بدأت العديد من الصحف في المملكة خلال السنوات الأخيرة، بناء مواقع إلكترونية لنشر كافة التقارير والأخبار تزامناً مع الصحيفة الورقية، لتواكب التطور التقني في هذا الجانب خدمة للقارئ، وهي نسخة إلكترونية مطابقة تماماً للنسخة الورقية، ويعد تحولاً يضمن للصحيفة الحفاظ على بعض قرائها الذين تكيفوا مع هذا التطور التقني في ظل ابتعاد البعض عن شراء النسخة الورقية. وفي رأيي الشخصي قد يكون هناك خطأ ترتكبه تلك الصحف، لأن مفهوم النسخة الورقية هو القراءة بشكل أساسي، وتظل القراءة الورقية متعة ليس لها بديل لدى شريحة ليست قليلة من القراء وخاصة الفئة العمرية التي تزيد على 40 سنة. مما يدعم فكرة الثبات في عمليات البيع والتوزيع خلال العشر سنوات القادمة في حال حافظت الصحف على مستوى ما تقدمه من مواد إخبارية وتقارير ومقالات لكتاب مرموقين يحظون باهتمام شعبي متميز، ناهيك عن أن الإعلان في الصحف مازال هو الأقوى والأكثر عوائد بالنسبة للمعلن حتى يومنا هذا، حيث أن السوق الإعلاني في المملكة سوق ضخم جدا. إن كل هذه المؤشرات تجعلنا نحاول دراسة المفاهيم الإعلامية التي تحقق الأهداف المستقبلية لصناعة النشر والإعلام، وفي نظري الشخصي أن الجيل الجديد من القراء هو جيل المشاهدة والاستماع ، أكثر منه قراءة، وإذا ركزنا على هذا الجانب سنجد أن المبدأ الذي تعمل عليه الصحف هو مخالف تماما لمفهوم النشر الحديث، فالنشر الحديث يعتمد عن الصوت والصورة المتحركة التي تلقى قبولا كبيرا لدى الجيل الجديد من الشباب والشابات وحتى الأطفال. ولو تم استثمار هذه التقنية بشكل أفضل، من خلال الاستفادة القصوى من التقنيات ووسائلها الحالية، وتوظيفها لخلق مدرسة إعلامية جديدة في نقل الخبر، خاصة في جانب الصوت والصور المتحركة، لتقديم مواد تختلف عن ما هو متوفر في النسخة الورقية، وبالتالي خلق نوعاً من المنافسة، والحصول على قارئ ومتابع جديد من جيل الشباب على الموقع الالكتروني، مختلف عن القارئ المتابع للأخبار والتقارير التي تتميز بها صحيفته في نسختها الورقية. إن الفكر الجديد هو كيفية الحفاظ وصناعة قارئ مستمر للصحيفة الورقية، وفي الجانب الآخر الحصول على شريحة جديدة من قراء الصحيفة الالكترونية. إن العمل على هذين الخطين المتوازيين سيحقق نتائج إيجابية أفضل ويتيح مساحة اكبر في الحفاظ على قراء الصحف الورقية والاستفادة المطلقة لفترة أطول قدر المستطاع. صحيح أن المطبوعات الورقية مآلها الزوال، ولكن الأكثر صحة، أن الصحيفة الناجحة هي التي ستقفل خطوط طباعتها الورقية كآخر الواصلين. لأن التاريخ سيخلدها. وعلينا أن نخطط لنكون في المرتبة الأخيرة. كونها قمة النجاح، ونهاية قصة الكفاح.