1200 كائن فطريّ في الطبيعة    أمير الشرقية: تسجيل مدينة الخُبر قفزة عالمية في مؤشر قابلية العيش تجسيد لدعم القيادة    ما بعد الجينوم.. سيادة البيانات الحيوية    438 مليون دولار إيرادات تقويم الأسنان في المملكة    الأردن: إصابة طفلين وأضرار مادية جراء سقوط طائرة مسيّرة    الاحتلال يسابق الزمن لابتلاع «سبسطية» الأثرية..    ميسي يقود إنترميامي للفوز على بورتو في مونديال الأندية    مونديال الأندية .. الأهلي المصري يخسر أمام بالميراس بثنائية    الرياض على موعد مع انطلاق كأس العالم للرياضات الإلكترونية "2025"    المنافسة القوية صنعت أجيالاً من النجوم    هل ستدافع عن موظفيك؟    تجريد المساحة وإعادة تركيب الذاكرة البصرية    خدمة الحجيج.. ثقافة وطن وهوية شعب    سجين العقل    مشاعر الحج    عشرة آلاف خطوة تقي من السرطان    زرع مثانة في سابقة عالمية    قرعة بطولة كأس السوبر السعودي 2025:"كلاسيكو" منتظر يجمع الاتحاد والنصر .. والهلال في مواجهة القادسية    المركزي السعودي يُصدر قواعد إصدار وتشغيل بطاقات الائتمان المحدثة    أمانة تبوك تنهي المرحلة الأولى من تطوير طريق الملك فيصل    حرس الحدود بمكة يحبط تهريب 6 كجم "حشيش"    أمير جازان يزور محافظة فرسان ويبحث المشاريع التنموية والسياحية بالمحافظة    فيفا يُعلن أسعار تذاكر لقاء الهلال وسالزبورغ    أمير منطقة جازان يتفقد مكتب الضمان الاجتماعي بمحافظة جزر فرسان    خدمات متكاملة لخدمة جموع المصلين في المسجد النبوي    نائب أمير الشرقية يستقبل عددًا من رجال الأمن ويُشيد بجهودهم الأمنية المتميزة    مركز صحة القلب بمدينة الملك سعود الطبية يفعّل دوره الإنساني    صندوق الاستثمارات يطلق شركة إكسبو 2030 الرياض    الولايات المتحدة تقرر فحص حسابات التواصل الاجتماعي لجميع المتقدمين للحصول على تأشيرة طالب    وكيل وزارة الحج والعمرة يدشّن جائزة "إكرام للتميّز" لتحفيز مراكز الضيافة خلال موسم حج 1446ه    أكثر من 3 آلاف عامل يواصلون أعمال النظافة في المسجد النبوي.    جمعية البر بأبها توقّع شراكة مع 7 جمعيات أهلية بعسير    الجامعة الإسلامية أطلقت مبادرة لتحفيز المبتعثين لديها على النشر في المجلات العلمية الدولية    استشهاد 16 فلسطينيًا وسط غزة    مغربي يكرم كشافة شباب مكة بدرع و"مانجو"    لن نستسلم وسنعاقب تل أبيب.. خامنئي: أي هجوم أمريكي عواقبه لا يمكن إصلاحها    دول «التعاون»: اعتداءات تل أبيب «انتهاك صارخ».. روسيا تحذر أمريكا من دعم إسرائيل    وزير الداخلية وسفير إسبانيا يبحثان الموضوعات المشتركة    أكد أهمية دورها في حفظ الاستقرار الإقليمي.. لبنان يجدد تمسكه بقوة «يونيفيل» في الجنوب    جامعة الملك فيصل ضمن" التصنيف العالمي"    " مركز الدرعية" يطلق برنامج تقنيات السرد البصري    حققت حلمها بعد 38 عاما.. إلهام أبو طالب تفتتح معرضها الشخصي    تسمية إحدى حدائق الرياض باسم عبدالله النعيم    وزارة الصناعة تشارك في معرض باريس.. السعودية تستعرض فرص الاستثمار في صناعة الطيران    2.7 مليار تمويلات زراعية    76.61 دولار لخام برنت    عريجة يزف نجله محمد    الهوية الرقمية والسجل لا يخولان الأطفال لعبور"الجسر"    يوليو المقبل.. إلزام المنشآت الغذائية بالكشف عن مكونات الوجبات    انتظام مغادرة رحلات الحجاج من «مطار المدينة»    العلاقات الأسرية تساعد الأطفال على النوم الهادئ    لماذا تركت اللغة وحيدة يا أبي    تعادل تاريخي للهلال أمام ريال مدريد في مونديال الأندية    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    أمير تبوك خلال تكريمه المشاركين في أعمال الحج بالمنطقة جهودكم المخلصة في خدمة ضيوف الرحمن محل فخر واعتزاز الجميع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موتى يقودون أجمل السيارات!!
