زيادة طفيفة لتبرئة إسرائيل    بطولة العالم للراليات بالمملكة ل10 سنوات    المنطقة الشرقية: القبض على 5 أشخاص لترويجهم 1.7 كيلوغرام «حشيش»    وزير الأوقاف اليمني ل«عكاظ»: نثمن دور المملكة في التسهيلات المقدمة للحجاج اليمنيين    الجمهوريون يؤيدون ترمب حتى بعد حكم الإدانة    برلمانية مصرية: استئناف «جلسات الحوار» يعزز الاصطفاف الوطني لمواجهة تحديات الأمن القومي    متنزه جدر يحتضن محبي الطبيعة    البيئة تفسح 856 ألف رأس ماشية    اختتام مبادرة «حياة» للإسعافات الأولية بتعليم عسير    أمير القصيم يرعى جائزة إبراهيم العبودي.. ويُطلق «الامتناع عن التدخين»    وزير الداخلية يلتقي أهالي عسير وقيادات مكافحة المخدرات ويدشن مشروعات جديدة    د. السند يطلق مشروع الطاقة الشمسية بالأيواء    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُنهي معاناة «تسعينية» مع ورم سرطاني «نشط» بالقولون    اكتشاف تابوت أقوى فرعون بمصر القديمة    أمير الرياض يهنئ بطل الثلاثية    إنقاذ حياة حاج تعرض لنزيف حاد نتيجة تمزق للشريان بالمدينة المنورة    السعودية تدين محاولة إسرائيل تصنيف الأونروا منظمة إرهابية    صلاح يدعم صفوف منتخب مصر في وجود المدرب حسن للمرة الأولى    1.6 مليون مقعد على قطار الحرمين استعدادا لحج 1445    الشؤون الإسلامية في جازان تُنهي الدورة العلمية في شرح كتاب الحج    فلكية جدة: اليوم بداية موسم الأعاصير 2024    بَدْء المرحلة الثانية لتوثيق عقود التشغيل والصيانة إلكترونياً    شراكة بين المملكة و"علي بابا" لتسويق التمور    فتح التسجيل بمعرض الرياض الدولي للكتاب 2024    ترحيل 13 ألف مخالف و37 ألفاً تحت "الإجراءات"    "نزاهة": توقيف 112 متهماً بقضايا فساد في 6 وزارات    منظومة النقل تطلق الدليل الإرشادي للتنقل في موسم الحج    بدء تسجيل الطلبة الراغبين في الالتحاق بمدارس التعليم المستمر    المطيري يتلقى التهاني بتخرج «لين»    تفعيل اليوم العالمي لتنمية صحة المرأة بمكتب الضمان الاجتماعي    التقليل من اللحوم الحمراء يُحسِّن صحة القلب    تقنية جديدة من نوعها لعلاج الأعصاب المقطوعة    «الداخلية»: القصاص من مواطن أنهى حياة آخر بضربه بآلة حادة        "إعمار اليمن" يضع حجر الأساس لمشروع تطوير وإعادة تأهيل منفذ الوديعة البري    اتحاد التايكوندو يختتم نهائي كأس السوبر السعودي    ‫الابتسامة تستقبل حجاج العراق في منفذ جديدة عرعر    قمة سويسرا.. إنقاذ خطة زيلينسكي أم تسليح أوكرانيا؟    تدشين أول رحلة طيران مباشرة من الدمام إلى النجف في العراق    بونو: الهلال أكثر من فريق.. وقدمنا موسماً استثنائياً    فيصل بن فرحان يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي    بن نافل: العمل في الهلال يأخذ من حياتك    جامعة الطائف ترتقي 300 مرتبة بتصنيف RUR    جهود مُكثفة لخدمة الحجاج في المنافذ    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب جنوب غرب الصين    رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار على مكة والمدينة    45 شاباً وشابة يتدربون على الحرف التراثية في "بيت الحرفيين"    الإعلان عن إطلاق معرض جدة للتصميم الداخلي والأثاث    سفير المملكة لدى اليابان: العلاقات السعودية اليابانية خلال السبعين السنة القادمة ستكون أكثر أهمية    مدينة الحجاج بحالة عمار تقدم خدمات جليلة ومتنوعة لضيوف الرحمن    أسعار النفط تتراجع قبيل اجتماع "أوبك+"    بونو يُبكّي رونالدو بْزَّاف    أمر ملكي بالتمديد للدكتور السجان مديراً عاماً لمعهد الإدارة العامة لمدة 4 سنوات    وزير الداخلية يدشن مشاريع أمنية بعسير    ثانوية ابن باز بعرعر تحتفي بتخريج أول دفعة مسارات الثانوية العامة    وزير الداخلية للقيادات الأمنية بجازان: جهودكم عززت الأمن في المنطقة    الأمير فهد بن سلطان: حضوري حفل التخرُّج من أعظم اللحظات في حياتي العملية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي عدداً من المواطنين من أهالي عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحديات وتوحيد المواقف
القمة التشاورية الخليجية ...
