أجرم كشغري، وجريمته كبيرة دون أدنى شك .. أجرم وتعلمون جيداً أنه لم يكن أول المتطاولين على ذات رسولنا الكريم، أو حتى على ذات إلهنا العظيم، فقد سبقه بذلك الفعل آخرون، دون أن يتبعوا جرمهم بكلمة اعتذار أو توبة، ودون أن ينالهم تقريع أو عقاب، فأصبح الباب بالتالي مشرعاً لكل من سولت له نفسه الإساءة لأعز ثوابتنا. لماذا فعلوا ذلك؟ فعلوه لسببين؛ أولهما اطمئنانهم ألّا عقوبة تردعهم، وثانيهما إدراكهم أن فعلهم هذا في مجتمعنا هو أقصر الطرق للشهرة والانتشار. لومي وعتْبي إذاً للجهات المعنية التي لم تتحرك سابقاً إيجاباً لردع المتطاولين. والثاني لكثير منا أنفسنا، ممن منحوا المتطاولين على الدين أو المغرقين في الكتابة عن الجنس مبتغاهم من الشهرة على أكتاف ثوابتنا، بحجة لم نفهمها جيداً، وهي حرية التعبير عن الرأي، وكأن أولئك لم يلحظوا أن داعي الحرية نفسه، وهو الغرب، لم يترك الحرية مطلقة، فوضع لها حدوداً ومحرمات يجرم من تجاوزها، لعل أبرزها معاداة السامية. الجزء الآخر المهم الذي لا ينبغي التغاضي عنه هو أن قضية كشغري جعلت البعض يتطاول على حقين لا ينبغي لأحد التطاول عليهما؛ أحدهما هو حق للدولة وحدها، والآخر هو حق لرب العباد وحده. فعقاب المجرم أياً كانت جريمته هو من اختصاص الشرع فقط. أما حق الله الذي «تطاول» البعض عليه، فهو حقه في التوبة على من يشاء «إن الله يغفر الذنوب جميعاً». قضية كشغري أفرزت لنا أشكالاً أصغر من التطاول، لكنها أشكال خطيرة لا ينبغي السكوت عنها، كالتحريض على القتل، ورصد الجوائز «لصائدي الرؤوس»، ناهيك عن سيل لم نعهده من قبل من العبارات البذيئة والعنصرية البغيضة. كل متطاول يجب أن يعاقب؛ ليدرك نفسه، وليطمئن غيره أننا في بلد يحكمه القانون، وليس الغوغاء.