50 شهيداً في مجزرة الاحتلال بحق منتظري المساعدات في غزة    حرس الحدود يسهل إجراءات مغادرة ضيوف الرحمن عبر منفذ حالة عمار    محافظ الطائف يزور المفتي العام للمملكة..    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    مجموعة التنسيق العربية (ACG) تتعهد بتقديم تمويل إنمائي بقيمة ملياري دولار    «الأرصاد»: رياح محملة بالغبار على عدة مناطق بالمملكة حتى نهاية الأسبوع    صعقة إسرائيلية مزدوجة جواسيس ودرونز وذكاء اصطناعي    ضربة نطنز هل تنتقم إيران بتسريع برنامجها النووي    الطاقة الذرية: إصابة مباشرة لمحطة تحت الأرض في منشأة نطنز الإيرانية    تدشين بوابة خدماتي العدلية    فعاليات ثقافية في فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجامعة بكين    مباحثات سعودية فرنسية حول المستجدات الإقليمية    6.9 مليارات لمشاريع جازان وتوجيه بتسريع الإنجاز    العوامية الخيرية تدشّن هويتها البصرية الجديدة    أمير الشمالية يدشّن جمعية الابتكار والإبداع    المملكة تدعو إلى وقف الانتهاكات الإسرائيلية في المنطقة    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    رئيس الاتحاد الآسيوي: نثق في قدرة ممثلي القارة على تقديم أداء مميز في كأس العالم للأندية    بطولة حائل للدرفت 2025 تنطلق الخميس    الطاقة الدولية: الطلب العالمي على النفط سيواصل الارتفاع حتى نهاية هذا العقد    ميلان مهتم بالتعاقد مع تشاكا    من رود الشعر الشعبي في جازان: محمد صالح بن محمد بن عثمان القوزي    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى 10713 نقطة    نجاح المبادرة التطوعية لجمعية تكامل الصحية وأضواء الخير في خدمة حجاج بيت الله الحرام    نائب أمير القصيم يستقبل أمين القصيم و مدير فرع هيئة التراث    انعقاد المؤتمر العالمي ال75 للاتحاد الدولي للعقار في نيجيريا بمشاركة سعودية ورعاية من "عين الرياض"    أمير الشرقية يستقبل سفير جمهورية الفلبين لدى المملكة    أمانة منطقة تبوك تصدر أكثر من 1400 قرار مساحي    مركز صحي مدينة الحجاج ببريدة يخدم أكثر من 500 مستفيد في موسم الحج    "مسار الإصابات" ينقذ حياة شابين في حالتين حرجتين بالمدينة    أمين مجلس التعاون وأمين الأمم المتحدة يبحثان مستجدات الأوضاع في المنطقة    ضبط 294 ألف قضية احتيال عبر الإنترنت في الصين    المملكة تقفز 60 مرتبة عالميًّا في ريادة الأعمال    فلامنجو البرازيلي يفوز على الترجي التونسي    الخارجية الإيرانية تطالب مجلس الأمن بإدانة الهجوم الإسرائيلي    الدفاع المدني: لا تتركوا المواد القابلة للاشتعال في المركبات    القبول الموحد في الجامعات وكليات التقنية    أنا لا أكذب ولكني أتجمل    بعد إقالته.. الجمعان يقاضي النصر    مجموعة الأهلي المصري.. الكل متساوٍ بنقطة من دون أهداف    "متحف السيرة النبوية" يثري تجربة ضيوف الرحمن    المباراة بين القدم والقلم    التقطيم    ترقب عالمي للمواجهة المرتقبة.. مسؤولو الريال: الهلال منافس صعب    " الحرس الملكي" يحتفي بتخريج دورات للكادر النسائي    طيران الرياض يوقع طلبية "إيرباص"    تفقد مقار إقامتهم في مكة المكرمة.. نائب وزير الحج يبحث ترتيبات راحة حجاج إيران    زراعة 31 مليون شجرة لتعزيز الغطاء النباتي في الشرقية    الجماعة تحت المجهر.. دعوات أمريكية متصاعدة لحظر «الإخوان»    السعودية رائد عالمي في مجال القطاع الدوائي    خبير: انتقال"الميربيكو" إلى البشر مسألة وقت    "تحدي الابتكار الثقافي" يربط المجتمع بالسياسات    "الحِرف اليدوية".. استثمار في الذاكرة والمستقبل    لندن: مترويلي أول رئيسة للاستخبارات الخارجية    الحج نجاحات متتالية    علماء روس يتمكنون من سد الفجوات في بنية الحمض النووي    أمير تبوك يعزي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    أمير منطقة تبوك يكرم غداً المشاركين في أعمال الحج بمدينة الحجاج بمنفذ خاله عمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عائلات مرضى الفُصام.. معاناتهم تبدأ ولا تنتهي!