نشر في الرياض يوم 09 - 05 - 2010

يعقد زعماء دول مجلس التعاون الخليجي قمتهم التشاورية نصف السنوية الثانية عشرة في قصر الدرعية في مدينة الرياض يوم الثلاثاء 27 جمادى الأولى 1431 ه الموافق 11 مايو الجاري ، ورغم أن هذه القمة تكون عادة للتشاور بدون جدول أعمال ، إلا أنها تنعقد هذا العام في ظروف إقليمية ودولية معقدة ومهمة ، بل تمس مصالح وأمن دول المجلس بصورة مباشرة ، ولعل أكثر هذه القضايا أهمية وإلحاحا هي تلك المتعلقة بالملف النووي الإيراني ، والتصعيد في التصريحات الإيرانية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة العضو في هذا المجلس، إضافة إلى مستجدات الأوضاع في العراق واليمن باعتبارهما دولتين جارتين ومتاخمتين لدول مجلس التعاون، وكذلك التطورات في أفغانستان وباكستان ، إضافة إلى ما ترتكبه إسرائيل من جرائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة محاولات تهويد مدينة القدس ، والتوسع الاستيطاني، وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني ، ضاربة عرض الحائط بالقرارات الدولية ، والجهود الأمريكية ، والرغبة العربية في إقامة سلام دائم وعادل في منطقة الشرق الأوسط ، لذلك نعتقد أن هذه القضايا والأوضاع ستكون حاضرة على طاولة زعماء دول الخليج بقوة ، إضافة إلى موضوع خليجي هام ألا وهو بحث تطوير عمل مجلس التعاون الخليجي نفسه طبقا للورقة المقدمة من مملكة البحرين على ضوء توصية قمة الكويت التي عقدت في منتصف شهر ديسمبر الماضي ، كما أن زعماء دول مجلس التعاون سوف يناقشون ما تم انجازه من قرارات قمة الكويت خصوصاً في الجانب الاقتصادي وما يتعلق بالاتحاد النقدي الخليجي ، إنشاء البنك المركزي الخليجي، وإطلاق العملة الخليجية الموحدة .
وسوف نركز في هذا التحليل على بعض القضايا السياسية التي تمثل تحديا لدول المجلس ويتطلب التعامل معها توحيد الرؤى، القرار، والتنسيق الدائم لتأثير هذه القضايا على منطقة الخليج.. ومن هذه القضايا ما يلي:
الوضع العراقي:
الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق مؤخراً لم تمر مر الكرام بل أفرزت واقعاً سياسياً جديداً لابد من قراءة مفرداته ورصد تبعاته بدقة نظراً لتأثيرها المباشر على دول المنطقة .
والمتتبع للشأن العراقي يجد أن هناك جهات عديدة حاولت التأثير على سير العملية الانتخابية قبل بدايتها وحتى بعد نهايتها.. فتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية الأخرى صعدت من عمليات التفجير العشوائية لإرهاب الناخبين قبل حلول وأثناء الاستحقاق الانتخابي، وعمدت إلى عمليات القتل الطائفي بهدف منع أو تأجيل الانتخابات... على الجانب الآخر حاولت إيران قبل موعد إجراء الانتخابات القيام بجهود مضنية من اجل توحيد الفصائل الشيعية في ائتلاف انتخابي واحد يضمن سيطرة الطائفة الشيعية على السلطة وبشكل احتكاري، وعندما فشلت هذه الجهود ودخلت الأحزاب الشيعية في تكتلين كبيرين ومنفصلين (تكتل دولة القانون ، وتكتل الائتلاف الوطني )، حاولت طهران بعد انتهاء الانتخابات تعزيز ضمان تحالف الكتلتين الشيعيتين من اجل تشكيل الحكومة المقبلة .
