الحياة الفطرية يطور الحوكمة ب« الثقوب الزرقاء»    القيادة تعزي ملك المغرب في ضحايا الأمطار والفيضانات    المملكة رائدة أمن المطارات في العالم    علماء يبتكرون مادة للبلاستيك تقاوم الحرائق    وزارة الخارجية: المملكة تدين مصادقة الاحتلال الإسرائيلي على بناء 19 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة    سمو ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة جمهورية تنزانيا المتحدة    المنتخب السعودي يتوج بطلًا لكأس الخليج تحت 23 عاماً    أنظار عشّاق كرة التنس تتجه صوب جدة لنهائيات بطولة الجيل القادم    إطلاق برنامج «خبراء التطوير المهني» التعليمي    الإدمان النظيف.. كيف ندمن ما يقتلنا ببطء    أثر القراءة لا يزول    حوارية ب«كتاب جدة» حول الهوية الثقافية    الصحة العالمية: ظهور سلالة فيروسية جديدة للإنفلونزا    5 أشياء في منزلك تزيد من خطر السرطان    تراجع النفط إلى أدنى مستوياته الشهرية    مليار دولار مشتريات الساعات الفاخرة    غونزاليس مع القادسية.. أحلام حطمها قطبا جدة    المحكمة تأمر سان جيرمان بدفع 60 مليوناً لمبابي    المملكة وسوريا تبحثان إنشاء مدن صناعية وتعزيز التعاون الاقتصادي    غرامة وسجن للعاملين لدى الغير    منطقة الرياض الأعلى في كمية الأمطار    السواحه من الأمم المتحدة: صدارة سعودية في المؤشرات الدولية    ساركوزي قد يمثل أمام القضاء مجدداً بشبهة التلاعب بالشهود    ترامب وقع أوامر تنفيذية في أقل من عام أكثر ممّا وقعه في ولايته الأولى    خيرية نظمي: لنا موعد في هوليود مع «هجرة»    جناح يوثق تحولات المشهد الثقافي السعودي    ترمب متفائل بقرب إنهاء الحرب على أوكرانيا    28.88 مليار ريال رواتب موظفي القطاع غير الربحي    «سعود الطبية».. نجاح قسطرة نادرة لطفلة    اكتشافات أثرية    الأهلي يجدد عقد "ميندي" حتى موسم 2028    الأخضر يستأنف تدريباته استعدادًا للقاء الإمارات على برونزية كأس العرب    «السعودية للكهرباء» شريك طاقة في المؤتمر السعودي الثالث عشر للشبكات الذكية    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    اخطب لابنتك ولا تخطب لولدك    4658 حالة إسعافية بالجوف    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    السعودية تدين مصادقة الاحتلال على بناء 19 مستوطنة في الضفة    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    دور إدارة المنح في الأوقاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ابن شلهوب يا عصابة راسي».. رجل يغنيك عن حضور غيره!
مضى خلف قائده «عبدالعزيز» واثقاً أميناً مضحياً بحياته في سبيل وحدة وطنه
نشر في الرياض يوم 17 - 10 - 2014

«محمد بن صالح الشلهوب» المعروف في ديوان الملك عبدالعزيز ب»ابن شلهوب» أحد أقدم رجالات الملك عبدالعزيز -الذين واكبوا معه لبنات تأسيس وحدة هذه البلاد-، وشاركوه في حله وترحاله منذ أن دخل مدينة الرياض عام 1319ه، إلى حين وفاته -رحمه الله-، إذ التحق به «ابن شلهوب» بعد ذلك بعام واحد أي عام 1320ه، حيث برز دوره في الكثير من المواضع؛ فكان الوزير العام للملك عبدالعزيز، ويناديه دائماً «شلهوب يا عصابة رأسي»، وذلك لشمولية المهام التي أوكلت إليه، حيث تولى الشؤون العامة والمالية، والإشراف على شؤون الداخل، وجمع الزكوات المحلية، ومقابلة الزوار والقادمين، والقيام بترتيبات القصر، وإعداد التجهيزات والمؤن (الزهاب) للغزاة، كما كان أميناً على شؤون الملك عبدالعزيز العسكرية، إضافة إلى مسؤولياته عن تأمين المؤن الخاصة بقصر الملك وضيافته والهدايا التي يقدمها لكبار ضيوفه، وغيرها العديد من المهام الميدانية والإدارية التي تصدى لها «ابن شلهوب» بعمل متواصل حتى كان مجلسه مفتوحاً بأمر من الملك نفسه على مدار 24 ساعة يستقبل وفوداً ويودع آخرين.
