القيادة تعزّي رئيس غانا في وفاة وزير الدفاع ووزير البيئة ومسؤولين إثر حادث تحطم مروحية عسكرية    33.6 مليار ريال قيمة مشاريع المملكة في يوليو    نجاح استمطار السحب لأول مرة في الرياض    دعم إعادة التمويل العقاري    موجز    مرحلة جديدة من الإبادة الجماعية.. إدانات دولية واسعة لقرار إسرائيل    الطريق إلى شرق أوسط مزدهر    الاحتلال يمضي في خططه للسيطرة على غزة.. السعودية تدين وترفض إمعان إسرائيل في الجرائم ضد الفلسطينيين    إيران تضبط 20 مشتبهاً بالتجسس لصالح الموساد    أخضر ناشئي اليد يتأهل لثمن نهائي بطولة العالم    بعد ضم مدافع برشلونة.. النصر يسعى لحسم صفقة كومان    يوتيوبر مغربي يحصل على حقوق نقل دوري روشن    آل طارش والعبدلي يزفون سامي    الشمراني عريساً    «المنافذ الجمركية»: تسجيل 1626 حالة ضبط خلال أسبوع    عزنا بطبعنا    العصرانية وحركة العصر الجديد    «التواصل» السلاح السري للأندية    فدوى عابد تنتهي من «برشامة» وتدخل «السلم والتعبان»    مدل بيست تختتم حفلات الصيف في جدة والرياض    ممرضة مزيفة تعالج 4000 مريض دون ترخيص    هيئة الصحة تستهدف وقايتهم من مخاطر السقوط.. 4 منشآت صديقة لكبار السن مع خطة للتوسع    الغاز الطبيعي يشهد تحولات عالمية    المملكة تعزّي لبنان في وفاة وإصابة عددٍ من أفراد الجيش    «موانئ» تحقق ارتفاعًا بنسبة 12.01% في مُناولة الحاويات خلال يوليو 2025    أسعار النفط تحت وطأة شائعات السلام وحرب التعريفات    السويسرية أليشا ليمان: وجدت جمهور كأس العالم للرياضات الإلكترونية مايماثل حماس كرة القدم    الفرنسي"إينزو ميلوت"أهلاوياً ل 3 مواسم    مساعدات المملكة.. نبعٌ لا ينضب    إقامة «حوكمة التطوع» في الشرقية    النفط ينهي تداولات الأسبوع بخسارة 5 % وسط وفرة العرض    الخليج يدعم صفوفه بالعمري    قبضة الأخضر تبلغ الدور الثاني من المونديال    فيصل بن فرحان يتحرك دبلوماسياً لوقف الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني    ستة قتلى من الجيش اللبناني جرّاء انفجار ذخائر من مخلفات إسرائيلية    خطيب المسجد الحرام: تعاونوا على مرضاة الله فهي غاية السعادة    إمام المسجد النبوي: الأمن من الخوف سكينة تغمر الحياة    ألتمان وماسك يشعلان سباق الذكاء الاصطناعي    القبض على يمني وإثيوبي في جازان لترويجهما (9) كجم "حشيش"    قرص يومي لإنقاص الوزن    إكرام الضيف خلق أصيل    تحت رعاية الملك.. انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن    النفط الجديد من أجسادنا    في عام الحرف اليدوية.. المعدن ينطق فناً    المملكة تعزي لبنان إثر وفاة وإصابة عدد من عناصر الجيش    تهنئة سنغافورة بذكرى اليوم الوطني    سفير اليابان يزور المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    تحذيير من استمرار الأمطار الرعدية على مناطق عدة    محافظ خميس مشيط يتفقد مركز الرعايه الصحية بالصناعية القديمة    فريق النجوم التطوعي ينفذ مبادرة صناعة الصابون لنزيلات دار رعاية الفتيات بجازان    المملكة ترحب بإعلان التوصل إلى اتفاق سلام بين أرمينيا وأذربيجان    بمشاركة نخبة الرياضيين وحضور أمير عسير ومساعد وزير الرياضة:"حكايا الشباب"يختتم فعالياته في أبها    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأعيان الدرب    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدرب    أمير جازان يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    البدير في ماليزيا لتعزيز رسالة التسامح والاعتدال    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة جواهر بنت مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار .. المطر القادم
نشر في الرياض يوم 11 - 05 - 2010

حسنا فعل مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ، حينما أعلن عن نيته لإطلاق حملته الوطنية تحت شعار (حوارنا .. حياتنا ) لتعميم فكرة الحوار بين شرائح المجتمع السعودي ، والعمل على تربية جميع المواطنين على الحوار ، والاستفادة من المساجد والمدارس والجامعات والأسرة ، وكل الشبكات الاجتماعية من أجل تعميم فكرة الحوار ، وتعزيز متطلباتها ومقتضياتها في الفضاء الاجتماعي ..
