أمير المنطقة الشرقية يدشن "المدينة العالمية" في الدمام    رئاسة أمن الدولة تستضيف التمرين التعبوي السادس لقطاعات قوى الأمن الداخلي "وطن 95"    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى 10489.65 نقطة    رئيس البرلمان العربي: تصعيد المستوطنين لاقتحامات الأقصى إرهاب منظم    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة ( غرس وأثر ) بمحافظة أبو عريش    استمرار فعاليات «الممر الثقافي» في مهرجان جازان 2026 وجذب لافت للزوار    الأمن السيبراني تطلق خدمة "تحقق"    الرئيس الأوكراني: سترفع الأحكام العرفية عند انتهاء الحرب    الداخلية: غرامات وسجن ومنع من الاستقدام بحق المنشآت المخالِفة لأنظمة الإقامة والعمل    انطلاق الجولة ال 14 من دوري يلو وصراع متقارب على القمة    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة مهرجان ربيع النعيرية    وزير البيئة الألماني يؤيد حظر السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام    تجمع الرياض الصحي الأول يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار " ويحتفي بمنشآته المتميزة    بلدية محافظة بيش تواصل أعمال النظافة اليومية بالكورنيش حفاظًا على الشاطئ وراحة الزوار    النصر يمدد تعاقده مع عبد الرحمن السفياني    جمعية الزهايمر تستضيف المرضى وأسرهم في رحلات الخير    الأمن البيئي يضبط مخالفًا في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    دبي تستضيف حفل جوائز الفيفا للأفضل العام المقبل    رونالدو يستهدف الهدف 1000    تأجيل الدوام في مدارس منطقة تبوك إلى الساعة التاسعة صباحًا    الإنهاك العاطفي الصامت حين يستنزفك الضغط دون أن يراك أحد    طرح 24 مشروعًا عبر منصة "استطلاع"    والد الفريق محمد البسامي في ذمة الله    اختبارات اليوم الدراسي.. تعزيز الانضباط    أرض الصومال.. بؤرة الصراع القادمة    وكيل إمارة الرياض يستقبل مدير فرع وزارة البيئة    227 صقرًا تشارك في 7 أشواط للهواة المحليين بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الرابع    د. باهمام يحصل على جائزة «الطبيب العربي» 2025    الشؤون الدينية تطلق مبادرة "عليكم بسنتي"    "الشؤون الإسلامية" تقيم مسابقة القرآن في الجبل الأسود    الركراكي: أنا الأنسب لقيادة الأسود للقب    كونسيساو يرفض إراحة اللاعبين    فهد بن محمد يكرم مدير «جوازات الخرج»    بين التانغو والتنظيم الأوروبي.. البحث عن هوية فنية جديدة للأخضر    موجز    «الموارد»: توظيف 65 ألف مواطن في قطاع الاتصالات    وزير التعليم يطلع على إنجازات الكلية التقنية بحائل    الإجرام الجميل    حكم بالحبس والغرامة على «مها الصغير»    ليالي جازان ألوان فرح والأطفال يتسلطنون    دعوات مستمرة لوقف التصعيد.. وشبكة حقوقية: «الانتقالي» ينفذ انتهاكات في حضرموت    السجن 1335 عاماً لعضو في عصابة بالسلفادور    الزواج بفارق العمر بين الفشل والناجح    البيت الحرام.. مثابةٌ وأمنٌ    التحضيرات جارية للقاء نتنياهو وترمب.. 3 دول توافق على المشاركة في قوة الاستقرار الدولية    صراع شرس بين كبار أوروبا لضم «نيفيز»    مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية بالسودان ولبنان.. وصول الطائرة السعودية ال77 لإغاثة الشعب الفلسطيني    اختبار دم يتنبأ بمخاطر الوفاة ب«مرض القلب»    رحيل المخرج المصري عمرو بيومي    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    طرائف الشرطة الألمانية في 2025    علاج جيني روسي لباركنسون    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    رفض واسع يطوق قرار نتنياهو ويفشل رهاناته في القرن الإفريقي    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقة بين الجيران.. «بوري سلام»!
وينك يا زمان أول..«الجار قبل الدار»؟
نشر في الرياض يوم 23 - 12 - 2011

بينما "أبو فهد" يهُّم بالدخول إلى منزله؛ إذ بجاره يبلغه السلام عبر "بوري" سيارته أثناء محاذاته، ليرفع "أبو فهد" كفه رداً لسلام "البوري".. بينما جاره الآخر اكتفى ب"إيماءة" رأس من بعيد كتحية أراد أن يزجيها لجاره "أبو فهد" الذي تنهد متأملاً الشارع الذي يقع عليه بيته، وكيف أصبحت علاقة الجيران فيما بينهم البعض شبه معدومة وسطحية، متذكراً أيام حارته القديمة وكيف كانت علاقته مع أولهم وسابعهم وطيدةً حتى أصبحوا كالإخوة والبنيان المرصوص بتعاضدهم وتلاحمهم وتعاطفهم وتوادهم وتراحمهم.. ندب حظه على جيران لا يعرف عنهم إلاّ سياراتهم، ولا تجمعهم "كلمة ولو جبر خاطر وإلاّ سلام من بعيد"!.