وتعتبر أسرة (آل شلهوب) من أسر الرياض التي كانت تقطن بلدة منفوحة، منها نزحت إلى الدرعية إبان قيام الدولة السعودية الأولى، وكانت تعرف باسم «الزبارا» أو «الزبيري» وهي فرع من آل شلهوب الأسرة الأم، كما يقول بذلك المؤرخ «عبدالرحمن الرويشد».
وقد أشار «ابن غنام» في تاريخه إلى رسالة للشيخ «محمد بن عبدالوهاب» موجهة إلى تلميذه «أحمد بن محمد بن سويلم»، وإلى الأمير «ثنيان بن سعود» أخي الإمام محمد بن سعود، يشير فيها إلى أنه يطلب رسالة «ابن شلهوب» كي يعرضها على عالم التحق بتأييد الدعوة للتو ليقرأها، وقد كان والده «صالح» من رجال الإمام «فيصل بن تركي»، فقد ذكر المؤرخان «ابن عيسى» في كتابه (عقد الدرر) و»ابن عبيد» في كتابه (تذكرة أولي النهى والعرفان) أنه في عام 1278ه(1862) أصدر الإمام «فيصل» أمراً إلى «صالح بن شلهوب» أحد قواده بالذهاب في سرية إلى عنيزة، لكي ينضم إلى قوة كان قد سيّرها من قبل، كما ذُكر أن الإمام «فيصل بن تركي» كان قد عيّن «صالح بن شلهوب» أميراً على بريدة، بدلاً من أميرها السابق (عبدالرحمن بن إبراهيم) وقبل تعيين أحمد السديري، ويذكر أن الشيخ «صالح الشلهوب» -رحمه الله- كان ضمن من حضر واقعة أم العصافير التي كانت بين الإمام «عبدالله بن فيصل» و»ابن رشيد» عام 1301ه (1884م).
تولى شؤون الملك عبدالعزيز العسكرية وتأمين المؤن الخاصة والضيافة وجمع الأموال.. وموقفه لا ينسى عند استعادة الأحساء
المولد والنشأة
ولد «محمد بن صالح الشلهوب» قرابة عام 1288ه في الرياض وعمل في مقتبل عمره بالتجارة فسافر إلى الكويت والبحرين، وتنقل بين بلدان نجد، وكان قد ترك الرياض وعمره سبعة عشر عاماً، وافتتح متجراً خاصاً به، ثم التحق بإمارة حائل إبان حكم الأمير «محمد بن عبدالله الرشيد»؛ ليعمل في شتى الأعمال التي انتهت به رئيساً لجباية الأموال في بلدان الخرج وما حولها، وبعد دخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض بعام تقريباً التحق به «ابن شلهوب» عام 1320ه، حيث عينه خازناً للمال وكان يطلق عليه أحياناً (رئيس الأموال في نجد)، ويعتبر الشيخ «محمد الشلهوب» من أقدم من عمل مع الملك عبدالعزيز في سلمه وحربه.
