    أمير المنطقة الشرقية في ديوانية الكتاب    أبل تطور النسخ الصوتي بالذكاء الاصطناعي    الصحة.. نعمة نغفل عن شكرها    دور الوقف في التنمية المستدامة    الماء البارد    يدخل"غينيس" للمرة الثانية بالقفز من طائرة    إزالة انسدادات شريانية بتقنية "القلب النابض"    «سعود الطبية» تنهي معاناة ثلاثينية من ورم نادر    حكاية التطّعيم ضد الحصبة    18 مرفقاً صحياً لخدمة الحجاج في المدينة    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أساليب المبدعين مختلفة
نشر في الشرق يوم 09 - 12 - 2011

«من لا يتفوق على معلمه يكن تلميذا تافها» (ليوناردو دافنشي).
عندما نقرأ التاريخ الشخصي لحياة المبدعين والمفكرين نلاحظ أن كل واحد منهم كانت له طريقة خاصة أو أسلوب منفرد لشحن الذهن وإثارة القدرة الإبداعية.
البعض منهم تنقدح لديه شرارة الإبداع حين يشرب القهوة أو الشاي والبعض الآخر تعود على النظر إلى البحر وسماع الموسيقى والبعض يعشق التأمل والصلاة.
وقد وصف الشيخ الرئيس ابن سينا في كتاب أعلام النبلاء ما كان يفعله كلما احتار في مسألة قائلا «كلما تحيرت في مسألة ترددت إلى الجامع وصليت وابتهلت إلى مبدع الكل حتى يفتح لي المغلق وييسر المتعسر وكنت أرجع بالليل إلى داري وأضع السراج بين يدي وأنشغل بالقراءة والكتابة فمهما غلبني النوم أو شعرت بضعف عدلت إلى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إليّ قوتي».
أما طه حسين فقد كتب ذات مرة في رسالة إلى توفيق الحكيم «أنت تعلم أن السيجارة تلهمني كما يلهمك الجلوس على القهوة»،
كما يذكر أن آرنست هيمنجواي الأديب الأمريكي الذي فاز بجائزة نوبل في الأدب عام 1954 قال إنه يبري عشرين قلماً من الرصاص ليكون ذلك وسيلة تساعده على قتل الرتابة في أعماله.
وفي دوراتنا التدريبية التي نقدمها حول إدارة الوقت نسأل المتدربين دائماً عن (ربيع الوقت) بمعنى ما هو الوقت المفضل لنشاطك وحيويتك.. ولا أزال أذكر قول هكسلي في تعريفه للمثقف «المثقف هو من اكتشف شيئا أكثر تشويقا من الجنس»!، هذا المعنى يتماهى مع ما جاء في كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان في المقولة الرائعة لإبراهيم بن أدهم الصوفي وصاحب سفيان الثوري والتي يجب في تقديري أن تكتب بماء الذهب «نحن في لذة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لحاربونا عليها بالسيوف».
هذا الذوبان في العلم والعشق النبيل للمعرفة يقهر الزمن ويستنطق الهمم العالية.
كان الفيلسوف الألماني (كانت) يعمل في النهار وهو في سريره ويلتحف بالأغطية المتنوعة بطريقة تسمح له بالكتابة، ويذكر أنه أثناء كتابته لكتابه المعروف (نقد العقل) كان ينظر من خلال نافذته إلى برج قائم على مسافة قريبة من منزله وقد أصابه إحباط عندما نمت الأشجار فحجبت عنه البرج ولم يستطع أن ينهي عمله إلا بعد أن قامت البلدية بإزالة تلك الأشجار حرصاً على فيلسوفها!، ولن أرسم مسحة حزن على مثقفينا ومفكرينا في الوطن العربي وأكتفي بالتلميح فلعله أنجع من التصريح!
فالإلهام إذاً عملية سيكولوجية لا يمكن تحقيقها إلا بشروط بعضها شخصي وبعضها بيئي -وإن كانت هناك غرابة في طباع بعض المبدعين- فعلى سبيل المثال (موتسارت) الموسيقار النمساوي (1791م) -أقترح الدخول على you tube وكتابة موتسارت السيمفونية 40- موتسارت المبدع كان يقوم بتمارين رياضية إذا تأزم نفسيا كما كان (بودلير) الشاعر الفرنسي يتعاطى الحشيش وقد ربط في مقالات عديدة بين تعاطي الحشيش ومضاعفة الخيال!، والطريف أنني منذ فترة قصيرة شاهدت على إحدى الفضائيات مقابلة للشاعر المصري أحمد فؤاد نجم وذكر فيها أنه يفعل كما يفعل (بودلير)!
والحقيقة أن الأمثلة متعددة والوسائل التي ابتكرها المبدعون والمفكرون لشحذ أذهانهم متنوعة لكنني أرغب هنا في التوقف عند إشكالية وغموض حول عملية الإلهام التي أوقعت العديد من المفكرين في حرج وإرباك وشاعت على إثرها قناعة لسنوات طويلة أن عملية الإلهام تحدث بشكل قدري ومفاجئ وهذا غير صحيح.
أدبيات الإبداع المعاصرة تؤكد أن العملية الإبداعية لا تنتهي عند (الإلهام) بل يتضمن العمل الإبداعي جانبا من (مجاهدة النفس) وتمرسا بالفكر حتى يتصاعد في مقاييس الأصالة فتنتقل عملية الإلهام باعتبارها مادة خام إلى شكل متكامل ونهائي.
يقول توماس أديسون «معظم أفكاري اخترعها آخرون ولم يكترثوا بتطويرها»، ويقول نجيب محفوظ «الجلوس للكتابة يقتضي أن يكون لديك استعداد نفسي».
ويعتبر (نيوتن) نموذجاً طيباً في هذا المجال فقد أمضى إحدى وعشرين سنة يفكر في نظريته ويحكمها قبل أن ينشر قوانينه، وقد جاء في نهج البلاغة قول صاحب المناقب وأسد الله الغالب علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): من أكثر الفكر فيما تعلم أتقن علمه وفهم ما لم يكن يفهم.
ويذكر هيمنجواي أنه عدل خاتمة روايته (وداعاً للسلاح) تسعاً وثلاثين مرة قبل أن يرضى عنها.
أما الفيلسوف (كانت) فقد علق في كتابه (نقد العقل) قائلا مع أن الكتاب ثمرة تأمل شغلني على الأقل اثني عشر عاما فإنني أكملته بأقصى سرعة في أربعة أشهر أو خمسة باذلا أبلغ العناية بمحتوياته دون اهتمام يذكر بالعرض أو بتيسير فهمه للقارئ وهو قرار لم أندم عليه قط ولو كنت أبطأت وحاولت صياغته في شكل أكثر شعبية لما اكتمل العمل إطلاقا على أغلب الظن.
وكأن الدعوة هنا تتلخص في أهمية أن تأخذ (قدراتنا العقلية + المجاهدة) دورها بجوار فاعلية الخيال الملهم، يقول هنري أيرنج «ليس الإبداع مجرد لمحة حدس مفردة إنما هو يتطلب عادة تحليلاً دائماً لعزل العوامل المهمة من العوامل العارضة».
لكل إنسان على وجه الأرض قدرات وإمكانات حباه الله بها ولكل طريقته وخصوصيته في العطاء والتميز.
وأرغب ختاما أن أهمس في أذن القارئ العزيز سائلا: لا شك أن لك ذوقك وطريقتك الخاصة فما هو أسلوبك المفضل لشحذ ذهنك وإثارة قدراتك الإبداعية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.