فالحوار كقيمة وممارسة لم يعد حالة ترفيه ، بل أضحى ضرورة وطنية واجتماعية وأمنية .. إذ إننا كبقية المجتمعات الإنسانية ، تحتضن خلافات وتباينات أفقية وعمودية ، وغياب قيمة الحوار ، قد يدفع هذه الخلافات والتباينات إلى التوسل بوسائل عنفية أو غير حضارية لفض الاختلافات أو حسم التباينات .. أما إذا سادت قيمة الحوار ، وأضحى الجميع متشبعا بأصولها ومقتضياتها ، فإن مجموع التباينات والخلافات ، ستدار بعقلية حوارية – استيعابية ..
لهذا فإن الحوار كقيمة وممارسة هو ضرورة ، ينبغي الإسراع في تعميمه وسن التشريعات والقوانين الحامية له ، والعمل على الاستفادة من كل وسائط التعبير والتأثير لتربية المواطنين عليها ..
إن جميع الأطياف والتعبيرات الموجودة في المجتمع والوطن ، مطالبة بأن تمارس فعالياتها الفكرية وحيويتها الثقافية وشبكات تأثيرها المتعددة في المجتمع ، لتوطيد أركان وحقائق المنهج الحواري ، حتى نكون جميعا بمستوى المشاركة النوعية في صنع حقائقنا وصياغة راهننا وإنضاج خيارات غدنا ومستقبلنا ..
والحملة الوطنية التي أعلن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عن إطلاقها ، هي خطوة ضرورية ومهمة ، وكلنا أمل أن يتم تنفيذها بزخم وحيوية ، حتى تؤتي ثمارها المرجوة ..
فالحقائق والوقائع الموجودة في فضائنا والمضادة لقيمة الحوار عديدة وراسخة ، وتحتاج إلى جهود مضاعفة من أجل تفكيكها ومنع تأثيرها السلبي على مسيرة مجتمعنا ووطننا ..
لهذا فإن اللحظة الوطنية تتطلب تزخيم وتفعيل النشاط والفعل الحواري ، حتى يتسنى لهذا الخيار التأثير العميق في البناء الثقافي والاجتماعي للمواطنين ..
ولقد علمتنا التجارب ، أن غياب الحوار كإستراتيجية لتنظيم العلاقات بين مجموع التعبيرات والمكونات الموجودة في المجتمع والوطن ، يهدد الجميع بانقسامات وتشظيات تهدد الجميع وتدخلهم في دهاليز التباينات المفضية إلى العنف وتهديد الاستقرار السياسي والاجتماعي .. لذلك من الضروري أن نؤمن إيمانا عميقا ، أن الحوار هو سبيلنا جميعا لحل مشكلاتنا وتجاوز موروث القطيعة والجفاء .. ولكي نصل إلى المستوى الأخلاقي لممارسة الحوار بعيدا عن المسبقات الفكرية أو المواقف الجاهزة فنحن بحاجة إلى مجاهدة النفس ، والتغلب على الأهواء والنوازع الضيقة ، والانعتاق من كل أشكال التعصب الأعمى للذات أو لأفكارها وقناعاتها ، والسعي الحثيث نحو الاقتراب من المختلف ، ومحاولة فهمه بشكل مباشر .. وذلك من أجل أن يكون الحوار هو الأصل والثابت الذي لا نحيد عنه ، ومهما كانت النوازع ومهما كانت المشكلات التي تحول دون ذلك ..
وإن الضرورة الوطنية والثقافية والمعرفية ، تفرض علينا وعيا مزدوجا لعملية الحوار بكل مستوياته .. وعي مستوى الحوار والتفاهم والتوافق الذي وصلت إليه المجتمعات الإنسانية المتقدمة بين دولها وتياراتها ومدارسها الفلسفية والفكرية والسياسية .. ووعي واقعنا وتلمس الممكنات الموجودة لانطلاق هذه العملية بفعالية أكثر والعقبات التي تحول دون ذلك ..
من خلال هذا الوعي المزدوج لعملية الحوار ، تتأسس الظروف الموضوعية والذاتية ، لانطلاق مبادرات نوعية في هذا السياق .. ودون هذا الوعي العميق تبقى الكثير من الخطوات شكلية ولا تخرج في كثير من مفرداتها عن واقع الاستهلاك ورمي الكرة في مرمى الطرف المختلف والمغاير ..
وفي هذا الوضع تتجلى في الحياة الثقافية والاجتماعية ، كل الأشكال الخادعة والمستعارة لعملية الحوار والتفاهم والتلاقي بين مجموع أطياف وتعبيرات المجتمع والوطن ..