نقطة ضوء
نشر في الرياض يوم 11 - 09 - 2010

في مقدمته الرقيقة لكتابه " ويبقى التاريخ مفتوحا " كشف د.تركي الحمد عن شعوره باليأس بسبب ضآلة نفسه عندما ينظر إلى الحياة ويدرك بلايين البشر الذين ماتوا والذين سيموتون. إنهم ليسوا أكثر من مجرد حبات رمل في صحراء شاسعة. ولكنه سرعان ما يخرج من إحباطه في رؤيته لأهمية دورالإنسان في الحياة عندما يغوص في التاريخ ويقرأ سير الأشخاص الذين ساهموا في إحداث التغيرات الجذرية. لهذا السبب ألف الحمد كتابه متناولاً مجموعة كبيرة من أبرز القادة والزعماء السياسيين.
من المؤكد أن هناك شخصيات استثنائية في التاريخ . الفليسوف برتراند راسل يقول إنه بدون مجموعة معينة من الفلاسفة والعلماء فإن الحياة ستكون مختلفة اليوم . ولكن في الواقع قد نفهم من كل ذلك الرسالة بشكل خاطئ . وهو أن عليك أن تكون سياسيا تاريخيا أو فليسوفا عبقريا أو روائيا ساحرا لكي ترى نفسك كشخص عظيم ومهم . أما الآخرون فهم مجرد "حبات رمل" يولودون ويعيشون ويموتون بدون أي أهمية . لكن الحقيقة مختلفة وهي أن كل إنسان في هذه الدنيا هو إنسان صاحب دور جوهري وأساسي في هذه الحياة. كل شخص يترك لمسته وتأثيره وروحه ويمضي . من خلال هذا الفهم فقط لا نتعرف فقط على أهمية حياتنا , ولكننا أيضا نسهم في مسار التاريخ. تاريخ حياتنا الشخصي وتاريخ مجتمعنا.
يبدو أننا نميل للأشياء التي تجلب لنا الراحة معتقدين أننا نعثر بذلك على جوهرنا الشخصي . نهدف إلى زيادة المال , والتقليل من ساعات العمل , و شراء إحدى السيارات والبحث عن نساء جميلات للزواج ( والعكس صحيح بالنسبة للنساء إذ أصبح بيدهن الاختيار), الحصول على الشهادات . مثل هذه المطالبات على أهمية بعضها تجلب الراحة وبعض السعادة ولكنها لا تعكس حقيقة جوهرنا. أي أن تحققها لا يعني أننا حققنا ذاتها المهمة , بل على العكس هي توهم الشخص أنه حقق هدفه بينما هدفه الحقيقي أسمى من ذلك.
