واقع صعب لا يستقيم عندما تكون مجهولاً وأنت غير مجهول، حالٌ لم تدرك مرارته إلاّ أسرتا الشقيقين "مهيمن مسعود المدري الفيفي، وجابر مسعود المدري الفيفي"؛ اللذين كانا قد نزحا في صباهما من فيفاء إلى الحدود اليمنية، واستقرا على حدود محافظة بني مالك، وتزوجا قبل 30 عاماً من إحدى القبائل اليمنية في تلك المنطقة، وكانت كل أحلامهما وطموحاتهما هي تأمين لقمة العيش لأفراد أسرتيهما، من خلال رعي وتربية الماشية، لكن الحال لم تستمر؛ فبعد أن رزق الشقيقان بالأولاد تلاشت تلك الأحلام البسيطة، وتكشّفت لهما الحاجة الماسة إلى تعليم وتوظيف وتزويج أبنائهم، وأصبح همهم حياة كريمة لأبنائهم لم يدركوها الاّ مؤخراً ليعودا ويستقرا في محافظة الداير، ويصطدم الشقيقان بواقع الحياة التي اكتسحت عزلتهم، والحاجة إلى تغيير حياتهم قبل أن يتمكنا من توفير حياة جديدة لأبنائهم؛ فبدأا يطرقان أبواب المدارس والمستشفيات لعلاج مرضاهما والدوائر الحكومية لتوظيف أبنائهما، وإذا بالأبواب مقفلة في وجهيهما لكون الأولاد من دون هوية لم يولدوا في مستشفيات، ولم يبلغ عنهم، ولم يحصلوا على شهادة ميلاد، ولا يوجد كرت عائلة، والكل يطلب منهم الهوية. معاملات طويلة يقول "مهيمن المدري" الشقيق الأكبر: بدأنا رحلة طلب اثبات الهوية الوطنية السعودية؛ لأننا سعوديين بموجب حفيظة نفوس والدنا المتوفى بعد تقاعده من الجيش قبل ثلاثين عاماً، وقد قطعنا حتى اليوم ثلاث سنوات من المراجعات لطلب الجنسية من دون أن نصل إلى نتيجة، وقد صرفنا كل ما نملك ونحن اليوم نستأجر لأطفالنا "هنقر" في محافظة الداير بني ملك لنكون قريبين من مراجعة معاملاتنا التي لم يعد لنا شغل غيرها من الرياض إلى جازان؛ حتى أصبحنا نقترض قيمة "المشاوير" للمراجعات التي لم تثمر ولو عن اثباتات مؤقتة لأبنائنا الذين لم يدخلوا المدارس، وهم ينتظرون وينظرون لأقرانهم يعيشون حرية مطلقة في وطنهم وهم كالمجهولين!. لم يستطع "مهيمن" اكمال القصة لشعوره بالذنب من الحالة التي وصل اليها وابناؤه؛ بسبب تأخره في اثبات هويته، ويواصل الحديث شقيقه الاصغر "جابر مسعود المدري الفيفي"، قائلا: "أصبحت أطلب العلاج من الإجهاد والتعب والوضع النفسي والمعيشي الذي نعيشه من العوز والفقر والجهل، وابناؤنا يعيشون على ما يجود به عليهم الجيران وأهل الخير". مطبخ الأسرة ينتظر مساعدة أهل الخير الزواج مؤجل ويضيف "جابر" بناتي وبنات أخي بلغن سن الزواج ولم نستطع تزويجهن؛ رغم كثرة الخطّاب؛ بسبب عدم توفر كرت العائلة، وقد اضطررت لتزويج ولدي أحمد من بنت أخي مجهولين بصك زواج وشهود من دون لجوء إلى المحكمة، والآن معه طفلان صغيران من دون إثباتات، ما يعني بعد أن ننتهي من رحلة معاناتنا في الحصول على الهوية نبدأ رحلة معاناة أخرى جديدة لأبناء الأبناء لأثبات هويتهم!. شهادة إثبات الشيخ "ناصر فرحان المدري" شيخ قبيلة المدري بفيفا التي ينتمي إليها الشقيقان، أكد لنا أن هؤلاء الأشقاء هم ثلاثة أخوة ينتمون لقبيلة المدري بفيفاء، ووالدهم يحمل حفيظة نفوس سعودية، مشيراً إلى أن الأسرتين سعوديتان ومن قبيلته فعلاً، ولكنهم هاجروا منذ زمن بعيد إلى الحدود اليمنية بين بني عياش وبني مالك؛ ليعودوا بعد فترة تزيد على عشرين عاما من دون إثباتات لأبنائهم وبناتهم، وهم الآن في رحلة من الإجراءات التي قد تطول. وعن سكنهم في بني مالك أكد أنه لا تتوفر منازل، وأبدى استعداده لتوفير أرض لبناء منزل للأسرتين في حال وجود من يتبرع ببناء منزل لهما. من جانبه قال رئيس مركز فيفا الاستاذ "عليوي بن قيضي العنزي": نحن نتابع معاملة الشقيقين وهي تسير حسب الأنظمة والقوانين المتبعة في مثل هذه الحالات النادرة!. قصاصة مراجعة لإحدى الجهات الحكومية