يشكون من النظرة الدونية وعدم توافر الأسرة ويحتاجون إلى الدعم والمساندة
نشر في الرياض يوم 15 - 07 - 2011

من الأمور الجميلة التي أرى أني قمت بها في حياتي، المساهمة في إنشاء الجمعية السعودية الخيرية لمرضى الفصام. إنها جمعية خيرية تقوم على التوعية ودعم عائلات مرضى الفصام ولها مخططات طموحة لعمل شيئاً ما لمرضى الفُصام وعائلاتهم. الجمعية مضى أكثر من عام على تأسيسها رسمياً تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية، لقد أصبحت عضواً لمجلس إدارة هذه الجمعية ونائباً لرئيس مجلس الإدارة، وحتى الآن أقمنا عدة أنشطة للتعريف بمرض الفصام وتوعية أقارب وأصدقاء مرضى الفُصام بالمرض، في آخر جلسة كانت مع أهالي مرضى الفُصام، حيث استمعت منهم عن مشاكلهم مع أقاربهم الذين يُعانون مرض الفُصام.
سيدة يُعاني خمسة من أفراد عائلتها من مرض الفُصام.. إنها مأساة حقيقية، هذه السيدة لا تعرف ماذا تفعل مع خمسة من أفراد عائلتها (كما قالت لي ولرئيسة مجلس إدارة الجمعية)، فهي المسؤولة عن رعايتهم وتوفير الأدوية لهم وتحمّل سلوكياتهم الغريبة وغير المقبولة في كثير من الأوقات، الدعم محدود من جميع الجهات الحكومية، فوضعها المالي سيئ جداً، والحصول على الأدوية ليس دائماً سهلاً.
سيدة أخرى لها ابن متزوج وله خمسة أطفال ويُعاني من مرض الفُصام المزمن، لا يتناول العلاج وحالته العقلية مضطربة، وليس له عمل، ويقوم أفراد العائلة بتحمّل نفقات عائلة المريض وتروي والدته وهي سيدة مسنة أن أبنها يخرج من المنزل ولا يعرفون إلى أين يذهب، وفي أحيان كثيرة يذهب ويستلقي عند البقالة القريبة من منزلة ويفترش الارض في ذروة حرارة الصيف أو صقيع الشتاء، ويستلقي على الأرض مما يجعل الأشخاص الذين يترددون على البقالة يعتقدون أنه متسول ويسألونه عما يُريد فيطلب منهم شراء مشروبات غازية أو حلويات من محل البقالة ما جعل وزنه يزداد بشكلٍ غير مقبول. المشكلة أن هذا المريض يرفض الذهاب إلى المستشفى ويرفض أخذ العلاج وليس لدى والدته من وسيلة لإجباره على تناول العلاج أو إجباره على الذهاب إلى المستشفى، لحسن الحظ أن هذا المريض ليس عدوانياً وليس له سلوكيات عدوانية تجاه أفراد عائلته أو الآخرين.