لذا نلاحظ في الآونة الأخيرة هذا السباق على نشر الاكتشافات أو الاختراعات حتى لو كانت بدون قيمة تذكر. السبب لأننا نعتقد أن مثل هذه الشهرة وما تجلبه ربما من سمعة ومال هي ما يمثل نجاحنا الشخصي. في الواقع أن الأمر مختلف وهو أن ما نقوم به بحب وإخلاص وتفان بصمت وهدوء هم أهم من البحث عن نجومية فارغة. الموظف الذي يعمل بجد وسعادة ويخدم الناس أهم من مديره أو وزيره الذي يبحث عن نجومية شخصية. الطبيب الذي يعمل في قرية نائية في شمال أو جنوب السعودية و يعالج الأطفال المتألمين أهم من الطبيب الذي يبحث عن المال والمناصب ومقابلات الصحافة. حتى أن الشخصيات التي تحصلت على الشهرة بسبب تميزها الحقيقي حققت ذلك لأنها محبة ومخلصة لم تقوم به حتى بدون أضواء وإدعاء. من يقرأ سيرة العالم المصري أحمد زويل ويعرف أنه يندمج في تجاربه إلى منتصف الليل ويرهق طلابه بالبحوث يدرك فعلا كيف يقود مثل هذا الفهم إلى أن نحقق ذاتنا قبل كل شيء آخر..
قيمة المعلم أو المعلمة هي في الأثر الإيجابي الخالد الذي تتركه في عقول وقلوب طلابهم . المعلمة التي تضيء عقول طالباتها وتساعدهن على اكتشاف أنفسهن وتحرضهن على الإبداع ستظل ساكنة في أرواحهن إلى الأبد. حتى لو ماتت فإنها تركت لمستها الخالدة داخلهن وسيقومن هن بنقلها على شكل أفكار وسلوك إلى أولادهن وأحفادهن. ماذا يهم بعد ذلك إذا كانت هذه المعلمة تأخذ ألف ريال في الشهر أو عشرة آلاف إذا كانت تلعب مثل هذا الدور الجوهري الذي يجعلها تتضاءل أمامها جميع الأموال . من حقها بالتأكيد أن تحصل على المال الذي يكفيها ولكن دورها مع طالباتها أهم من ذلك بكثير. ولكن الخطورة البالغة تكمن إذا لم نفهم فعلا هذا الدور الأساسي فقد تنقلب النتائج للعكس تماما. على سبيل المثال إذا ركزت المعلمة على المال فقط فإنها ستهمل طالباتها وستتعامل معهن كقطع الأثاث أو إذا حقنتهن بالأفكار السوداوية التي تقتل خيالهن فإنها ستقوم على العكس تماما مما هو مطلوب منها.
هذا يحدث أيضا مع الشرطي الذي يحمي الناس من السرقات أو مع الممرضة التي تعتني بالمرضى أو الموظف الذي يدير مراجعات الناس . كل هؤلاء وغيرهم يلعبون أدورا أساسية ومؤثرة في حياتنا. إذا لم يدرك فعلا هؤلاء حقيقة دورهم فسوف نرى أن السرقة ستتصاعد و المرضى يتم إهمالهم ومعاملتهم بغلظة ,المراجعات تتحول إلى عذاب لا يطاق . ليس على مستوى المهن والوظائف ولكن أيضا على مستوى وجودنا الاجتماعي. الأب والأم والأخوة والأصدقاء يتركون أثرهم وقد يكون ذلك بطريقة إيجابية أو سلبية اعتمادا على فهم الشخص لحقيقة دوره. هل يوجد أسمى من أن يقوم الأب أو الأم في تعليم أولاده فضائل مثل التواضع والتسامح واحترام حقوق الانسان ؟!. كما هو ظاهر , هذا أمر أساسي لا يؤثر فقط على شخصية الاولاد فقط بل على شخصية المجتمع بالكامل.
أنا وأنت لسنا حبات رمل تذروها الرياح . بل لكل منا دوره الذي يتجاوز حدوده الفردية ويصب في روح المجتمع . بهذه الطريقة نموت ونبقي المجتمع يعيش ويزدهر . أما إذا لم ندرك ذلك أو قمنا بالضد تماما فإننا أشبه ما نكون بالموتى ، نعم .. موتى يملكون أجمل السيارات وأعلى الشهادات..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.