«وطن 95».. تعزيز جاهزية القطاعات الأمنية    استمرار النمو بمختلف القطاعات.. 2.9 تريليون ريال إيرادات الأنشطة الصناعية    مشيداً بدعم القيادة للمستهدفات الوطنية..الراجحي: 8 مليارات ريال تمويلات بنك التنمية الاجتماعية    تعديل ضريبة المشروبات المحلاة    رغم استمرار الخلافات حول خطوات اتفاق غزة.. تل أبيب لا تمانع من الانتقال ل«المرحلة الثانية»    الاحتلال يواصل خروقاته بالضفة والقدس    كييف تنفي بشكل قاطع الاتهامات الروسية.. الكرملين يرفض تقديم أدلة على هجوم استهدف بوتين    "السنغال والكونغو الديمقراطية وبنين" إلى ثمن نهائي أمم أفريقيا    في ختام الجولة ال 12 من دوري روشن.. الهلال والاتحاد ضيفان على الخلود ونيوم    مواجهة سهلة للنصر في ثمن نهائي أبطال آسيا 2    مجلس الوزراء: المملكة لن تتردد في اتخاذ الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهة أي مساس أو تهديد لأمنها    والد الفريق محمد البسامي إلى رحمة الله    رياض الخولي بوجهين في رمضان    أطلقتها الوزارة في حائل ضمن مسار المناطق.. «خيمة الإعلام» تطور مهارات الكوادر الوطنية    مسحوق ثوري يوقف النزيف الحاد في ثانية    «كهف الملح» من حلم القصب لواقع الاستجمام    «تهامة عسير» .. دعم السياحة البيئية    خسارة ثقيلة للأهلي أمام المقاولون العرب في كأس رابطة المحترفين المصرية    الميزة الفنية للاتحاد    الاتحاد وانتصارات الدوري والنخبة    المملكة تضخ مليونًا و401 ألف لتر ماء بمحافظة الحديدة خلال أسبوع    انفجار الإطار والسرعة الزائدة ساهما بحادث جوشوا    ضبط شخص بمنطقة مكة لترويجه (22,200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    تعرف على مستجدات لائحة تقويم الطالب وأدلتها التنظيمية    بيان السيادة.. حين تفصل الرياض بين عدالة القضايا وشرعية الوسائل    متحدث التحالف: سفينتا الإمارات كانتا تحملان 80 عربة وأسلحة وذخائر    إذاعة القرآن.. نصف قرن من بث الطمأنينة    «مساء الحِجر».. تاريخ العُلا    «جدة التاريخية».. وجهة سياحية جاذبة    شتاء البر    منصات النحت    الاتفاق يوقف سلسلة انتصارات النصر    اعتراف خارج القانون.. ومخاطر تتجاوز الصومال    سر غياب روبن نيفيز عن قائمة الهلال أمام الخلود    مطار الملك سلمان الدولي يدشن أعمال إنشاء المَدرج الثالث    محافظ ضمد يزور جمعية دفء لرعاية الأيتام ويشيد بجهودها المتميزة    الشؤون الإسلامية بجازان تختتم الجولة الدعوية بمحافظة ضمد ومركز الشقيري    أمير الرياض يعزي مدير الأمن العام في وفاة والده    مدير تعليم الطائف يثمن جهود المدارس في رفع نواتج التعلّم    هل المشكلة في عدد السكان أم في إدارة الإنسان    مبادرة رافد الحرمين تستأنف عامها الثَّالث بتدريب المراقبين الميدانيين    غزال ما ينصادي    جيل الطيبين    حين يغيب الانتماء.. يسقط كل شيء    قائد الأمن البيئي يتفقد محمية الملك سلمان    "الرياض الصحي" يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار"    «الهيئة»أصدرت معايير المستفيد الحقيقي.. تعزيز الحوكمة والشفافية لحماية الأوقاف    ولادة مها عربي جديد بمتنزه القصيم الوطني    رجل الأمن ريان عسيري يروي كواليس الموقف الإنساني في المسجد الحرام    التحدث أثناء القيادة يضعف دقة العين    اليوان الرقمي يحفز أسواق العملات الرقمية    نجل مسؤول يقتل والده وينتحر    الدردشة مع ال AI تعمق الأوهام والهذيان    انخفاض حرارة الجسم ومخاطره القلبية    القطرات توقف تنظيم الأنف    «ريان».. عين الرعاية وساعد الأمن    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمريكيات الصلعاوات: آهات وآلات وشيء يسمى فناً
نشر في الرياض يوم 27 - 10 - 2013

قبل عدة أيام، كنت أقضي بعض أموري بالسيارة، وكالعادة كان الراديو يلقي علي بكل ما هب ودب، فجأة سمعت آهات غريبة، ولأنني أستمتع بمعرفة الفنان الذي يغرد أحياناً وينهق كثيراً في هذه الأيام، توقفت على جانب الطريق محاولاً إقناع عقلي بخطأ تنبيه ساهر السمعي الخاص بي، بأن هذه الآهات لا يمكن أن تصدر ممن غنت "الحب يحرك الجبال"، و"لأنك أحببتني"، و"لو كانت الجدران تتكلم"، تلك الكندية التي حملت التايتانيك بجلالة حجمها على أثير أنغام صوتها الآسر، إلا أن كل تلك الذكريات تبددت في حقيقة أكدها الأثير المستمر، نعم هذه الآهات لسيلين ديون وليست لريهانا أو تايلور سويفت، هنا قلت لنفسي: تباً! يبدو أن سيلين قصت شعرها أيضاً!
في حفل الإم تي في الأخير، كان ظريفاً أن يقسم الحفل عفنه الفني في ثلاث حلقات، الأولى قادتها القبيحة ليدي جاجا، وكان الفاصل الأوسط لبريئة ديزني - معشوقة المراهقين - غير المستقرة كما يحلو للإعلام الأمريكي أن يسميها مايلي سايرس، وكان الختام بزئير المتنمرة المستذئبة كايتي بيري، والجامع بينهن صلعة غير مكتملة!
قد يتساءل بعض القراء عن إصراري عن ختم كل مقطع من المقال بحديث عن الرأس والشعر، وربما يستنتج البعض أنني أحاول التأسيس لنظرية نقدية تربط بين الأغنية المبتذلة والصلع، أي فراغ الرأس من الداخل والخارج، لكنني وإن كنت سأسعد بتأسيس نظرية نقدية استثنائية تحمل اسمي وربما تدمر مستقبلي بحكم أن الصلع بدأ يغزوني بجدية لا هوادة فيها، لكن سيشفع لي وجود عباقرة رجال ساطهم الصلع مثل فيل كولينز وموبي ومايكل ستايب، أو نساء مثل سكوديو وساينيد أوكونور، لكن هذا حتماً ليس الرابط بين الصلعاوات الجدد واللاتي تجمعهن عوامل تنفير أخرى، مثل رداءة الصوت، والكلمات التافهة، والفيديوهات الصادمة والتي تجمع بين الابتذال الجسدي والترويج النمطي للأفعال غير الأخلاقية، ودون شك محلات الموضة وصالونات التجميل والحلاقة!
الصلعاوات الجدد، يملأن صفحات الجرائد بفضائحهن العاطفية والرومانسية، وفي الفيديوهات المصورة لأغانيهن يقدمن العكس، فهن مسترجلات، يتشقلبن ويرفسن كل شيء حولهن، ويذهبن إلى العراق أيضاً، ولو فكر الرجل بمجرد خيانتهن فربما انتقمن من ملابسهن ولعقن مطارق الهدم التي يستخدمها عمال الهدم، طبعاً بدون خوذة من أجل تنميط المرأة الصلعاء الجديدة.
