لم يكن هناك أغرب من التقرير السنوي الذي قدمه البنك السعودي للتسليف والادخار لمجلس الشورى إلا البيان الصحفي الذي وجهه البنك إلى الصحف السعودية. ولمن لم يتابع القصة، فان البنك كشف في تقريره المرسل لمجلس الشورى عن عزمه تشييد مشروع ضخم لحل مشكلة الإسكان في جميع أنحاء المملكة. البنك في تقريره قال إن مشروعه سيتيح للمواطنين تملك شقق وفلل بأقساط مريحة ، وان وحداته السكنية ستكون ب 400 ألف ريال للفيلا و200 ألف ريال للشقة. وأضاف التقرير أن البنك قام بالترتيب مع احد البنوك التجارية لإتاحة فتح حسابات ادخارية شهرية للمواطنين بدءاً من 100 ريال. وبعد أن نشرت الصحف ما ورد في التقرير المرسل لمجلس الشورى، بادرت إدارة العلاقات العامة في البنك بإصدار بيان صحفي وجهته للصحف السعودية تطالب فيه وسائل الإعلام بعدم نشر الأخبار التي تخصه إلا بعد الرجوع إلى إدارة العلاقات العامة. بنك التسليف وقع في عدة أخطاء فهو لم يكتف بأن تجاوز اختصاصه في تقرير رسمي، بل بادر بتقديم خطة، يعلم الجميع يقينا، أنها غير قابلة للتطبيق في ظل الأسعار الحالية للأراضي ولمواد البناء. وبعد هذا وذاك قام البنك بمطالبة وسائل الإعلام بألا تنشر أخباره إلا بالرجوع إليه..!! ما فات البنك أن الصحف لم تنشر تصريحا لأحد منسوبيه حتى تطالب بالرجوع إلى العلاقات العامة قبل النشر بل إنها نقلت عن تقرير رسمي صادر من البنك نفسه. ناهيك عن أن البنك مؤسسة عامة ليس لجميع وسائل الإعلام الحق في الكتابة عنها فقط، بل إنهم مطالبون، بحكم التخصص، بالكتابة بمهنية عنها، وتقييم مدى أدائها لأعمالها. مشكلة إدارات العلاقات العامة في بعض الأجهزة الحكومية أنها تتعامل مع الإعلام بحساسية وبفوقية وتتوقع أن بإمكانها أن تأمر فتطاع. ناسية، أو متناسية، أن دورها الفعلي هو تسهيل التواصل مع وسائل الإعلام لا إملاء الأوامر عليها. بل وحتى الصيغة التي استخدمت في البيان الصحفي، المنشورة في الموقع الرسمي للبنك، كانت استعلائية وابعد ما تكون عن المهنية. إذ بدأ البيان بعبارة " ألزم البنك محرري الصحف بعدم ..". لدى بنك التسليف كثير من الملفات التي يحتاج لمعالجتها، بيد أنني سأقترح عليهم البدء فورا في معالجة أداء مسؤولي العلاقات العامة لديهم الذين لم يستطيعوا أن يكتبوا بيانا من 170 كلمة دون أن يقعوا في أخطاء إملائية ولغوية ناهيك عن الخطأ في المتن نفسه.