ما من شك أن حادثة المعنّفة "لمى"، ووفاتها بسبب تعذيبها على يد والدها هزت المجتمع السعودي من أقصاه إلى أقصاه. كان اللقاء الذي أجراه الزميل محمد اليوسي في قناة "العربية" مع والدتها دامياً ومؤلماً لمن في قلبه مثقال ذرة من إنسانية، فضلاً عن أن يكون الإنسان تواقاً إلى الخير مبتعداً عن كل شر. الحادثة هذه تفتح ملفات عديدة على طاولة العنف الاجتماعي بشكلٍ عام. اطلعتُ على قراءة فرنسية للأمراض النفسية في العالم تتحدث عن أن واحداً من بين كل خمسة أشخاص يصاب بأمراض عقلية ونفسية غير واضحة، بل ويستمر في أداء عمله أحياناً وفي مرافقة صحبه غير أن المشكلة في عمق الشخصية. ويبدو لي أن هذه الكارثة البشرية وحادثة قتل أب لابنته من بين أخطر وأندر الجرائم التي وقعت بمجتمعنا، دع عنك الاغتصاب والتحرش وسوى ذلك من الجرائم المتكررة فهي لا تقل جرماً، غير أن الحادثة في سياقها وأعني بها أن يغتال ابٌ طفلته فهذا يفتح أكثر من ملف، علينا أن نقرأها بشجاعة وسرعة ووضوح. إنني سائلكم فأجيبوا بالله عليكم، أيعرف أحد منا من هي المؤسسة المخولة بالتعاطي مع حالات تعنيف طفل ما؟! إلا اللهم المرافق التربوية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية وهي أيضاً مليئة بالتعذيب والمسالخ، ولا ننسى ذلك الشاب الذي عذّب من قبل المربّين بأسلاك الكهرباء! إذاً الخيار الوحيد للأطفال والفتيات والزوجات المعذبات أن تهرب من الرمضاء إلى النار! سمعتُ عن فتاة سعودية لها نشاط على الانترنت ناقمة ضد المجتمع وأعلنت إلحادها، وهربت من السعودية إلى بلدٍ غربي وانقطعت عن أهلها، وهي بهذا نجت بنفسه من مصائب كبيرة! الملف الأخطر الذي تعيدنا إليه هذه الحادثة ضرورة تواصل البيوت مع الجهات الأمنية، أو الإعلامية لوقف العنف. على أي امرأة ترى العنف الأسري أن تتواصل مع رئيس تحرير أو مع رئيس شرطة المهم أن تتواصل لأننا أشبه ما نكون في غابة بسبب غياب الجهات المسؤولة عن حماية البنات والأطفال المعنفين، ولا تسأل عن الشباب الذين تركوا بيوتهم أصلاً وعاشوا بشقق أو استراحات وطلقوا بيوتهم بالثلاث! *بآخر السطر، فإن "لمى" علامة وشرارة كبرى في تاريخ مجتمعنا تقول لنا ليس كل من ألقى محاضرة دينية فهو داعية، ولا كل مجتمعٍ ادعى أنه من أحفاد الصحابة انقرضت فيه الجريمة، بل الأمم بمؤسساتها وقوانينها الرادعة والفاعلة والنافذة.