النفط يتراجع بعد ارتفاع مفاجئ في مخزونات البنزين الأمريكية    محامي ترامب: سنستأنف حكم الإدانة "في أقرب وقت ممكن"    الغامدي يكشف ل«عكاظ» أسرار تفوق الهلال والنصر    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وقاء نجران يشارك في القافلة الزراعية الإرشادية    ثانوية الملك خالد بخميس مشيط تحتفل بخريجيها لعام 1445 ه    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    قصص قطبَي العاصمة.. إثارة وجدل وندية    جدة تتزين لأغلى الكؤوس    الخريف لمبتعثي هولندا: تنمية القدرات البشرية لمواكبة وظائف المستقبل    «الدراسات الأدبية» من التقويم المستمر إلى الاختبار النهائي !    مطار المؤسس يستقبل رحلات ضيوف الرحمن القادمين من سورية لأداء الحج    توجيه عددٍ من القضاة للعمل في محاكم الدرجة الأولى    كيف تصبح زراعة الشوكولاتة داعمة للاستدامة ؟    5 أطعمة غنية بالكربوهيدرات    لغز اختفاء «هتان» مازال مستمراً.. ومسؤول مصري ل«عكاظ»: لا توجد آثار عنف أو سرقة    وزير الصحة يلتقي رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس"    "الخارجية الفلسطينية" ترحب بقرار سلوفينيا الاعتراف بدولة فلسطين    المملكة تستضيف الاجتماع السنوي ال13 لمجلس البحوث العالمي العام القادم    الأمير عبد العزيز بن سعود يلتقي متقاعدي القطاعات التابعة لوزارة الداخلية والقطاعات الأمنية والإمارة بمنطقة عسير    الحوكمة والنزاهة.. أسلوب حياة    أم الفضائح !    المعنى في «بطن» الكاتب !    كيف نحقق السعادة ؟    العِلْمُ ينقض مُسلّمات    لاعبو الأخضر ينتظمون في معسكر الرياض استعداداً لمواجهتي باكستان والأردن    حرب الانتخابات !    تشجيع المتضررين لرفع قضايا ضد الشركات العالمية    كأس الملك: النصر لإنقاذ موسمه بلقبٍ غالٍ غائب منذ 34 عاماً والهلال يتطلع للثلاثية    طموح خليجي لزيادة مداخيل السياحة عبر «التأشيرة الموحدة»    المنصات الرقمية أغنت عن المراجعات الحكومية    حرس الحدود: القبض على 8 مخالفين لتهريبهم 136 كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    اليوم العالمي للتصلب اللويحي المتعدد    عبدالعزيز بن سعود يطلع على عدد من المبادرات التنموية التي تشرف على تنفيذها إمارة عسير    مشاركة الرئاسة في حج عام 1445ه تأتي وفق خطة ميدانية    حيرة في الهلال لتعويض سافيتش أمام النصر    الداخلية المصرية تصدر بيانا بعد اختفاء مواطن سعودي    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس الصومال    النيابة: الحكم بالسجن 5 سنوات لوافدين لتحرشهما بوافد آسيوي    شراء مبكر لصكوك وإصدار جديدة ب64 مليار ريال    تعديل آلية الفرز في بوابة قبول الطالبات    استئصال ورم ضخم من مبيض مريضة بالبكيرية    أمير القصيم يدشن فعاليات اليوم العالمي للامتناع عن التدخين    أمير القصيم يكرم 7 فائزين بجائزة الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز    حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة تبوك    هلال الباحة يشارك في اليوم العالمي للتمريض    فرع الإفتاء بمكة المكرمة ينفذ سلسلة دروس علمية    وزير الخارجية يصل الصين للمشاركة في منتدى التعاون الصيني العربي    جانب الظل    بين الإيمان والثقة    حجاج بنغلاديش: «ضيوف خادم الحرمين» امتداد لعطاءات المملكة بخدمة الإسلام والمسلمين    سمو أمير منطقة الباحة يناقش في جلسته الأسبوعية المشروعات التنموية    تكريم الفائزين بجائزة الباحة للإبداع والتميز    أمير الشرقية يتفقد خدمات المستفيدين بالإمارة    ضمن رؤية المملكة 2030 .. الهلال الأحمر يستعد لخدمة ضيوف الرحمن    جرائم بشعة بحق الفلسطينيين.. استمرار مجاز الاحتلال في خيام النازحين    6 أنشطة ابتكارية عالمية لسعوديين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع «فزعة الجيران»!
لم يعد يسأل الشخص عن من يسكن بجانبه وربما لا يلتقي معه إلاّ صدفة!
