استغربت أم هيفاء، ان يسمي زوجها هكذا اسم «هيفاء» لابنتهم الصغيرة، قد يعود السبب أن عمق الثقافة والاطلاع كان محدوداً.!. عندما تزوجت في ذلك البيت الطيني في تلك القرية التي كبرت واصبحت مدينة فيما بعد، كانوا يسمونه بيت "الحمولة" هذا البيت مليء بالبشر الأهل كلهم مجتمعون في هذا البيت لا يُكدر عيشهم شيء. الا أن هذا الاسم قد يعتبرونه غريبا عنهم – هيفاء - لم يتعود عليه سكان تلك القرية! توقعا ان يسميها على والدته أو والدتها كما تجري العادة والسنن التي اتبعوها، خاصة في ذلك البيت، في بيتهم متاح للجميع بتربية الآخر إذا ما صدف اختلال في التربية. اصر زوجها على تسمية ابنته هيفاء والتي تعني "رقة الخصر وضمور البطن"، هي تكبر وتكبر إلى ان انتقل والدها إلى منطقة أخرى لزيادة دخله المعيشي والانفتاح الذهني طالباً التطور، لكن مازال هو وزوجته يتغنون بلهجتهم القروية. وهيفاء رغم حضور تفكيرها في المدرسة الا ان تمارس اللعب والمقالب حتى على والديها.!. حتى بدت أم هيفاء تقول لزوجها:"ليتك مسميها على أمي/كان شفتها عاقلة وزي الناس"، والد هيفاء يظن ان زوجته تصرعه بترديد هذه المقولة، كان يحتسي فنجانه المعتاد قبل أن يهُم للعمل كعادته، "يتربع وينسف" غترته وتتطاير عينيه ويرفع يده لمخابطتها:" الا ما تقولين لي ألحين.. كل ماحكيتِ عن ذا البنت، قلتِ ليتك مسميها على أمي/ ليت مسميها على أمي.؟!، اللي يسمعك يقول ان امك بولية- بيلية» لاعب الكرة العالمي. يرمي فنجانه وسط – غضارة - يعدونها لغسيل الفناجين والبيالات مليئة بالماء، غالباً يضعون تلك – الغضارة - في وسط الوجار بغرفة يسمونها – الدوانية- يقف أبو هيفاء مشمئزاً من حديث زوجته، يحتار في توسيط مرزام الغترة على رأسه/لم يبُل اصابعه كالعادة ليوازن المرزام/ كل هذا من شدة غضبة!. لم يلبس عقالًا كانت موضة العقال ليست دارجة في تلك الأيام. تمُر السنين وهيفاء تكبر وتتفوق في العلم، لكنها ماتزال رأس الحربة في خلاف الزوجين، تعود اسبابها لخفَّة دمها وحركتها الدؤوبة، يلقبونها - بالقشرة - هيفاء وصلت حتى بالخروج عن البيت ولعب الكرة مع ابناء الحارة.! أحياناً تهدد "عيال- أبناء" الجيران - بالنباطة – تركل هذا وترجم ذاك، أم هيفاء "تتّسبع - تلبس" جلالها- وتخرج إلى الحارة، إذ تصرخ عليهم بالابتعاد عن بيتها وابنتها، تُهددهم" ترى ان ما فارقتوا عن بابنا/ والله أن أمزع كورتكم " هي تخشى على فتاتها الهيفاء مجاراتهم ثم التطبع باخلاقهم وأفعالهم. هنا وجدت فكرة في أن تسلي ابنتها عن ال"سكة"ويومياً يشترون قوارير الفيمتو من الديرة، ويخلطونها بالماء والسكر ثم تعبئتها بأكياس البلاستيك ثم تبيع "العكسريم" على ابناء وبنات الحارة "بأربعة قروش"،تعودت -هيفاء- على ذلك وتطورت إلى ان باعت الفشار ثم البليلة وبعض الحاجيات التي تأخذها من سوق الجملة بالبطحاء مع والدتها. هذه الفتاة كلما تكبر كلما يزداد طموحها وتتغير اطباعها، والدها فَرِح بها، إذ يقول لزوجته في كل صباح :"والله ذا البنت مهيب سهلة/طالعتن عليّ". ويعود السجال بين الزوجين، حيث تقول أم هيفاء:" أها بس.. ترى لولا مطاردي وراها في ذا السكك كان ماشفتها زي البنات ورازقها الله.