وضع طبيعي
«والله تغيّرنا».. الواحد يدخل بيته ويطلع «ما يعرف أحد»..ولا يبي يتعرّف على أحد
حالة التباعد التي شعر بها "أبو فهد" من جيرانه والقطيعة بينهم، أصبحت وضعاً طبيعياً في الأحياء الجديدة، لا سيما على قلوب من عاش جل حياته في حارة واحدة، وبين جيران عرفهم وعرفوه، وخالطهم وخالطوه، حتى تفرقوا وكلٌ ذهب حيثما كان.. وبات عليه أن يودّع بيته العتيق مجبراً أخاك لا بطل بعد أن تغيّروا جيرانه، وتهالك منزله، فيكون انتقاله للحي الجديد أمّر عليه من العلقم، عندما يعيش دهراً دون أن يعرف جاره الملاصق لمنزله، ولا يربطه بالآخر سوى سلام باهت وصامت لا يعدو كونه رفع حاجبين إلى الأعلى وهمس شفاه بحرف "السين"، بينما جار آخر همه أن يعرف مكانة جيرانه الاجتماعية ومناصبهم الوظيفية، حتى يوطّد علاقاته مع "الواصلين"، ويهمش الجيران البقية ولا يراهم شيئاً، في حين أن هناك جيراناً يلفهم "الغموض"، وليس بينهم وبين أحدٍ من الجيران على الأقل "بوري سلام"، حيث إنهم يدخلون سياراتهم في منازلهم عبر الباب "الأوتوماتيكي" ويخرجون بذات الطريق دون احتكاك مع أحد!.
جار مزعج
صنف آخر من الجيران، كانوا يؤيدون توثيق العلاقة مع الجيران، إلاّ أن هناك نماذج "بثرة" كرهتهم في كل العلاقات وقطعت مياه التواصل مع الآخرين، وليس هناك "أغث" من ذاك الخمسيني "الحقنة" الذي لا يتوقف سيل أسئلته وتحرياته عن أهل الحي ومن أتاهم وماذا لديهم؟، ناهيك عن مكوثه على عتبة باب منزله أغلب أوقات يومه وكأنه في "سينما" مراقباً بتفحص كل من يأتي ويذهب، فضلاً عن طلباته لجيرانه أن يوصلوه للمخبز وللمكتب العقاري وطلبات وأسئلة ولا تنتهي؛ جعلت من جيرانه يتفحصون الشارع قبل أن يخرجوا من منازلهم على طريقة الأفلام البوليسية هرباً منه توفيراً للوقت وراحة البال، وأيضاً للمال كونه ممن اعتاد على طلب "السلف" من الآخرين على أن يعيد ما أخذ من مال آخر الشهر الذي لا ينتهي بالنسبة إليه حتى يذهب "السلف" في طي النسيان.
ترابط جيران الحارة قديماً قّل في الأحياء الجديدة
جيران أوفياء
ورغم انتشار تلك الظاهرة إلاّ أن هناك جيراناً أوفياء أضحوا بمثابة الأهل الذين لا يستغنى عنهم أبداً، فلا يمكن التفكير بشراء منزل آخر في حي جديد دون جس نبضهم إذا ما كانوا ينوون الرحيل حتى تستمر "جيرة العمر" جنباً إلى جنب، لأنهم عرفوا أصالة معدنهم، وطيبة معشرهم، فكانوا "السند" عند الإتكاء، و"الرقي" في الرخاء، وليس هناك أشد ممن انطبق عليه المثل الشعبي القائل "جرب غيري تعرف قدري" سوى ذاك الذي باع بيته، وترك حارته وجيرانه، ليدفع "تحويشة العمر" في بيت بأرقى الأحياء، ولم يدم سكنه سوى أشهر بعد أن فَقد جيرانه الذين عاش معهم جُل عمره، وقرر أن يبيع منزله الجديد وذهب لشراء المنزل المجاور لمنزله السابق وأعاد بناءه من جديد رغبة في البقاء جوار جيرانه القدامى والجدد بعد أن عرف فعلاً أن "الجار قبل الدار".