قال عنه المؤرخ «أمين الريحاني»:»كان بمثابة وزير المالية ووزير التموين عند الملك عبدالعزيز، فيه إخلاص لا ريب فيه، مهماته متعددة، تشمل الكبيرة والصغيرة، من المدفع إلى عود الكبريت؛ فهو يتولى أمر التوزيع العام الشامل، يوزع الحطب، ويوزع السمن، ويوزع السلاح، ويوزع المال. طريقته في الإدارة أولية بدوية، وحساباته قروية. قال: الذي يجيء نقيده، والذي يروح نقيده، والنتيجة لا شيء. وليس في طريقته محاباة وتفضيل. طوّف بي ذات يوم مخازنه، فدهشت لما في ذمته من الأموال، وفي ذاكرته من الأشياء. هذا مخزن السلاح والذخيرة، وهذا بيت التموين، وهذه الخوابي صنع الهند للسمن، وهذا التمن (الأرز) مئات الأكياس، مرصوصة بعضها فوق بعض. ثم أدخلني غرفة ذكرتني بمخازن الرهون بلندن وبنيويورك. كل ما فيها مهمل مجهول ومكدس بعضه فوق بعض. سألت الشلهوب عنها فقال: غنمناها في إحدى المواقع، ولا أدري ما فيها».
أمين عسكري
وكان الشيخ «محمد بن صالح بن شلهوب» -أحد رجال الملك عبدالعزيز الأوفياء- قد جعله الملك أميناً على شؤونه العسكرية والمدنية، وكان على رأس الإمدادات والتموينات والاتصالات متنقلاً بين الرياض والقصيم.
وقد ذُكر في كتاب (وثائق الملك عبدالعزيز) للدكتور «عبدالرحمن السبيت» وزملائه أن «ابن شلهوب» كان يتردد بين الرياض والقصيم والكويت ويتنقل منذ أن استقر الوضع في بريدة عام 1326ه (1908م) مكلفاً بالتجهيزات العسكرية، وشراء المواد التموينية، والاتصال بشخصيات كبيرة، وتأمين الحاجيات اللازمة لمعسكرات عبدالعزيز، كما ذكر الشيخ «إبراهيم النشمي» في مذكراته المنشورة في كتاب (رجال وذكريات مع عبدالعزيز) أنه كان أحد تجار السلاح في المدينة المنورة والخليج والكويت، قبل انضمام الحجاز إلى أجزاء المملكة، وكان يتعامل مع «ابن شلهوب» بأمر من الملك عبدالعزيز للحصول على الأسلحة والذخائر، حيث كان «ابن شلهوب» مكلفاً بتلك المهمات في ذلك الوقت.
مجلسه في «دخنة» مفتوح على مدار الساعة لضيوف الدولة و«قهوته عامرة» بالذكر..توفي وعمره 100 عام
استعادة الأحساء
بعد أن استقر حكم الملك عبدالعزيز في نجد هدف إلى استعادة الأحساء، حيث كانت جزءاً من الدولة السعودية فيما سبق، وحينها أرسل الملك عبدالعزيز «محمد بن صالح الشلهوب» ضمن قافلة تجارية دخلت الهفوف، وتظاهر بأنهم مهتمون بشراء المؤن والأغذية، وكلفه الملك عبدالعزيز بالوقوف على الوضع العام في المنطقة والتحري ما أمكنه عن الوضع العسكري والأمني.
وبعد عودته أخبر الملك عبدالعزيز بمعلومات عن الأحساء، وسار الملك برجاله قاصداً الهجوم على الأحساء وعند وصوله إلى (الرقيقة) (من ضواحي الأحساء) أبقى فيها أربع مئة من رجاله وخيله ومؤنه، بقيادة أخيه الأمير «محمد بن عبدالرحمن»، ووصل إلى الكوت ليلاً في الشهر الخامس من عام 1331ه(1913م)؛ فأرسل الملك عبدالعزيز إلى «أحمد نديم» متصرف الأحساء الموجود في القلعة، طالباً إليه تسليم المنطقة بشكل سلمي يضمن له الخروج سالماً دون أسلحته وعتاده، فوافق المتصرف، فبعث له الملك عبدالعزيز على الفور «ابن شلهوب» ومعه بعض الرجال، وشخصاً يتقن اللغة التركية، فذهب الجميع إلى قصر إبراهيم الذي تحصن فيه المتصرف «أحمد نديم» وتسلم «ابن شلهوب» ورجاله الأسلحة والعتاد!.