كما حاول القابضون على زمام السلطة في بغداد التأثير على النتائج قبل الانتخابات وبعدها عبر قرارات ”هيئة اجتثاث البعث“ ثم وريثتها ”هيئة المسائلة والعدالة“ في محاولة لحرمان معارضيهم من دخول البرلمان ، وأغلبيتهم من أهل السنة، بل حرمانهم من حق الترشيح للانتخابات. واستمرت جهود ومحاولات تغيير نتيجة الانتخابات عبر محاوله حرمان عدد من النواب الجدد من مقاعدهم في البرلمان بقرارات من الهيئة. وفي حالة تطبيق هذه القرارات فإن خارطة السلطة سيتم تغيرها ، حيث ستحرم القائمة العراقية من عدد مهم من مقاعد البرلمان يصل عددها إلى عشرة مقاعد (من مجموع 91 مقعدا حصلت عليها).
مفردات الانتخابات العراقية:
صعود 9 كتل وائتلافات من مجموع 165 كيانا سياسيا و12 ائتلافا تقدمت للانتخابات.
احتفاظ 62 نائباً فقط بعضويتهم في البرلمان الجديد (من أصل عدد أعضاء مجلس النواب المنتهية ولايته البالغ 275 نائبا) في حين فقد 213 نائبا مقاعدهم.
عدد مقاعد البرلمان العراقي الجديد 325 مقعدا. لذا فإن تشكيل الحكومة يتطلب دعم الأغلبية البسيطة أي 163 مقعدا أو أكثر.
تفصيل حصة الائتلافات الرئيسية الأربعة من المقاعد:
ائتلاف العراقية 91 مقعدا، ائتلاف دولة القانون 89 مقعدا، الائتلاف الوطني العراقي 70 مقعدا، الائتلاف الكردي 43 مقعدا.
تفصيل حصة الأحزاب والائتلافات الثانوية من المقاعد:
قائمة التوافق 6 مقاعد ، ائتلاف وحدة العراق 4 مقاعد، الأكراد خارج الائتلاف الكردي 16 مقعدا (قائمة التغيير الكردية 8 مقاعد ، الاتحاد الإسلامي الكردستاني 4 مقاعد ، الجماعة الإسلامية الكردية 2 مقعد).
ملاحظات على النتائج:
النتائج لم تبرز تحالف سياسي واحد قادر على تشكيل الوزارة (حد أدنى 163 مقعدا) ، مما يعمق حاله عدم الاستقرار السياسي والأمني ، وتقود إلى تشكيل حكومة ائتلافية ضعيفة تعتمد على استمرار التوازنات والتنازلات. مما قد يتطلب تحالف ثلاثة ائتلافات أو مجموعات سياسية أو أكثر من ذلك بغية تحقيق النصاب القانوني لتشكيل الحكومة.
الائتلافات الحالية هي ائتلافات انتخابية غير متلاحمة سياسيا أو أيديولوجيا، قابلة للانفراط والتفكك في أي وقت، مما يزيد المستقبل السياسي هناك غموضاً.
بشكل عام: أفرزت الانتخابات واقعا معقداً مفرداته بوجود أحزاب هشة ، وهزيمة للجماعات المدعومة من قبل إيران.
ومن خلال ما تقدم شرحه نجد أن دول مجلس التعاون لدول لخليج العربية تقف الآن أمام مسؤولية كبيرة تتطلب التعامل مع المتغيرات التي أفرزتها العملية الانتخابية ، وتبني سياسة جماعية تجاه العراق تهدف إلى تعزيز النزعة الوطنية العراقية ،وإحياء القومية العربية التي ظهرت معالمها من خلال اتجاهات الناخب العراقي الذي صوت بشكل عام ضد الطائفية ، وضد الجماعات السياسية المرتبطة بإيران. كما أظهرت عملية التصويت في ما يسمى ب "المناطق المتنازع عليها" وخاصة محافظة كركوك أن الناخب صوت ضد السياسية التوسعية للأحزاب الكردية.
ومما لا شك فيه أن هناك إشارات حدوث تصحيح في مسار السياسية العراقية،. لذا فان دول المجلس يجب أن تتحمل جانباً من مسؤولية عودة العراق إلى حاضنته العربية وتحجيم النفوذ الإيراني الذي يشكل تهديدا لأمن ومصالح دول المجلس. وعليه فإن دول المجلس من الممكن أن تتبنى بعض القرارات التي قد تساعد في تحقيق الاستقرار في العراق باتخاذ الخطوات التالية :
دعم إصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي يحقق خروج الدولة العراقية من وصاية البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة وإنهاء الهيمنة الدولية على مصير العراق.