نشر في الرياض يوم 21 - 01 - 2013

تلاشت "فزعة الجيران" في حياتنا بسبب المدنية والحضارة، وكذلك سرعة عجلة التقدم، فأصبح "الجوار" كلمة ليس لها أي انعكاس على حياتنا اليومية, وبات الكثير منّا لا يعرف من يسكن بجانبه, بل ولا يعرف من يقطن العمارة التي يسكنها, فكم من مريض لم يجد عائداً ممن لا يبعد عنه سوى أمتار محدودة, وكم من جائع، أو فقير، أو مدين، أو مصاب في مال، أو حتى قريب، لم يجد مواسياً، فقد جرفتنا تيارات الحياة بعيداً، وعصفت بنا المشاغل إلى حد نسينا فيه واجباتنا ومسؤولياتنا تجاه الجيران!.
يا زين حياة الأولين.. «الأهالي على قلب واحد ولا يشتكي أحد من مشكلة إلاّ ويلقى لها حلولاً»
وقديماً كان الناس يعيشون وكأنهم في منزل واحد وأسرة واحدة، بل وإذا وجدت أسرة فقيرة، فإن الجيران يتعاونون في سد عوزها، بحيث يقدم كل جار ما يستطيع، كما أنهم لم يكونوا يقصرّون مع جيرانهم مادياً، عبر الوقوف معهم في حالة "الدَّين"، إضافةً إلى أنه لا توجد امرأة ليس لها أهل؛ لأن أهل الحي هم أسرتها، فهي معززة مكرمة بين جيرانها، بما في ذلك التنويم في مستشفى والعمليات.
د.تنيضب الفايدي
أما الوقت الحاضر فلم يعد يسأل الجار عن جاره، بل من الممكن أن لا يتقابلا مع بعضهما البعض إلاّ صدفة، مما يُعد خللاً في التركيبة الاجتماعية، التي لابد أن يكون الترابط هو أساسها، مما يُحتم زيادة أواصر المحبة بين قاطني الحي، عبر لقاءات أسبوعية أو شهرية يتم فيها تبادل الأخبار والمعارف، ولا مانع من إنشاء ملتقى أو مركز اجتماعي لكل حي.
عادات جميلة
وقال المواطن "عبدالله بن عجيل السميري": في الماضي كان من يُعزز التواصل بين الجيران صلة القرابة والنسب فيما بينهم، ومن سكن إلى جوارهم سار على نفس عاداتهم وتقاليدهم, أما الآن فقد توارت الصلات بسبب مشاغل الناس, واختلاف أوقات الفراغ, وتعدد الأجناس، إضافةً إلى الخوف من المشاكل، لاسيما بين الأبناء, وكذلك عدم إدراك الأهمية الشرعية فيما يخص الجار, مضيفاً أنه يوجد إلى جملة من الركائز التي قد تعيد الصلة، منها لقاءات المسجد, وتبني اجتماعات أسبوعية أو شهرية, وكذلك إنشاء ملتقى أو مركز اجتماعي للحي.
وأوضحت المسنة "أم تركي الحربي" أن كثيراً من العادات الجميلة اندثرت، من بينها لقاء سيدات الحي، حيث دأبن على لقاء في الصباح أو عقب صلاة العصر بشكل دوري بينهن، يتلمسن احتياجات بعضهن, ويساعدن من تحتاج معونة، بل ويجمعن المال للأرملة أو المطلقة, ويقدمن وجبات الغذاء للمريضة, والكسوة للأيتام, إضافةً إلى المساهمة في إصلاح ذات البين بين الأزواج, مبينةً أن النساء يمضين وقتا مملوءاً بالسعادة والألفة والمحبة, أما الآن فتباعدت القلوب، فتبعتها الأجساد، فالكل لاه في الحياة ومشاغلها, بل ولا يهتم لأمر الآخر, وهذا مؤلم جداًّ ومحزن.
عبدالله السميري
أسلوب كئيب
وذكرت "أم تركي" أنه على الرغم من الجوانب الإيجابية للمشروعات التطويرية من حيث توسيع الطرق وتنظيم الأحياء, إلاّ أنها قضت تماماً على العلاقات الاجتماعية, فبعد أن كانت المنازل متلاصقة كقلوب سكانها، أضحت الشوارع والطرق فاصلة بينها, بل وأصبح حتى أسلوب البناء والتباهي به يزيد من العزلة، ويفرض على البعض مزيداً من العمل والكدح حتى يؤمن حياة مرفهة لأسرته, مضيفةً أنه أصاب القلوب الحسد حتى بات الحديث عن عمارة أو مبنى فلان أو السيارات الفارهة التي يمتلكها, لافتةً إلى أنه لن تعود الألفة والحياة العصرية أعادت صياغة حياتنا بأسلوب كئيب ولون قاتم!.
