دائماً ما توجه القيادة -حفظها الله- بأهمية الاستثمار وضرورة التعاون الاقتصادي والاستثماري بين المملكة ومثيلاتها في الخارج، وتبذل جهود جبارة في وضع الترتيبات والتسهيلات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف التي تعدها الدولة خطة استراتيجية، ولعل أخرها إيجاد تسهيلات للاستثمار الأجنبي في خطة متميزة لرفع عوائد الإنتاج المحلي وإيجاد حلول عاجلة للبطالة ورفع مستوى الدخل وفتح فرص وقنوات مميزة للتبادل الاستثماري مع الدول الكبرى والصناعية والدول المتقدمة في مجال الصناعات بمختلف مجالاتها، الدولة فتحت عديداً من قنوات الاستثمار مع دول خارجية وشكلت مجالس أعمال بين البلدان، إضافة إلى الزيارات المتبادلة بين الوفود الاقتصادية لتعزيز هذا التعاون، وبدا رجال الأعمال السعوديين بتشكيل واجهة مميزة للاستثمار في الخارج سواء في آسيا إو إفريقيا أو أوروبا أو في الدول العربية المجاورة، وانعكست هذه المجالات الاستثمارية في تكوين صورة مشرقة للاقتصاد السعودي في المحافل الدولية وفي تميز المملكة وثقلها على خارطة الاقتصاد، في حين ساعد الابتعاث إلى دول خارجية والسياحة التي تولي لها الدولة عديداً من الأسس والمقومات والتسهيلات إلى ارتفاع مساحة الاقتصاد في الخارج وانعكاس ذلك إلى تغذية اقتصادية مرتدة أسهمت في بلورة الاقتصاد السعودي وتنويع مصادر الدخل وخلق بيئة استثمارية واعدة مكنت المستثمرين الأجانب من الاستثمار في عدة قطاعات، والأمر يسير في منحنى إيجابي وارتفاع متميز، الأمر الذي جذب رؤوس أموال للخارج وخلق بيئات استثمارية لرجال الأعمال السعوديين في عدة دول، ولكن تبقى هنالك إشكالية تتعلق بتعثر بعض الاستثمارات السعودية في الخارج نتيجة عوامل عدة، تتلخص في تعرض عدد من المشاريع الخارجية للتوقف بسبب الحالة الأمنية في الخارج أو بسبب الاضطرابات السياسية وغيرها، ولكن المسألة بدأت تحل وتعود المياه إلى مجاريها فيما يخص استقرار هذه الاستثمارات بعد استقرار الأمن في تلك الدول، وتبقى هنالك عوائق أخرى تتعلق بقلة الوعي الاستثماري لدى بعض رجال الأعمال نتيجة عدم رجوع بعضهم إلى الجهات المعنية في المملكة من مجلس الغرف التجارية أو وزارة الخارجية أو الهيئة العامة للاستثمار وغيرها، مما نتج عنه أخطاء وخسائر لبعض رجال الأعمال نتيجة قلة الوعي وعدم تكوين ثقافة معرفية ببيئة الاستثمار في الخارج وآلياته والإجراءات الخاصة بتوظيف الاستثمارات في تلك الدول، إضافة إلى عدم وجود ثقافة قانونية لدى بعض رجال الأعمال فيما يخص استخراج التراخيص التجارية للمواقع الاستثمارية وآلية الجهات المعنية في الدول الخارجية التي من شأنها توفير بيئة قانونية عادلة للمستثمر كي يوظف أمواله بالطرق السليمة وكي يتمكن من إنهاء إجراءاته بشكل عملي وموضوعي وقانوني، وأن يعرف المستمثر الآليات المتبعة في الترافع أمام القضاء الخارجي، فيما لو حدثت له مشكلة أو سلبت حقوقه أو تعرض لأي أخطاء يكفل له القانون الحصول عليها أو إعادة حقوقة، لذا تعد الثقافة القانونية لرجال الأعمال من أهم العوامل والأسس التي يجب أن يعي بها كي يقوم بالاستثمار في الخارج، وأن يكون لديه فكرة متكاملة وتخطيط مكتمل حول المسائل القانونية المتعلقة بذلك، لذا يجب على رجال الأعمال الرجوع والاستعانة بالمراكز القانونية المتخصصة، فيما لو تعرض لأي مشكلات أو عوائق تخض الاستثمارات لديه أو الاستفادة من برامج المراكز في الحصول على الآليات السليمة والقنوات المتاحة لتنفيذ إجراءات الاستثمار أو الحصول على خطوات الترافع أمام القضاء خارجياً أو متابعة أي قضية تخص استثماراته، وعلى السفارات في الخارج والغرف التجارية والجهات المعنية أن ترفع من البرامج الخاصة في هذا المجال وأن تضع برامج بالتعاون مع المراكز القانونية ومواقع الاستشارات القانونية فيما يخص الاستثمار في الخارج حتى يكون أمام رجال الأعمال خطة واضحة تعتمد على كل الأبعاد الضرورية والكفيلة لإنجاح الاستثمارات وأهمها النواحي القانونية.