أمير الرياض يستقبل ممثل الجامعات السعودية في منظمة سيجما الدولية    محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة أمير منطقة الرياض    الوطنية للإسكان عضواً رئيسياً في برنامج " رواد الاستدامة" بالمملكة العربية السعودية    أمير الشرقية : رجال الهلال الأحمر السعودي يؤدون رسالتهم بحرفية عالية    برعاية ولي العهد..اختتام الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    جامعة الملك سعود تطلق مؤتمراً دولياً بعنوان (النشاط البدني لتعزيز جودة الحياة)..    «الصحة»: خروج أكثر من نصف إصابات التسمم الغذائي من العناية المركزة.. وانحسار الحالات خلال الأيام الماضية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولارًا للأوقية    الفرص مهيأة للأمطار    أمير تبوك: المملكة أصبحت محط أنظار العالم بفضل رؤية 2030    تحويل الدراسة عن بُعد بوادي الدواسر ونجران    وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    تعاون "سعودي – موريتاني" بالطاقة المتجدِّدة    افتتاح معرض عسير للعقار والبناء والمنتجات التمويلية    تسجيل «المستجدين» في المدارس ينتهي الخميس القادم    أخفوا 200 مليون ريال.. «التستر» وغسل الأموال يُطيحان بمقيم و3 مواطنين    بطولة عايض تبرهن «الخوف غير موجود في قاموس السعودي»    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    حرب غزة تهيمن على حوارات منتدى الرياض    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    أمير الشرقية يدشن فعاليات منتدى التكامل اللوجستي    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    دعوة عربية لفتح تحقيق دولي في جرائم إسرائيل في المستشفيات    «ماسنجر» تتيح إرسال الصور بجودة عالية    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    «الكنّة».. الحد الفاصل بين الربيع والصيف    توعية للوقاية من المخدرات    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    (ينتظرون سقوطك يازعيم)    لوحة فنية بصرية    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    في الجولة 30 من دوري" يلو".. القادسية يستقبل القيصومة.. والبكيرية يلتقي الجبلين    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    الفراشات تكتشف تغيّر المناخ    العشق بين جميل الحجيلان والمايكروفون!    اجتماع تنسيقي لدعم جهود تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    «عقبال» المساجد !    دوري السيدات.. نجاحات واقتراحات    وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال37 من طلبة كلية الملك فهد البحرية    ولي العهد يستقبل وزير الخارجية البريطاني    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    السابعة اتحادية..        اليوم.. آخر يوم لتسجيل المتطوعين لخدمات الحجيج الصحية    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالقسطاس المستقيم
نشر في الرياض يوم 09 - 08 - 2012

في قصة شعيب عليه السلام في القرآن تكرر أمرُه قومَه بأن لا يبخسوا الناس أشياءهم ، وأن يزنوا بالقسطاس المستقيم . فإذا اتفقنا على أن ما قصه الله في كتابه إنما يراد به العبرة والتأسي، وتجنب أسباب العذاب، فإن مخالفة قوم شعيب عليه السلام له في ذلك كان من أهم أسباب عذابهم، « فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة » فالكفر المجرد لا يستوجب العذاب الماحق ، ولو كان كذلك لما بقي كافر، أو أمة كافرة على وجه الأرض !
فالذي يجلب نقمة الله وعذابه اجتماع الكفر مع الظلم، وهذا ما نص عليه جل في علاه بقوله « وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة » وفي قوله « وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا » وقوله « فبظلم من الذين هادوا » وغير ذلك نصوص كثيرة . مفادها أن الظلم هو الذي يوجب النقمة ، ويستحق الظالمُ بظلمه العذابَ، وفي الحديث « اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة » .
وفي قصة المرأة التي عذبت في هرة حبستها جانب مهم من الظلم يراه كل من تساءل لماذا تُعذب امرأة في هرة ؟ فالمرأة عُذبت لظلمها، ونصر الله تعالى المظلوم، وهو هرة !
وجاء القرآن ليحارب أبرز مظاهر الظلم، والشرك أعظم الظلم، لكنه ظلم طرفه الآخر هو الغفور الودود، فيمهل الظالم لعله يتذكر أو يخشى، فإن لم يفعل فإن له موعدا لن يجد من دونه موئلا .