واقترحت "مها عبدالله" -معلمة- أن يكون للتقنية دور في إعادة أواصر العلاقات على مستوى الجوار أو القرابة، من خلال إنشاء موقع إلكتروني للحي يشرفه عليه العمد, وكذلك بريد إلكتروني يخص الآراء أو المقترحات يستعرضه وجهاء الحي, إضافةً إلى استخدام التطبيقات الحديثة "واتس آب" أو "بلاك بيري", مع إنشاء مجموعة "قروب" خاص بالرجال, وآخر خاص بالنساء يعزز الترابط واللحمة ويقوي الصلات, حتى تعود مشاعر الجوار لتنبض من جديد, وتعود الاجتماعات لسابق عهدها.
ترابط قوي
وقال "د.تنيضب بن عوادة الفايدي" -مؤرخ ومفكر-: كان الناس قديماً يحبون السكنى قرب بعض، لا يفصل بين المنازل إلاّ مساحات ضيقة، وربما لا تسمح مساحته إلاّ بمرور شخص واحد، حيث كانت تقع المباني ذات الطابقين في الأزقة، لدرجة أن الجارات كن يتبادلن الأحاديث بين بعضهن البعض من نوافذ المنزل التي كانت تغطيها "الرواشين" القديمة، مضيفاً أنهم كانون يسكنون على نظام "الأحواش"، ومن أهم فوائد هذه الطريقة الترابط الاجتماعي القوي، حيث تُقوّى بين سكان الحوش الواحد الروابط والعلاقات الاجتماعية، ويظهر أن سكان الحوش جميعهم كأنهم منزل واحد وعائلة واحدة، مشيراً إلى أنه يظهر هذا جلياً عند المناسبات، وقد لمستُ فزعة الجيران الحقيقية في هذه الأحوشة، حيث يشارك الجميع في أي مناسبة عند أي شخص من سكان الحوش، مبيناً أنه يشارك بعضهم بعضاً كأنهم أسرة واحدة، مؤكداً على أنه إذا وجدت أسرة فقيرة، فإن الجيران يتعاونون في سد عوزها، بحيث يقدم كل جار ما يستطيع، بما في ذلك "فرش" المنزل، علماً أن المنازل كانت صغيرة جداًّ.
وقوف مادياً
وأوضح "د.الفايدي" أنه إذا وجدت مناسبة كالزواج أو العزاء، فإن سكان "الحوش" يؤدون الواجب، منهم من "يرش" المكان بالماء، ومنهم من يأتي ب"المفارش" و"الأتاريك" -الإضاءة سابقاً-، ومنهم من يشارك بالذبائح، ومنهم من يأتي بمن يطبخ إن لم يكن هناك طباخاً، مبيناً أنه طبّق هذه الفزعة كثيراً وشاهدتها وعايشها، لاسيما عندما تم إحصاء المدينة عام 1394ه، بإعطاء أحد الجيران جميع بيانات سكان الحوش، مشيراً إلى أن الجيران لم يُقصّروا مع جيرانهم مادياً، عبر الوقوف معهم في حالة "الدَّين"، فقلّما من يدخل السجن بسبب ذلك، ذاكراً أنه لا توجد امرأة ليس لها أهل؛ لأن أهل الحوش هم أهلها، وقد وقفت على ذلك فعلياً وسجلت عدة حالات؛ لأنها معززة مكرمة بين جيرانها، بما في ذلك التنويم في مستشفى والعمليات، حيث تأتي نساء الحي معها ويتبادلن المنام معها, موضحاً أنه تنتقل فزعة الجيران من حوش إلى آخر.
وتأسف على ما وصل إليه حال الجيران اليوم، فقد قلّت الفزعة وانقطعت العلاقات، حتى بين سكان العمارة الواحدة، بل وامتدت القطيعة حتى للأقارب والأرحام، داعياً المجتمع إلى العودة على ما كان عليه الآباء والأجداد من تواصل وحب وحسن جوار وفزعة وأخوة.
معاملة حُسنى
وأكد "د.الفايدي" على أن الجوار قديماً كان يمتد حتى لغير المسلم, فالجار مصطلح يطلق على كل من جاور الإنسان وسكن بجانبه، سواء كان مسلماً أو كافراً، محسناً أو مسيئاً، مضيفاً أنه يتفاوت الجيران بحسب قربهم من الشخص، فهناك الجار المسلم ذو الرحم، وهناك الجار المسلم، والجار غير المسلم، وهؤلاء كلهم لهم حقوق، فقد حثّ الإسلام كثيراً على الإحسان بالجار والمعاملة بالحسنى معه، قال تعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ"، وفي الحديث النبوي الشريف: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه"، مبيناً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الإحسان إلى الجار من الإيمان، بقوله: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: مَن لا يأمن جاره بوائقه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.