استضافة الرحالة والزوار
بعد أن استقرت الأوضاع في بداية ضم المناطق وتوحيد الدولة تبقى الصعوبة في الحركة التجارية، وذلك لبطء وسائل النقل آنذاك التي تنطلق من وسط الجزيرة إلى الأحساء والعقير، لتلتقي بالسفن البحرية، محملة بالبضائع، وفي تلك الفترة زار البلاد عدد من الساسة والرحالة من أنحاء العالم، ومن بينهم (باركلي راونكير) و(جيرالد ليتشمان) و(وليم شكسبير) و(بول هاريسون) و(هاملتون) و(فيلبي) و(أمين الريحاني) والطبيب (ديم).
وكان «ابن شلهوب» حينها المكلف من قبل الملك عبدالعزيز بإيوائهم، وإعداد الضيافة لهم، وتأمين راحتهم وتحركاتهم، واستقبال طلباتهم، والإجابة عن استفساراتهم حول سفرهم وإقامتهم.. وقبيل رحيلهم كان «ابن شلهوب» يعد الهدايا والملابس، ويتكفل بترحيلهم وتجهيزاتهم، وكان دبلوماسياً في إجاباته على أسئلة ضيوف الملك حرصاً منه على أمن البلد وسرية المعلومات، لا سيما تلك الأسئلة التي تخص الميزانية والسلاح والمقدرات العسكرية، حتى أن «الريحاني» أُعجب وتعجب من بعض هذه الإجابات، قائلاً:»شلهوب يعرف عن طريق قائده مدى حرص أولئك القادمين على التعرُّف عن كل شيء: عن الأسلحة والمعدات العسكرية، فلما سأله الريحاني يوماً عن أحد المخازن المليئة بالأسلحة، لم يُمَكّنه من التعرُّف عليها، بل اكتفى بقوله: إنها أسلحة غنمناها، ولا أعلم عنها شيئاً».
مهام شاملة
ونظراً لحجم المسؤوليات التي كُلف بها «ابن شلهوب» إثر توحيد البلاد ونشأة الدولة الحديثة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، فقد كان يفوض من يثق بقدراتهم وهممهم وتفانيهم، وذلك للقيام بمهمات شؤون الصرف على القضاء الشرعي، ونظام المرتبات الشهرية، والإشراف على الأوقاف، واستلام المطبوعات الدينية وتوزيعها، وله ارتباط وظيفي محدد برئيس الديوان العام للسلطان عبدالعزيز في ذلك الوقت الشيخ «ناصر بن سويدان» -أحد ثقات الملك عبدالعزيز ويحظى بكثير من المهابة والوقار، إضافة إلى ما ذكره «الريحاني» من أن «ابن شلهوب» كان مسؤولاً عن البيوت والخيل والإبل والمؤن والخدم ومخول بمهام عديدة، وقد شاهد «أمين الريحاني» بنفسه «ابن شلهوب» وهو يوزع ثلاثة آلاف عباءة مذهبة تم شراؤها من سورية في ذلك الوقت.
نواب «ابن شلهوب»
ويذكر المؤرخ «عبدالرحمن الرويشد» أن «ابن شلهوب» نظراً للمهام الجسام وزيادة الأعباء والمسؤوليات المنوطة به أثناء نشأة الدولة رأى ضرورة الاستعانة بمن يثق فيهم من الرجال ويرى فيهم القدرة لتنفيذ المهام الموكلة بأمانة وجودة عالية، ومن هؤلاء الشيخ «عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس» الملقب أحد أجداده ب(القطان)؛ فقد كان نائبه في توزيع المؤن والأغذية والقائم على (الشونة) المخازن البرية المتنقلة للغزو والسرايا، كما كان نائبه على توزيع الأسلحة والذخائر الشيخ «عبدالله بن عبدالعزيز بن عسكر» المعروف ب(السيد)، إضافة إلى «محمد بن عتيق» نائبه في توزيع الملابس والعبي.