إيجاد صيغة توافقية للتعويضات المالية المستحقة لدولة الكويت على العراق منذ الغزو العراقي للكويت.
توسيع التمثيل الدبلوماسي الخليجي في العراق مع تشجيع المشاريع الاستثمارية للقطاعين العام والخاص، وزيادة التبادل التجاري بين دول المجلس والعراق.
الملف اليمني:
من المعروف أن اليمن له أهمية كبيرة لدى دول مجلس التعاون الخليجي لاعتبارات عديدة يعرفها الطرفان جيداً، وباعتبار أن اليمن يمر بظروف خاصة ومنها التمرد الحوثي في الشمال ، وما يسمى بالحراك السياسي في الجنوب ، إضافة إلى تجدد العمليات الإرهابية التي يتبناها تنظيم القاعدة الإرهابي ، لذا فإن الملف اليمني سيكون موجوداً على طاولة اجتماعات دول مجلس التعاون الخليجي ، ومن أبرز الموضوعات التي تهم دول المجلس في اليمن ما يلي:
التمرد الحوثي : رغم إيقاف العمليات العسكرية والتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الحكومة اليمنية والحوثيين فإن احتمال عودة التمرد مازالت قائمة. نظراً لأن الاتفاق الأخير بين الحكومة و قادة التمرد لم يشمل ثلاثة عناصر أساسية تشكل ضرورة لضمان عدم اندلاع القتال مجدداً وهي : الاتفاق لم يتضمن شرط قيام عناصر التمرد بتسليم أسلحتهم ، ولم يتم حل المليشيات ، ولا استسلام القيادات السياسية للتمرد ولم تخضع للمسائلة. فما تم بين الطرفين لم يكن هزيمة لحركة التمرد ، بل نتيجة اتفاق طوعي على إنهاء القتال. لذا فإن دول المجلس ملزمة بتقديم الدعم للحكومة اليمنية، وملزمة بالمحافظة على موقفها الموحد بالوقوف ضد حركة التمرد وتحديها لسلطة الدولة. في الوقت نفسه هناك ضرورة في الاستجابة للمطالب التنموية والخدمية التي تحتاجها منطقة صعدة، وهنا يبرز دور دول المجلس في المساعدة على تحسين الموقف في مناطق التمرد.
الحراك الجنوبي : موقف دول مجلس التعاون اتجاه الدعوات الانفصالية ، أو ما يسمى بالحراك السياسي في جنوب اليمن، سوف يتسم بالتوافق التام بين جميع الدول الست حول التمسك بوحدة أراضي اليمن وعدم السماح بتفكيك الدولة. فنجاح الجهود الانفصالية في جنوب اليمن قد تقود إلى تفكيك الدولة اليمنية إلى عدة أجزاء خاصة مع وجود التمرد الحوثي، وتدخل بعض الدول الأجنبية و بتغذيتها للتمرد الحوثي . ورغم أن النشاطات الانفصالية لم تصل إلى مرحلة تهديد وحدة الدولة اليمنية في المرحلة الراهنة، إلا أنها قابلة للتطور مستقبلاً، وهنا يبرز دور دول المجلس ، فبجانب استمرار الموقف الواضح في دعم وحدة الأراضي اليمنية ،فان جزءا كبيرا من مطالب المحافظات الجنوبية له جذور اقتصادية وتنموية يستوجب معالجتها. وعلى دول المجلس مجتمعة أو فرادي دور في توجيه جزء من استثماراتها التنموية المخصصة لليمن مساعداتها للمحافظات الجنوبية، وكذلك عليها دور في مساعدة السلطات اليمنية لتحسين الأداء السياسي والإداري وتبني عملية إصلاح شاملة تخفف من حدة المطالب الانفصالية وتنزع شرعيتها.
الإرهاب: وإلى جانب ما تم ذكره من المشاكل التي تواجه اليمن وعلاقته بدول مجلس التعاون ، هناك معضلة أخرى وهي تصاعد النشاطات الإرهابية على الأراضي اليمنية وإن كانت هذه النشاطات محصورة في داخل اليمن، إلا أنها تؤثر بشكل مباشر على الدول الجوار ، وبالذات المملكة العربية، ونظراً لتشتت جهود السلطات اليمنية في أكثر من اتجاه فإن مواجهتها لتنظيم القاعدة المعقد يمثل تحديا كبيراً لليمن ودول مجلس التعاون الخليجي ، إضافة إلى التضاريس الصعبة والأوضاع القبلية التي تزيد من صعوبة ملاحقة تنظيم القاعدة والقضاء عليه .
