فتيات الأحساء يتمنين تعميم تجربة جدة في توظيف الكاشيرات التي انطلقت منذ أسابيع قليلة، ويعتبرن هذا التوظيف خطوة جادة للقضاء على البطالة النسائية وتوفير فرص عمل جديدة للنساء. وأنا أقرأ التحقيق في جريدة «الرياض» أول من أمس تخيلت أنه لو تمت مساءلة فتيات الرياض، ومكة، والشرقية وأبها، وجازان، وحائل وغيرها من مدن المملكة لتمنوا أيضاً ما تمنته فتيات الإحساء، من توفير مثل فرصة فتيات جدة، والانخراط في العمل في المحلات والهايبر الكبيرة برواتب تعتبر جيدة، لكن مع امتداد هاجس التمني، والانطلاق إلى إشارات الحلم، فلم يتوقف المتمنون، أو الراغبون في تنفيذ الفكرة الجيدة بحد ذاتها أمام عدة اسئلة لعل أهمها.. كم عدد الكاشيرات اللاتي تم توظيفهن؟ وهل هذا العدد المحدود هل الذي سيحل مشكلة بطالة النساء وسوف يقضي عليها؟ وهل عمل ما يوازي مائة امرأة أو أقل هو ما يقلص أعداد العاطلات في المنازل؟ وهل هذه التجربة مكتوب لها النجاح؟ الواقع أنها أسئلة عديدة لاتزال وستظل مطروحة، ولعل ما ينبغي التوقف أمامه هذه المساجلات، والكتابات حول الأمر منذ أن بدأ، ما بين مؤيد، ومعارض، رغم أن القضية لا تستحق كل هذا الضجيج، ولا تستحق كل هذه الطروحات، لأن عدد من تم توظيفهن محدود، وفي محلات محدودة، وبوظيفة كاشير، تقف في كامل احتشامها مشغولة، وملهية بالحسابات، والعمل لساعات طويلة وفي مكان يعتبر بالمنطق عاماً ومفتوحاً، ومتاحاً لكل من يعبر من أمامه. الشيء الآخر أنها لا تبيع ولا تشتري في المحل فقط تقف أمام الكاشير للحساب في تجربة اعتقد أن المجموعة التي بدأ بها قد وُريت جيداً لتكون واجهة جيدة وتشكل نجاحاً أولياً، يضاف إلى ذلك أن المرأة منذ صدر الإسلام تمارس البيع والشراء في الأسواق، ولمن يتردد أو كان يتردد على الأسواق الشعبية، وبالذات في بعض القرى، حيث الأسواق الأسبوعية التي تسمى بالأيام مثل سوق الخميس وسوق الأحد، وسوق الجمعة، سيجد عددا هائلا من النساء يفترشن الأرض ويمارسن البيع والشراء مع النساء والرجال وهن بكامل حشمتهن، دون أن يتوقف أحد لينثر استغرابه، أو تعجبه، ولذلك تظل ردود الفعل مبالغاً فيها ممن أيد الفكرة وممن عارضها! فمن عارضها تناسى ممارسة المرأة على امتداد التاريخ لأمور البيع والشراء، ومن أيدها بحرارة واعتبرها خطوة هامة، وطاقة فتحت لتسحب معها نسائم البطالة الثقيلة التي لفحت بناتنا منذ سنوات كان تأييده مُبالغاً فيه ومتعجلاً وبه الكثير من آثار أحلام فتيات مناطق المملكة، لأن هذه الأعداد التي وظُفت محدودة، حتى لو عملت في أغلب السوبر ماركت الكبيرة فلن تغلق الباب أمام الرجل الكاشير أولاً، وثانياً هناك بعض الأسر المتحفظة على عمل بناتها كاشيرات وبالذات في بعض المناطق إلا إذا كانت الأسواق نسائية، وتجربة الأسواق النسائية يبدو أنها فشلت، ولم تحقق الكثير من النجاح! التجربة في حد ذاتها تحتاج إلى صبر، وتأن، ومرور وقت كاف لتمريرها في محلات أخرى، والمرأة قادرة على العمل، والتحمل، وطرق كل الأبواب، لكن إذا أردنا أن تكسر أبواب البطالة علينا، وعلى الجهات المسؤولة أن تمنح المرأة الفرصة الحقيقية للعمل في محلات الملابس النسائية الداخلية، والتي هي في الأصل للمرأة وينبغي أن تعمل فيها المرأة، وليس العامل العربي، أو الآسيوي، أو حتى السعودي، هو حق من حقوقها من المؤكد أن يسجل بعضاً من مشكلة البطالة، وسيرفع المبيعات التي تردد كثير من النساء في الدخول إلى هذه المحلات حتى لا تصطدم بالرجل. تعمل في محلات العطور، والأحذية النسائية حتى وإن كانت هذه المحلات في أسواق ومولات عامة! هي خطوة جيدة لكنها ذكرتني بخطوة استخراج كل امرأة هوية خاصة بها منذ عدة سنوات، وكيف تحول الأمر إلى قصة وحكاية رغم أن الهوية الخاصة حق من حقوق المرأة أولاً، وثانياً بدت الحكاية وكأنها نكتة يتندر بها علينا الآخرون وهي أن المرأة السعودية أخيراً أصبح لها هوية خاصة بها وبها صورتها! مع العلم أن بعض النساء حتى الآن دون هوية!!!!