ولم يستطع "صالح" إقناع والدته بالانتقال من منزلهم العتيق إلى حي آخر، حيث انتقل فيه أغلب أقاربهم، وذلك بسبب ارتباط "أم صالح" بجاراتها حتى لو وصل بها الحال إلى أن تعيش وحيدة دون أن تبرح ذلك البيت الذي تستقبل فيه "دورية الجارات" الاسبوعية، بعد النصائح التي تلقتها من إحداهن بعدم تغيير المنزل بسبب قلة الترابط بين النساء في الأحياء الحديثة.
مصالح شخصية
وتعد "المصالح الشخصية" واحدة من أبرز الأسباب التي خنقت تكوين العلاقات الاجتماعية من الجيران، لا سيما في وقت انتشرت فيه الماديات، وأصبح الطاغي على الأفراد البحث عما يعود عليهم بفائدة ملموسة دون أن يكون هناك وعي تام لفائدة العلاقات الاجتماعية خصوصاً مع الجيران الذين يعيشون الجوار، حيث أصبح "الوقت" ضيقاً في زمن انتشرت فيه الملهيات التي اعتبرها البعض مشاغلاً جعلتهم لا يعرفون أقرب الناس إليهم سكناً، فضلاً عن "شوفة النفس" لدى كثيرين باتوا يقيمون الناس وفق "المظاهر" والطبقات الاجتماعية، ناهيك عن الانتشار الكبير لوسائل التقنية على نحوين، أولهما "الترفيهي" وهو الذي جعل أغلب "جيل اليوم" ضعيفاً اجتماعياً، وتزداد "الانطوائية" لدى كثيرٌ منهم، والآخر وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من الأشخاص يلتقون ويتواصلون ويناقشون ويهئنون ويواسون عبر "النت"، مما انعكس سلباً على العلاقات الاجتماعية وصلة الأقارب والبر بالجار.
عدم تقبل
لا يعرفون إلاّ سياراتهم ولا تجمعهم «كلمة ولو جبر خاطر وإلاّ سلام ٍمن بعيد»!
ويتسبب برود العلاقة بين الجيران إلى عدم تقبل واحتواء الآخر في حالات بسبب عدم تفاهمهم مع بعضهم البعض، لاسيما في حالة حدوث بعض المواقف مثل شجار الأطفال، وحدوث أزمة في مواقف سيارات قد تصل إلى أن البعض يفرغ هواء إطار سيارات جاره وضيوفه في حالة أن أحداً أوقف سيارته أمام منزله، بل إن البعض يطبع الشعارات التحذيرية وينصب لوحات "ممنوع الوقوف" و"مواقف خاصة بصاحب المنزل" وكأنه قد امتلك الشارع، دون أن يشعر جاره ب"الإيثار" و"المودة"، بل إن هناك جيراناً ظهرت بينهم العداوة والبغضاء بسبب أن كلا منهم يظن أن "فوق رأسه ريشة" فلا هو بالذي تواضع وأقبل ولا الذي أدبر وكفّ خيره وشره.
اجتماع دوري
ويحمل "مسجد الحي" على عاتقه حملاً كبيراً في كونه يجمّع الجيران خمس مرات في اليوم، مما يؤلف قلوبهم فيما بينهم، وتنمو جذور علاقاتهم، ناهيك عن الاجتماع الدوري لأهالي الحي الذي يخضع في عدد من الأحياء لتنظيم يجتذب الرجال والشباب والأطفال، بحيث يقام في استراحة أو يتم تداوره على منازل الأهالي، وتدفع التكاليف من ميزانية يساهم في دفعها المشتركون في الاجتماع الدوري، حينها يكون بينهم "عيش وملح" يجعل جيرتهم أكثر تفاهماً وسعادة، وكل منهم يعتز بالآخر، ويكون كلٌ لجاره بمثابة ظلٍ وارف يستفيء من خلاله الطمأنينة والاعتزاز.
لجان التنمية
وينتظر أن تشكل لجان التنمية الاجتماعية في الأحياء بيئةً خصبة في إحياء التواصل الاجتماعي والعلاقات الإيجابية بين أفراد الحي، والمساهمة في نشر الوعي السليم والأخلاق الفاضلة بين أفراد الحي، ومن ثم المجتمع، إلى جانب المساهمة في حل المشكلات الاجتماعية، والاستفادة من أصحاب القدرات العالية؛ لزيادة فعالية وقدرات أفراد الحي، ورفع روح المواطنة بين شرائح المجتمع المختلفة، وملء أوقات الأهالي بما يعود عليهم بالنفع، إلاّ أن جميع أهداف اللجان الاجتماعية بالأحياء، لن يتسنى لها أن تؤدي أدوارها بفعالية دون أن يكون هناك سعي حثيث من قبل "وزارة الشؤون الاجتماعية" بإيجاد مقار متكاملة للجان تشتمل على كافة التجهيزات الملائمة لاحتضان كافة الأنشطة.
التواصل مع الجار يعزز من أمن الحي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.