فالظلم الذي يجار فيه على خلق الله - وبنو آدم في قمة الخليقة « إنما السبيل على الذين يظلمون الناس بغير حق »، وظلم الحياة الحيوانية كما في حديث المرأة والهرة، والحياة البيئية « ويسعون في الأرض فسادا »، « سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل » - يستحق الظالم به العذاب العاجل، مع ما يدخر له من عذاب يوم الحسرة .
وعذرا على الاستطراد في هذا، ولكن كان لا بد منه لتستبين الفكرة، فإن كثيرين ممن يقرأ قصص الأنبياء في القرآن يظن أن الكفر وحده هو الذي استوجب عذابهم، وهذا جزء من الحقيقة، وأما كمالها فإن الكفر من قوم الأنبياء كان يصاحبه ظلم في نواحي الحياة الأخرى، وقصة شعيب مثال واضح، وفي قصة عاد وثمود، وكذا في قصة قوم لوط .
والذي أسعى إلى تأصيله هو أن الغفلة عن هذا هي التي جعلت بعضا من مجتمعنا يظن أنه ما دام مسلما موحدا فليفعل ما شاء، ويظن أنه إذا أقر بحرمة الشيء وفعلَه فلا يضره ذلك؛ لأنه يفعله معتقدا حرمته! وهذا من أهم أسباب وجود الانفصام في الشخصية الذي برز على السطح بروزاً واضحاً في زمننا المتأخر ، حيث ترى الرجل فتُعجب بهيئته وسمته، وتظن به التزاما للكتاب والسنة، ثم تفاجأ بسوء أخلاقه، أو بتساهله في أكل المال من غير حله، أو في بذاءة لسانه، أو في سوء معاملته أهله، وربما كان من المصلين في الصف الأول، ولم تفته تكبيرة الإحرام يوما !
ومرد ذلك، والله أعلم، إلى أنه يقرأ القصة القرآنية فيراها توحيدا مجردا من العمل، وكفرا بعيدا عن الظلم في الواقع، ولا أدري كيف يغيب عن العاقل التركيز في كل قصة على عمل معين، فلا يلتفت القارئ إلى « أوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين » ولا ينتبه إلى « وزنوا بالقسطاس المستقيم » فتراه يبخس الناس أشياءهم، فيثني ويعتذر عن محبوبه مهما كان خطؤه واضحا وظلمه بارزا، فقط لكونه من أهله أو قبيلته أو عشيرته، أو على مذهبه، ثم تراه أسدا هصورا على مخالفه وإن كان يرى الحق معه ولكنه لا يقر له بذلك لأسباب عديدة اجتمعت أو تفرقت، ومحصلها أن يبيح لنفسه بخس المخالف حقه !
هو يقرأ « ويل للمطففين » لكنه يظنها تتحدث عن قوم مضوا، هم الذين نزلت فيهم الآيات، وبالتالي لا وجود لها في واقعه. فتراه إذا اكتال على الناس يستوفي، وإذا كال لهم يُخسِر !
ويبدو لي أن سببا رئيسا لهذه المعضلة هو الذي أنتجها، وهو الفصل ضمنا بين المعتقد والعمل، خاصة في الدروس والمحاضرات بل والخطب التي تركز في الغالب على جانب التوحيد المنفصل عن الواقع تطبيقا، مع اقرارهم أن عدم استجابة قريش للنبي في قول كلمة التوحيد كان بسبب فهمهم لمعناها، فلم يكن مفهومها عند المشركين هو مجرد الإقرار بالوحدانية، بل لا بد أن ينسحب ذلك الإقرار إلى الواقع فيستجيب المقر بالألوهية إلى أمر الله ونهيه، وأمر رسوله ونهيه، وأن العصيان ينقص من دلالة الصدق في هذه الشهادة. ومن المقرر عندهم أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
فينبغي أن يركز على أن التوحيد شامل لفعل القلب والجوارح، وأن يركز على المخالفات التي نص الله تعالى عليها في كتابه، أو حذر منها صلى الله عليه وسلم في سنته، لأنها بلا ريب مما يكثر في المسلمين فعلها، وربما سهل عليهم تعليلها وتأويلها، وبالتالي الاحتيال على فعلها إن لم يتمكنوا من فعلها جهرة، ولو تفقدت واقعنا من خلال قصة شعيب عليه السلام، وضممت إليها ما جاء في شريعة ومنهج نبينا صلى الله عليه وسلم هو هذا المنهج الذي يخالفه كثير من المسلمين « وأوفوا الكيل إذا كلتم ، وزنوا بالقسطاس المستقيم ، ذلك خير وأحسن تأويلا » .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.