تُفضَّل بعض ربات البيوت استضافة اللقاءات والتجمعات النسائية ذات الطابع الأسري والاجتماعي والثقافي والتعليمي في المقاهي أو المطاعم بديلا عن استضافتها داخل المنازل، علاوةً على تردّد بعض النساء في فتح منازلهنَ للضيوف في المناسبات الاجتماعية ومواسم الأعياد، وكذلك استضافتهم في الاستراحات، حيث يبدو أنَّ كثيراً منهنَ لم تعد تُفضَّل إدخال كائن من كان في بيتها، إمّا خوفاً من العين والحسد، وإما خشية انتقاد ضيوفها لذوقها في اختيار ديكور وأثاث منزلها، أو طريقة تربيتها وتنشئتها أطفالها، ومنهن من لا تود تحميل نفسها فوق طاقتها فيما يتعلق بتقديم المأكولات والمشروبات المتعلقة بالضيافة على أوان فاخرة ومُكلفة مادياً. بروتوكول نسائي وقالت "فوزية عبدالرحمن" -ربة منزل: إن الهدف من التجمعات النسائية في السابق لم يكن اللقاء بحد ذاته، بل كان الهدف تأصيل الترابط والتآزر الاجتماعي، بخلاف أي تجمع نسائي يحدث اليوم، مضيفةً أن الاهتمام كان منصباً على التجمع نفسه، لذا كان الشكل العام للضيافة المقدمة بسيطاً جداً وغير مُكلف، حيث تقتصر تلك الضيافة على تقديم القهوة والشاي والتمر، أو أي نوع من أنواع الحلا، مشيرةً إلى أنه ظهر اليوم كثير من "البروتوكولات" النسائية التي أصبحت سائدةً لدى عدد من التجمعات، حيث يفضِّل بعض ربَّات البيوت البدء بتقديم العصيرات ثُمَّ القهوة والحلا، ثُمَّ يتم بعد ذلك التوجه للبوفيه متعدد الأصناف. وأضافت أن تفاصيل التجمع اليوم أصبحت أشبه بالدعوة إلى حفل نسائي، لذا فإن كثيراً من ربَّات المنازل تضع ترتيباتها خارج المنزل، إمَّا في احدى الاستراحات، أو أحد المقاهي التي توفر الخصوصية لذلك التجمع، أو حتى في أحد المطاعم التي توفر جلسات عائلية تكفي لأكثر من (25) شخصا في معظم الأحيان. طابع خاص وأوضحت "عواطف الغامدي" - معلمة - أنَّ لكلِّ جيلٍ طابعه الخاص الذي يُميزه، مُشيرةً إلى أنَّ البساطة والعفوية كانت عنوان الحياة في السابق، ومن ذلك ما يتعلق بالتجمعات النسائية، بينما تأثر كثير بالجوانب الحياتية حالياً، وبالوضع السائد المميز لعصرنا الحالي، الذي أصبح شعاره السرعة والتسارع، حتى إنَّ ذلك أثّر أيضاً في جانب اللقاءات النسائية التي غدت أقل راحة وأريحية عن ذي قبل، مُضيفةً أنَّ ربات المنازل بدأن أكثر حرصاً على التفنُّن في جلب عدد من أنواع المأكولات التي غالباً ما يتم إعدادها في المطاعم وأماكن بيع الحلويات، كما أنَّهن بتن أكثر حرصاً على تقديم المشروبات والمأكولات في أحدث الأواني المنزلية الفاخرة ذات السعر المرتفع، ناسيات أن الحفاوة من قبلها والاهتمام بالتواصل مع ضيوفها يجعلهن يغضضن الطرف عن أي تقصير غير متعمد قد يصدر عنها، داعيةً إلى الاهتمام بما يعزز التواصل الاجتماعي. فتيات يغادرن أحد محال القهوة انتشار المقاهي وذكرت "نورة المقبل" - موظفة - أنَّه لا يوجد لديها أي تواصل مع جاراتها أو حتى صديقاتها حالياً، مضيفةً أنَّها وفي أكثر من مرة حاولت التواصل معهن إلاَّ أنَّهن لا يُبدين نفس الحماس الذي يظهر عليها، مُرجعةً ذلك إلى ظروف الحياة الحالية التي طغت عليها الجوانب المادية، لافتةً إلى أنَّ المرأة العاملة تقضي جزءاً كبيراً من يومها بين سعيها وراء لقمة العيش وتربية الأبناء وتدريسهم، ومتابعة الأعمال المنزلية، مبينةً أن انتشار المقاهي ساهم في احتضان عدد من التجمعات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والتعليمي، فمن خلال نظرة عابرة داخل أحد المقاهي يمكن أن نلحظ وجود مجموعة من الشباب يجتمعون في احدى زواياه، كما يمكن أنَّ نجد مجموعة من الفتيات اللاتي يدرسنَ بشكل جماعي في زاويةً أخرى من زواياه وسط رائحة القهوة و"التشيزكيك"، بينما نجد في ركنٍ آخر