الصلعاوات الجدد صديقات حميمات للتقنية، فهن لا يستطعن القيام بكل شيء دون أن تحمل الميجابايتات نشازهن لتلطفه عبر عمليات صماء تحاول أن تجعل منهن أيقونات فنية توازي فتيات في مثل أعمارهن كالبريطانية كايتي ميلوا وأديل، ولتطويع البنية اللحنية لأغانيهن فإن المنتجين المتخمين بأموال ترويج الأجساد الذاوية المليئة بحقن الهيروين والكوكايين، فإنهم أي المنتجين يسعون لملء الفراغ الكبير في أغاني الصلعاوات بالكثير من الآهات والعواء والصراخ وما لا معجم له ولا قاموس، لكن الجمهور تم تطويعه بذكاء عبر استخدام المصائد الصوتية التي تصنع إيقاعاً نفسياً يعلق بالذاكرة، تجعل المرء يخجل من كتابة مقال عن الصلعاوات التي يراهن في منامه أحياناً، إنها قدرة على النفاذ تعتمد أساليب غسل الدماغ، وتحويل ذاكرتك الموسيقية إلى حاوية لهذه القمامة الفنية التي تصدح بها معظم قنوات الراديو الموسيقية والفضائيات الغنائية، وتجعل الغبار يتراكم على كتاب أوليفر ساكس عن "نزعة إلى الموسيقى" الذي روى لنا عن إحدى الظواهر التي تعبث بعقل المستمع رغم كل الرفض الذي يحاول أن يقاوم به هذا الذي نسميه تعسفاً فناً.
إن مشكلتنا مع الصلعاوات الجدد أنهن يخضعن لبرنامج استنساخ مدهش، إذ يبدو الأمر وكأنه نكاية تآمرية في العالم أجمع، حيث تظهر هذه الظواهر من حيث الانحطاط الفني في كل مكان وفي كل ثقافة. ربما كوريا الجنوبية تشهد ظاهرة عكسية في تحول المغنين إلى إناث يزحفون على سيقانهم الصلعاء فوق المسرح، ولا بأس في ذلك فالعولمة لا تركز كثيراً على مكان الشعر، ما دامت إزالته هي الرابط، هو صلع في آخر الأمر وهذا هو ما يهم!
إذاً ما الذي جرى للديفا الكندية، ما الذي أصاب حنجرتها الذهبية لكي تتأوه في مدخل أغنيتها المنفردة الأخيرة، الجواب هو لا شيء، حنجرتها تبدو على ما يرام دون شك، وقدراتها الغنائية ما زالت هي هي، لكن الأمر يعود لمن يقود زمام الأمور، ذلك المنتج الذي يدرك اتجاه السوق والسوق فقط، ولا يهمه تاريخ الفنان وميراثه وقدرته بل وحتى جمهوره الذي كونه مع السنين فهو يسعى لجمهور شاب آخر، يمكنه أن يحقن حساب شاب هزيل بخمسة وأربعين مليون متابع على تويتر فقط، فلم لا يحاول أن يجتذب كل هذا الجمهور لنجمة جيل ولى زمن بهائها كما يقترح، والفنان لا يرعوي عن مسايرة المنتج، رغم ثرائه ورغم كل تاريخه، لأنه يريد أن يبقى في الصورة، فهو وإن غاب عن الصفحات الأولى في الصحف والمجلات الفضائحية لأنه مستقر في حياته، لكنه لا يفضل الغياب عن خشبة المسرح التي تغص بالصلعاوات وآهاتهن الشجية.
سيكون من العجيب وفي ارتباط لا معنى له أن نجد أن كثيراً من منتجي أغاني الصلعاوات الجدد هم من الصلع أيضاً، إن الأمر فيه مؤامرة على رؤوسنا يجب دراستها، وإن كان فيها الكثير من العزاء لبعضنا، أولئك المقاتلون القدامى الذين يحاولون رغم حداثة سنهم أن يحافظوا على أسماعهم وعيونهم أيضاً من كل هذا العبث الذي يحتشد في كل زاوية من الإعلام جديده وقديمه، وهي محاولات ممكنة لو اكتشفنا ألبومات أخرى للرأس الجعد القطط الراحل جيمي هيندريكس، الذي يؤكد لنا في ألبومه الأخير – المكتشف بعد وفاته بأربعين عاماً - بأننا على وشك سماع صافرة قطاره القادم، نحن بانتظاره يا جيمي، وإياك أن يتأخر فالحلاق يتوعدنا جميعاً!.
سيلين ديون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.