«الإغلاق الاحترازي» هو أحد أنظمة ولوائح البلديات في جميع مناطق المملكة، تنفذه البلدية ضد أي مطعم أو «كفتيريا» يشتبه أنه المتسبب في تسمم أحد أفراد المجتمع، مما يستوجب غلق المحل لمدة قد تتجاوز الشهر، وربما أكثر من ذلك، حتى تصدر نتيجة التحاليل المخبرية والفحوصات الطبية، وتنتهي تحقيقات التحري من صحة البيئة والامارة والشؤون الصحية، بالإضافة إلى هيئة الغذاء والدواء. وهذا الإجراء يكبد صاحب المنشأة خسائر مادية باهظة لسببين؛ الأول هو التوقف عن الإنتاج طوال هذه المدة، بينما هو مطالب بدفع مستحقات الإيجار ورواتب العمال، والسبب الآخر اكتسابه سمعة سيئة تفقده العديد من زبائن المحل، وربما تقضي على المشروع بالكامل نتيجة خطأ غير مقصود من أحد العمالة بالمطعم. «الرياض» تطرح الموضوع لمعرفة مدى جدوى «الإغلاق الاحترازي»، وهل هي فعلاً عقوبة لصاحب المطعم؟، أم علاج يقضي على حالات التسمم، والتي تكثر عادة في فصل الصيف. تكثيف الرقابة قبل فترة قصيرة ورد تعميم لجميع البلديات بالمملكة صادر من صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، مطالباً البلديات بتكثيف أعمال الرقابة الصحية على المنشآت الغذائية، وذلك للحد من وقوع حوادث التسمم الغذائي، هذا نصه: «إلحاقاً لتعميمنا رقم 34637 في 16/5/1430ه حول تكثيف أعمال الرقابة الصحية على المنشآت الغذائية للحد من وقوع حوادث التسمم الغذائي، وحيث لاحظت الجهات المختصة بالوزارة أثناء دراسة التقارير النهائية لحوادث التسمم التي ترفع للوزارة طول المدة بين وقوع الحادثة ورفع نتائج الدراسة للوزارة، حيث أن المدة التي تعمل فيها المنشأة الغذائية ما بين الإغلاق الاحترازي إلى حين انتهاء أعمال اللجان وتطبيق العقوبة المقررة التي يصدر بها قرارنا بإدانة المنشأة، توحي لأصحاب المنشآت بأن فترة الإغلاق الاحترازي السابقة هي العقوبة المقررة فقط، إضافة إلى أن تطبيق عقوبة الإغلاق بعد مضي فترة طويلة على وقوع الحادثة تحدث كثيراً من اللبس، تدفع بأصحاب المنشآت التي صدر بحقها قرار الإدانة وفرضت عليها العقوبة للاعتراض والتذمر، مما يضع الوزارة والأمانات في حرج ويثير ضدها الكثير من الانتقادات، ولكون الوزارة تسعى لرفع كفاءة الأداء ومن ضمنها سرعة إنهاء الإجراءات، لذا نرغب إليكم حث الجهات المختصة بالأمانة ولجان الاستقصاء الوبائي على سرعة إنهاء إجراء عملية التقصي عن الحادثة ورفعها للوزارة في أسرع وقت ممكن». خالد أبو راشد شبهة قوية وقال خالد أبو راشد، محامي، إنه يفترض منذ البداية ألا يتم إغلاق أي محل احترازياً إلا بعد وجود شبهة قوية ضد ذلك المحل، إما بتعدد البلاغات ضده من قبل أشخاص متفرقين أصيبوا جميعا بالتسمم، أو ضبط أغذية منتهية الصلاحية أو فاسدة من قبل المراقب الصحي، أو وجدوا لديه مخالفات للشروط الصحية، مضيفاً أنه إذا ثبتت التهمة ضده بعد الانتهاء من التحاليل المخبرية والفحوصات الطبية كان الغلق جزءا من العقوبة المترتبة عليه، وإن أثبتت التحاليل المخبرية براءة المحل من تهمة التسمم فإن النظام يقتضي النظر في الأسباب التي أدت إلى الغلق، فإن كانت فعلاً أسباباً قوية، فليس له حق التظلم، وإن كانت أسبابا غير قوية وجب على الجهة المتسببة في الغلق تعويض صاحب المحل، وإن لم تُعوضه فإن له الحق في الترافع للقضاء من أجل إنصافه. نظام