يأتي الكبار من الرجال في أزمنة صعبة وقاسية ومفصلية في تاريخ الأمم والشعوب، يظهرون كالشهب المضيئة، كالكواكب المشعة يضيئون العتمة، ويبددون ظلمة تجتاح الفضاءات التي تحولت إلى تخبطات وفوضى تتصارع فيها المجموعات البشرية على إنتاج الجهل والتخلف والخلافات في التفاصيل الصغيرة الهامشية. في أزمنة كهذه بائسة وتعيسة مثقلة بالمشاريع والمؤامرات والاصطفافات والتكتلات التي تستهدف التاريخ والجغرافيا والإرث الحضاري، ومشحونة بالصخب والضجيج والادعاءات الجوفاء، والكذب، والمزايدات، والزيف، وامتهان العقل من قبل أدعياء السياسة وأطفالها، المرابين بمستقبلات الإنسان، وحرياته، وكراماته، وعيشه، واستقراره الحياتي، يبرز في ليل الأمة زعامات استثنائية تحمل الهواجس والهموم والتطلعات نسغاً في تكوينها، وحالة عمل يومي، وتفكير مستمر، تسعى من خلال إيمانها بالمسؤولية العظيمة على الوفاء بها، ووضع الأهداف والرؤى والغايات أولوية لا تقبل التأجيل أو التأخير، إذا أنها تمس عمق حياة الناس، واستنهاض الأمة لوضع طاقاتها وقدراتها ومقدراتها في خدمة قضاياها الرئيسة، وتنمية إنسانها بالمعرفة والعلم والتدريب والتأهيل، وتوطين أنماط الحياة الحديثة في ثقافة مواطنيها، والانخراط في صناعة الحضارة الإنسانية بمجمل معارفها وفروعها، وإشاعة مفاهيم التسامح بين أطياف وشرائح الأمة على الصعيد الديني، والثقافي، وقبول مبادئ الحوار العاقل المتزن بعيداً عن فوضى الإقصاء والتهميش والتكفير وخطابات التحريض. من هنا وفي هذه الظروف الصعبة برز قائد استثنائي مبهر في تطلعاته وطموحاته وأفكاره وحكمته، برز عبدالله بن عبدالعزيز شهاباً مبهراً في التاريخ العربي المعاصر، يسير في الدروب يصنع التغيير، ويكرس الإصلاح، ويشتغل بهم التنمية في كل المناحي، وعلى كل الصعد، فقد اتجه إلى صناعة مشروعات جبارة وهائلة على المستوى المحلي ستكون إرثاً يسعد الأجيال القادمة، ويقدم الوطن ككيان حضاري تتوفر به وله كل الأسس المطلوبة للتقدم والنمو. ولعل الحرمين الشريفين بمكانتهما المقدسة بين المسلمين، وما تستقبله من أفواج بشرية من شتى أنحاء العالم للحج والعمرة هما في قلب هذا الرجل الكبير، والقائد الحكيم، فقد شرف الله قيادة هذه البلاد بعمارتهما والإشراف على راحة الوافدين إليهما، فكان "... تدشين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال زيارته للمدينة المنورة قبل أيام أكبر مشروع توسعة للمسجد النبوي الشريف، بما يجعله يستوعب ما يقارب مليوني مصلّ، مع ما يصاحب ذلك من خدمات. وسيُنفذ مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف على 3 مراحل، تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصلّ، كما سيتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، بحيث تستوعب 800 ألف مصلّ إضافيين. وتشمل هذه التوسعة التاريخية مسطحات بناء إجمالية تقدر بحوالي مليون متر مربع مع إضافة بوابة رئيسية للتوسعة الجديدة بمنارتين رئيسيتين وأربع منارات جانبية على أركان التوسعة والساحات وبطاقة استيعابية تسع ما يزيد على مليون وثمان مئة ألف مصلّ مما يوفر أماكن للصلاة بالأدوار المختلفة تقدر بأكثر من ثلاثة أضعاف المساحة الحالية.. ومن المتوقع أن يزيل المشروع، الذي سيبدأ بعد نهاية موسم الحج لهذا العام 100 عقار موزعة على الجانبين الشرقي والغربي للمسجد، بمساحة تُقدر بنحو 13 هكتارا. ووفق مخطط المشروع، ستجري تحسينات للساحات العامة والساحة الاجتماعية حول المسجد، وستحول الملكيات المطلوبة للتوسعة إلى الملكية العامة. وتعد هذه التوسعة مكملة للمشاريع الأخرى التي أمر بها خادم الحرمين الشريفين بهدف التيسير على الحجاج والمعتمرين وزوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها على وجه الخصوص التوسعة الحالية للمسجد الحرام والمسعى وجسر الجمرات ومشروع إعمار مكةالمكرمة وقطار الحرمين وبوابة مكةالمكرمة "مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة". إن هذا الرجل يحمل هموم الأشقاء العرب والعالم الإسلامي، ويتوج هذا الاهتمام بالمقدسات.