لهذا كله فإن المرحلة التي نعيشها على الصعيد الوطني ، تتطلب من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ، العمل على تزخيم وتنشيط الفعل الحواري في مجتمعنا .. لأن التباطؤ على هذا الصعيد ، لا يفضي إلى نتائج إيجابية في مسيرتنا الوطنية والاجتماعية ..
ومن أجل تزخيم الفعل الحواري في وطننا ، أود الإشارة إلى النقاط التالية :
إن الفعل الحواري بكل دوائره ، يقتضي العمل على مستويين في آن واحد .. مستوى الذات والعمل من كل الأطراف للتخلص من رواسب لغة النفي والإقصاء وكل المفردات التي تلغي المختلف والمغاير ، ولا تسمح بأي شكل من الأشكال بأي مستوى من الحوار معه .. وهذا ما يعمل على ترويجه بعض الأطراف ، بأننا لا نتحاور إلا إذا غيّر الآخر موقفه أو رؤيته من الموضوعات المحددة (وهي غالبا موضوعات محل اختلاف وتباين) ..
فتبقى هذه الموضوعات محل خلاف وسوء تفاهم ، وتزداد مبررات القطيعة والجفاء ..
إننا نعتقد أن الحوار واستمراره وبالتزام الجميع بأخلاقياته ومناقبياته ، هو الذي يوصل إلى نتائج إيجابية ..
أما الحوار بشروط فهو الرفض الحقيقي لمشروع الحوار ، حتى ولو وارب الإنسان في موقفه الحقيقي من عملية الحوار ..
لذلك فإن تنظيف النفس والعقل من كل المفردات والهواجس ، يعد من الأعمال الجوهرية التي ينبغي أن نتوجه إليها ، وتكون لدينا الشجاعة الكافية للانخراط في مشروع الحوار للوصول إلى قناعات مشتركة راسخة ، تؤسس للتسامح وتؤصل الحرية لرأي وقناعة الآخر المختلف .. ومستوى الواقع الذي من الضروري أن يسوده الحوار ونتدرب فيه على احترام التعدد ، وإدارة الاختلافات بعقلية حضارية ، منفتحة ، وبعيدة كل البعد عن التعصب المقيت الذي لا يفضي إلا إلى المزيد من الكراهية والاقتتال المتبادل ..
لهذا فإننا نرى أن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ، يتحمل مسؤولية مزدوجة في هذا السياق .. وهي العمل على نشر وتعميم ثقافة الحوار في كل أرجاء الوطن والمجتمع .. والوقوف ضد كل الأقوال والممارسات ، التي تؤسس لاستمرار الجفاء والقطيعة ، وتشارك في بث الكراهية بين المواطنين لاعتبارات قبلية أو مذهبية أو مناطقية أو ما أشبه ذلك ..
ولكي يتمكن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ، من تزخيم الفعل الحواري ، وتجذير ثقافته على المستويين الاجتماعي والوطني ، فإننا نقترح على إدارته الموقرة العمل على تأسيس فروع متكاملة للمركز في كل مناطق المملكة ..
إننا نعتقد أن المهمة الملقاة على عاتق المركز عظيمة وثقيلة ، لذلك فهو بحاجة إلى توسيع قاعدته الاجتماعية والوطنية باستمرار .. وأرى أن الخيار الأنسب لعملية توسيع القاعدة ، هو العمل على تأسيس فروع للمركز في كل مناطق المملكة ، وتمارس ذات الأدوار والوظائف التي يقوم بها المقر الرئيسي للمركز ، وبرعاية مباشرة منه ..
إن جميع الأطياف والتعبيرات الموجودة في المجتمع والوطن ، مطالبة بأن تمارس فعالياتها الفكرية وحيويتها الثقافية وشبكات تأثيرها المتعددة في المجتمع ، لتوطيد أركان وحقائق المنهج الحواري ، حتى نكون جميعا بمستوى المشاركة النوعية في صنع حقائقنا وصياغة راهننا وإنضاج خيارات غدنا ومستقبلنا ..
وإن عظمة أية ثقافة هي في انفتاحها ، وقدرتها على تأصيل مفهوم الحوار والنقد في مسيرتها ، فثمة أشياء ومعارف عديدة يتم الاستفادة منها من جراء الانفتاح والتواصل والحوار ..
والثقافة التي تصطنع الانفصال والانغلاق تبتر التاريخ وتقف موقفا مضادا من الوعي التاريخي ..
وبكلمة : إن الحوار يعيدنا جميعا إلى اكتشاف ذواتنا ، ويقوي خيارات التواصل والتعارف ، ويدفعنا جميعا إلى التخلي عن خيارات النبذ والإقصاء والعنف ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.