سيدة ثالثة يُعاني ابنها مرض الفُصام، ولكنه عدواني ولا تعرف كيف تتعامل معه، فليس لها قدرة على أخذه إلى المستشفى، و يُهدد أفراد العائلة بالاعتداء عليهم، وطلبت من الهلال الأحمر السعودي نقله إلى المستشفى، ولكن الهلال الأحمر رفض إلا بوجود رجال الشرطة، وطلبت رجال الشرطة الذين حضروا ولكنهم رفضوا أن يتدخّلوا وبقي المريض الفُصامي في المنزل لأن الهلال الأحمر يرفض أخذ المريض النفسي من منزله إذا كان مضطرباً إلا عن طريق الشرطة، والشرطة لا تتصرف إلا إذا كان لديها أوامر بأخذ المريض، وكان له سرير محجوز في مستشفى، وأكدّ ذلك شخص آخر كان متواجداً في اللقا، بأن شقيقه مريض نفسي، وطلب مرةً الهلال الأحمر لنقل شقيقه إلى المستشفى إلا أن المُسعف في الهلال الأحمر رفض ذلك بحجة أن الأخ ليس مريضاً نفسياً، وتساءل هذا الشخص بأنه كيف يمكن للمسُعف في الهلال الأحمر تشخيص المرض النفسي والامتناع عن نقل المريض بناءً على هذا التشخيص الذي قام به هذا المُسعف؟ تردد خلال هذا اللقاء بأن الهلال الأحمر لا ينقل المرضى النفسيين ولا أعلم عن مدى صحة هذه المعلومات، و لكن أرجو بل أتمنى أن يقوم الهلال الأحمر السعودي بمساعدة عائلات وذوي المرضى النفسيين بنقل المرضى النفسيين خاصةً مرضى الفُصام المضطربين للمستشفيات عند الحاجة لذلك.
أحدى الأمهات لمريض فصامي تحدثت عن مشكلة إعطاء الدواء لمريض الفُصام الذي يرفض تناول العلاج ولا يعترف بأنه مريض، وهي مشكلة تواجه كثيرا من أهالي مرضى الفُصام، حيث يضطر الأهل إلى وضع الدواء في العصير أو السوائل التي يتناولها المريض ليأخذ العلاج من دون أن يدري، خاصةً أن هناك أدوية من التي تُعالج مرض الفُصام هي سوائل ليس لها طعم أو لون أو رائحة، مثل دواء "الريسبيردال" المحلول ، الذي يُعتبر من الأدوية الحديثة المضادة للذُهان التي تُعالج مرض الفُصام، وهو دواء فاعل لعلاج مرض الفُصام.
كذلك هناك حقن طويلة المفعول، حيث يأخذها المريض كل أسبوعين أو كل شهر، ميزة الأدوية طويلة المفعول أن الأهل يتأكدوا من أن المريض يتناول العلاج وكذلك لا يمل المريض من تناول العلاج يومياً، العلاج طويل المفعول، الذي يؤخذ عن طريق الحقن لا بد أن يؤخذ عن طريق طبيب متخصص وكذلك يجب متابعة الطبيب حيث إن هناك أعراض جانبية قد تنتج من جرّاء أخذ هذه الحقن، وأحياناً يقوم الطبيب المعالج برفع الجرعة أو إنقاصها تبعاً لاستجابة المريض لهذا العلاج.
يشكو كثير من أهالي المرضى من عدم توافر أسرة لمرضاهم عندما يكونون في حالة مضطربة أو عندما ينتكسون بعد حالات الاستقرار، وأعتقد أن عدد الأسرة النفسية قليلة، وهذه مشكلةٍ عالمية؛ ففي معظم دول العالم نقص في الأسرة النفسية مقارنة بعدد المرضى النفسيين، لذلك فكثير من أهالي مرضى الفُصام يضطرون إلى التعايش مع مريض فُصامي مضطرب، وهذا قد يُشكّل ضغوطاً نفسية شديدة على الأهل.
كذلك يشكو أهالي المرضى من ارتفاع أسعار الأدوية الحديثة الخاصة بعلاج الفُصام، التي لا تتوافر في بعض الأوقات في كثير من المستشفيات الحكومية. فبعض الأدوية التي تخص مريض الفُصام قد تزيد عن الألف ريال أو ضعف هذا المبلغ في بعض الحالات.