آخر وأوضح درويش خير، صاحب مطعم بمحافظة جدة، أنه من المفترض أن توجد البلديات نظاما آخر غير الإغلاق الاحترازي، سواء من مضاعفة الغرامة، أو إتلاف كل البضاعة الموجودة في المطعم لحظة الاشتباه فيه، مع أخذ التعهد عليه بإغلاق المحل لو تكرر ذلك؛ مؤكداً على أن التسمم ناتج عن خطأ غير مقصود، ولا أعتقد أن هناك صاحب مطعم يريد إيذاء زبائنه الذين يعتبرون المكسب الحقيقي للمحل، ذاكراً أنه إذا حدث خطأ لا سمح الله من أحد العمال بالمطعم، فإن إجراء الغلق الاحترازي غير عادل؛ لأنه ربما يتسبب في فشل المشروع بشكل نهائي، نظراً لما يترتب عليه من آثار وخسائر مادية. على بن جازع ضربة قاضية وذكر أن صاحب أي مطعم يعتمد على الدخل اليومي، فإن تعطل العمل قرابة شهر، فإن الخسارة سوف تكون فادحة، وإن عاد لممارسة نشاطه فقد خسر المئات من زبائنه جراء السمعة السيئة المترتبة على عقوبة الإغلاق، لاسيما وأن بعض الصحف المحلية مع الأسف تنشر اسم المطعم في خبر الإغلاق، وهذا مما لاشك فيه يمثل ضربة قاضية ضد المشروع، وربما هذا المطعم هو أول محاولة للشخص في التجارة، وقد يكون مقترضاً رأس المال من أحد البنوك ويسدده بأقساط شهرية، مبيناً أن الإغلاق يتسبب في تدمير طموح ذلك الشاب بدلاً من تشجيعه والوقوف بجانبه وتصحيح أخطائه، مشيراً إلى أنه من المفترض أن تراقب هيئة الغذاء والدواء والبلديات المحلات، لكيلا تصل الحالة إلى التسمم، مطالباً البلديات بتوظيف المئات من المراقبين الصحيين؛ لأن المراقبين في المدن الكبيرة عددهم لا يتناسب مع ضخامتها، وبالتالي سوف يقفون عاجزين عن مراقبة (20%) من المحلات، فما بالك بمراقبتها جميعها. دورات تثقيفية وقال علي الجازع، صاحب مجموعة مخابز، إنه لا يجب علينا التهاون في مسألة حفظ الأمن بجميع أنواعه، والتي منها الأمن الغذائي، بل ويفترض ألا تؤثر فينا العواطف؛ لأن قضية إهمال الاشتراطات الصحية أو بيع مواد غذائية فاسدة قد ينتج عنها تسمم يودي بحياة أشخاص أبرياء، وقد يقف الطب عاجزاً عن بعض الحالات وخاصة تسمم الأطفال، مضيفاً أنه يتوجب على البلديات والشؤون الصحية تكثيف جولاتها الميدانية لمراقبة المحلات المعنية ببيع الغذاء، إلى جانب متابعة مدى انضباط المحلات بالاحترازات الصحية وشروطها، ذاكراً أنه يفترض أن تعقد البلديات دورات تثقيفية للمراقبين، تمكنهم من اكتشاف الخطأ قبل وقوعه، والتنبؤ بالتسمم قبل حدوثه، بدلاً من أن تقف تنتظر ورود بلاغ عن تسمم في أحد المطاعم لتبادر بإغلاقه؛ لأن المثل يقول: «درهم وقاية خير من قنطار علاج». الحفظ والتخزين وشدد على أهمية دخول هيئة الغذاء والدواء في المسؤولية؛ لأن لديها معايير كثيرة لسلامة الغذاء، ويفترض أنها زودت بها البلديات والمراقبين الصحيين، ليتمكنوا من تقييم أداء محلات بيع الأطعمة، وذلك عن طريق دراسة طرق الحفظ والتخزين الصحيحة، بالإضافة إلى درجات البرودة المطلوبة لتخزين أي طعام، مضيفاً أنه من أشد المؤيدين لنظام الغلق الاحترازي، متمنياً لو طبقت البلديات أقصى العقوبة بكل صاحب منشأة غذائية يتسبب في تسمم المواطنين، وأرى أن الغرامة المالية المترتبة ليست كافية، مطالباً بتغليظ الغرامة؛ لأن الذي لا يستطيع أن يهتم بمحله ولا يستطيع أن يتابع العمالة الموجودين لديه، فمن الأفضل له أن يعمل في مجال آخر، وأن يترك مجال الأطعمة لغيره.