واقتضت الحاجة لجمع عدد كبير من الكتبة والمأمورين ومن بينهم «عبدالرحمن بن محمد بن عساكر» و»علي بن خميس» و»سعد بن عبدالعزيز بن رويشد» و»علي بن شقير» و»عبدالعزيز بن شهيوين» و»الحميدي» و»علي القصيمي».. وغيرهم.
مجلسه في دخنة
ووصف «فيلبي» في كتابه (قلب الجزيرة العربية) مجلس الشيخ «ابن شلهوب» عندما قدم إلى الرياض للمرة الأولى.. بأنه غرفة أنيقة وواسعة، تقع في الطابق الأول، يكسوها سجاد جيد وفاخر، ووسائد ذات أقمشة هندية مزركشة، وبها موقد للقهوة يحوي عدداً من أباريق القهوة (الدلال) ومدخنة جميلة إطارها من خشب الأثل، مزينة بأزارير نحاسية، وأربع مرايا، وأربعة شرائط من الصفيح، وضعت كل واحدة على جانب، وعلى حوائط المجلس عن جهاته الأربع علّقت صور ملونة لقارب سباق بثمانية مجاديف.
وقال:»كان معه في غرفة الجلوس تلك عدد من الزوار.. وكانت دار ابن شلهوب في حي دخنة، على حافة الطريق المؤدي إلى بوابة الرياض الجنوبية، مفتوحة للزوار، كما يفرض عليه منصبه مقابلة الكل واستضافتهم، وكانت القهوة التي تقدم في غرفة الجلوس من أفضل أنواع البن اليمني، وكان ذلك النوع من القهوة يدّخر في مجالس الرياض للضيوف المميزين، وكان الملك عبدالعزيز يكلف ابن شلهوب باستضافة الزوار وتقديم واجب الضيافة لهم والإشراف على زيارتهم».
الضيافة والتوعية الدينية
وذكر «عبدالرحمن الرويشد» فيما يرويه عن عمه الشيخ «سعد بن عبدالعزيز الرويشد» -رحمه الله- عن قهوة الشيخ «ابن شلهوب»، قائلاً:»كانت في فترة من الفترات تعد من أكبر المقاهي في الرياض، وكان يُقدم فيها على مدار الأربع والعشرين ساعة القهوة والشاي وفاكهة الموسم، وكان الزوار الكبار للملك عبدالعزيز يقصدون تلك القهوة كل يوم في الصباح والمساء لقضاء بعض الوقت، وفي المساء خاصة جرت العادة أن تكون هناك فترة لا تقل عن نصف ساعة للقراءة الحرة في بعض الكتب المشهورة، من بينها كتاب البداية والنهاية، وكتاب الهدي النبوي لابن القيم، وكتاب الآداب الشرعية لابن مفلح، ويتناوب القراءة كل ليلة مقرئان، أحدهما الشيخ محمد بن أحمد بن سعيد، والآخر الشيخ عبدالعزيز بن شلهوب، أحد طلبة العلم آنذاك.. وفي ليلة أخرى يقرأ الشيخ سعد بن عبدالعزيز الرويشد، ومقرئ شلهوب الخاص سعد بن حسين، والد الأديب عبدالله بن سعد بن حسين، ويشهد تلك القراءة بعض من سكان دخنة، ومن ضيوف الملك عبدالعزيز، وهو تقليد معروف في بيوت الحكام، وقلدهم فيه كبار أتباعهم، وبعض شخصيات الرياض البارزين».
وفاته
عاش الشيخ «محمد بن صالح الشلهوب» عمراً مديداً تجاوز المئة عام، وقد أصبح في آخر عمره يتنقل عبر كرسيه المتحرك إلى حين وفاته في مدينة بيروت في شهر جمادى الثانية عام 1389ه(1969م)، ونُقل جثمانه إلى مدينة الرياض، حيث صلى عليه الملك فيصل، وجمع كبير من المواطنين، رحمه الله رحمة واسعة.
ابن شلهوب رجل دولة بأمانة وإخلاص
محمد بن صالح بن شلهوب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.