أنَّ هناك عدداً من الطاولات التي جمعت سيدات يجمعهن العمل أو الصداقة، مُشيرةً إلى أن المقاهي اليوم ساهمت بدور كبير في التواصل الاجتماعي بديلاً لجلسات المنازل. طغيان المظاهر وقالت "أم هشام الزيد" - ربة منزل: إن اللقاءات والزيارات الاجتماعية اليوم أصبحت تتم بشكل ذي طابع رسمي، حيث لابد أولاً من أخذ موعد مسبق، ومن ثمَّ يتم التنسيق للزيارة ليس في المنازل، بل في المطاعم والمقاهي والمجمعات الكبيرة، مُضيفةً أنَّ التجمعات النسائية اليوم أصبحت للتفاخر والتنافس في تقديم أفضل الاطباق، وأفخر الأواني، وفي لبس أحدث "الموديلات"، مُؤكدةً طغيان المظاهر في كل شيء، لدرجة أن الأمور البسيطة كالسكر أصبح يقدم بأشكال وألوان متعددة عند تقديمه مع الشاي للضيوف، كما أنَّ الفطائر تأتي مقلية أو بالفرن بأشكال متعددة وحشوات غريبة. وأضافت أنها سُرَّت مؤخراً عندما لاحظت وجود عدد من المقاهي الشعبية التي تحمل أسماء شعبية نجدية وخليجية، حيث تقدم فيها الأكلات التراثية وسط أجواء تراثية في أوان قديمة، وهذا ما يدعو إلى التفاؤل بالعودة إلى التراث الذي يُميز ماضينا الجميل في قالب حديث. عمل المرأة وأرجعت "هند العتيبي" - موظفة - التغير الذي بدأ يسيطر على شكل التجمعات النسائية حالياً إلى خروج المرأة للعمل، مضيفةً أن عدداً كبيراً من النساء يعملنَ خارج المنزل، الأمر الذي أصبحت فيه معظم اللقاءات والتجمعات تتم في الأماكن العامة لسهولتها على الجميع، حيث لا تحتاج لتنسيق مسبق، كما هو الحال عند الاجتماع في المنزل، مُبينةً أنَّ التجمعات المنزلية تتطلب تنظيف المنزل وترتيبه وتجهيز أفخر الأواني وأجود وألذ المأكولات المتنوعة، كما أنَّ بعض ربات البيوت قد تجلب إحدى عاملات الضيافة لتقديم الشاي والقهوة و"الكابتشينو"، وغير ذلك من التفاصيل التي تختفي في حال تمَّ اللقاء في أحد المقاهي أو المطاعم. استرجاع الذكريات وبيّنت "أحلام القرني" - معلمة - أنَّ المرأة العاملة تختلف عن ربة المنزل، مُضيفةً أنَّ المرأة العاملة كثيراً ما تُضطر إلى اختيار المقاهي مكاناً تتم فيه التجمعات النسائية مع الصديقات أو القريبات، وذلك لتوفر الخدمات وتنوع الخيارات، أو رغبةً منها في التغيير سواءً على صعيد المكان، أو نوع الأكل، أو الخروج عن المألوف، مُبينةً أنَّ ربَّات المنازل والكبيرات في السن كثيراً ما يُفضلنَ الاجتماع واللقاء في المنزل، لكونه يجعلهن يسترجعن ذكريات الماضي، كما أنَّ من بينهنَ من تُخصص جلسة خاصة في منزلها من أجل اللقاء كالخيمة التراثية التي تحتضن بداخلها أثاث "السدو" وجلسة "المنقد" والفحم خاصةً في الشتاء. وجاهة اجتماعية ورأت "غادة المحمودي" - طالبة جامعية - أنَّ تجمعات الصديقات والقريبات انتقل في العصر الحالي من المنازل إلى المقاهي العصرية، التي زاد عددها في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ جداً، وأضحت المكان المفضل لتجمع كثير من الفتيات والسيدات متوسطات العمر، مُضيفةً أنَّ كثيراً من الفتيات لا يُفضلنَ التجمع في منزل أحداهن، بل يُفضلنَ التجمُّع في المقاهي أو "المولات" لتناول وجبة العشاء متى سمح وقتهنَّ بذلك، مُبينةً أنَّ أسلوب الضيافة المفضل لدى كثير من الفتيات حالياً لم يعد مُقتصراً على الشاي والقهوة، بل تعداه إلى "الأسبرسو" و"الموكا" و"الكابتشينو"، وكذلك "التشيزكيك" و"الكرواسون". وأشارت إلى أنَّ الفتيات يفضلنَّ الاجتماعات غير المكلفة مادياً، حيث أنَّ التجمعات المنزلية حالياً تجعل كثيراً من الفتيات والسيدات يحرصنَ على اتباع آخر خطوط الموضة من أجل تعزيز مفهوم الوجاهة الاجتماعية. المولات باتت مكاناً مناسباً للقاءات والاجتماعات الجيل الحالي يُفضل الخروج واللقاء في المراكز التجارية