من المشاكل التي عرضها أهالي مرضى الفُصام مشكلة عدم وجود أماكن تأهيلية للمرضى، فكثير من المرضى بعد أن يخرجوا من المستشفى لا يعرف الأهل ماذا يفعلون معهم. فبقاؤهم في المنزل وكثرة شرب المنبهات من القهوة والشاي والتدخين بشراهة وعدم وجود أي نشاط يمارسونه، فكل ما يقوم به الأهل هو أخذ المريض والدوران به بالسيارة في الشوارع وأخذه إلى الأسواق الكبيرة، وفي بعض الأوقات يكون المريض مضطرباً وقد يُسبب بعض المشاكل للعائلة مما تضطر العائلة معه إلى عدم إخراجه من المنزل.
تساءل كثير من أهالي المرضى عن إمكانية أن تكون هناك خدمات منزلية لمرضى الفُصام، حيث يقوم فريق طبي نفسي متخصص بزيارة المريض في المنزل و تقييم حالته وصرف العلاج له، خاصة إذا كان يتعالج بالأدوية طويلة المفعول التي ذكرناها سابقاً، في معظم دول العالم هناك هذا النوع من الخدمات الصحية، وأعتقد أن بعض المستشفيات الحكومية مثل مستشفى الأمل في الرياض ومستشفى القوات المسلحة في الرياض تقوم بهذه الخدمة، وهي خدمة مهمة تُساعد على تخفيف أعباء كثيرة عن كاهل الأسرة التي يُعاني أحد أفرادها من مرض الفُصام. فكثيراً ما يرفض المرضى الفُصاميون الذهاب لزيارة الطبيب أو مراجعة المستشفى أو أخذ العلاج، فزيارة فريق طبي نفسي لمنزل مريض الفُصام يُساعد كثيراً في تسهيل أمور العائلة والمساعدة في علاج المريض بشكلٍ جيد ومُريح، وكذلك يُقلل الضغط على المستشفى والعيادات النفسية.
أيضاً شكى كثير من أهالي مرضى الفُصام من النظرة الدونية لمرضى الفُصام وعدم فهم الكثير من عامة الناس لهذا المرض الذي ينتشر بأعداد غير قليلة في المجتمع. فكثير من عامة الناس لا يعرفون حقيقة معنى مرض الفُصام، ولا ما أعراض مرض الفُصام، ويخلطون كثيراً بين مرض الفُصام واضطراب أنفصام الشخصية والاخير هو أضطراب لا يوجد كثيراً في الحياة اليومية بل هو أكثر ما يكون في الروايات الخيالية والأفلام، بينما مرض الفُصام هو مرض عقلي تحدثنا كثيراً عنه وأعراضه عبارة عن هلاوس وضلالات وتدهور في الشخصية واضطرابات سلوكية، وهذا ما يجعل مريض الفُصام مُستغرباً وغير مقبول في المجتمع بشكل كبير حيث ينقص عامة الناس المعلومات الخاصة بمرض الفُصام بشكل صحيح بحيث ان عامة الناس يصبحون لا يخافون من مريض الفُصام ولا من سلوكياته التي قد يستغربها وفي بعض الأحيان يستاء منها بعضهم، ما يجعل مريض الفُصام غير مرغوب فيه في الأماكن العامة والأندية الرياضية والاجتماعية.
أهالي مرضى الفُصام قد يُعانون اضطرابات نفسية نتيجة المعاناة التي يتعرضون لها من خلال معايشتهم للمريض الفُصامي. أهم الاضطرابات التي قد يُعانيها أهالي مرضى الفُصام هو اضطراب الاكتئاب واضطراب القلق. لذلك فإن أهالي مرضى الفُصام فعلاً يستحقون الدعم، وربما يكون من أهم أهداف الجمعية السعودية لمرضى الفُصام هو دعم عائلات المرضى ونشر التوعية عن مرض الفُصام الذي نأمل أن يتم ذلك في المستقبل بدعم من الجهات المسؤولة عن الخدمات النفسية والاجتماعية والجمعيات الخيرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.