وخطر تنظيم القاعدة في اليمن ينبع من حقيقة أن هذا التنظيم له امتدادات خارجية؛ لذا فإن مهمة مكافحة الإرهاب في اليمن هي مسؤولية إقليمية جماعية ولا يمكن ترك أمرها للإمكانيات المحدود للحكومة اليمنية. لذا تبرز الضرورة لتأسيس لترتيبات دائمة وبهيكلية محددة لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين اليمن ودول المجلس الأخرى من اجل ضمان تطبيق نظام "الإنذار المبكر" والتعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية.
الملف الايراني :
مما لا شك فيه أن دول مجلس التعاون لا تجد مصلحة في التشجيع أو المشاركة في تصعيد الموقف أو المواجهة مع إيران ، ولا تؤيد مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لإيران ، فإبعاد شبح الحرب و المواجه العسكرية يعد من صميم المصالح العليا لدول مجلس التعاون الخليجي . وفي الوقت نفسه لا يمكن لدول المجلس إغفال حقيقة وجود الطموحات النووية الإيرانية التي قد تتجاوز الاستخدامات السلمية المشروعة ، ولا يمكنها أيضا إغفال لغة التهديد والوعيد التي طبعت التصريحات الرسمية الإيرانية مؤخراً إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وهي عضو في المجلس ، وهذه التصريحات مقرونة بموقف استعلائي غير مبرر.
لذلك المطلوب من دول المجلس تطوير موقف موحد يأخذ في حساباته هذه الاعتبارات، وفي الوقت نفسه لا توجد مصلحة في انقسام دول المجلس إلى دول مؤيدة لإيران ودول معارضة، ودول غير مبالية، فعدم توحيد المواقف سيكون له تبعات سلبية على صلابة الموقف الإقليمي وانعكاسات على وحدة الموقف الدولي. وستقوم إيران باستغلال حالة التفاوت في المواقف الإقليمية في حال ظهورها لإضعاف وحدة الموقف الخليجي والدولي، ولا توجد مصلحة لدول المجلس في اتخاذ موقف يبدو أنه متناقض، ومن ثم لابد من ظهور موقف خليجي موحد إزاء التصريحات الإيرانية ولهجة العداء المعلنة للإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً أنها تصريحات صدرت من جهات رسمية داخل النظام الإيراني.
البرنامج النووي الإيراني : مما لاشك فيه أن شح المعلومات الاستخباراتية التي تؤكد أو تنفي بشكل قاطع نوايا إيران تجاه (عسكرة ) برنامجها النووي يعد معضلة كبيرة أمام تبني عدد من دول المجلس موقفا حاسما تجاه الطموحات النووية الإيرانية المفترضة. ولكن في ظل هذا الغموض الذي يكتنف حقيقة الملف النووي ، لا نجد مناصا غير تأييد الموقف الدولي في التعامل مع هذا الملف. لذا فإن هناك ضرورة بوقوف دول المجلس مع الشرعية الدولية، وخاصة المطالبة بوجوب تقديم إيران الإيضاحات الكافية لإزالة حالة عدم الثقة السائدة بين إيران والعالم بشأن طبيعة برنامجها النووي.
الموقف من عملية التفاوض والتنازلات : دول مجلس التعاون تتمنى أن يتم حل مشكلة الملف النووي الإيراني بالوسائل السلمية والتفاوض الدبلوماسي لإبعاد شبح حرب جديدة قد يكون لها عواقب وخيمة على أمن واستقرار منطقة الخليج. ولكن دول المجلس لا ترغب أن يعتمد الحل السياسي على أساس تقديم تنازلات إلى إيران تمس المصالح الجوهرية لهذه الدول ، أو أن تحصل على مزايا ومكاسب دون استشارتها أو دون علمها. فدول المجلس يجب أن يكون لها موقف موحد وواضح ومعلن برفض تقديم المجتمع الدولي أو الدول الكبرى أي تنازلات تعد مكافأة لدولة على حساب دول المنطقة.
و على صعيد متصل لا تجد دول المجلس عائقا في استمرار إيران في نشاطات تخصيب اليورانيوم طالما أن هذه النشاطات تقع ضمن شروط المعاهدة التي تفترض التخصيب للأغراض السلمية فقط، وتحت الإشراف والرقابة الكاملة والدائمة للمنظمة الدولية. للطاقة الذرية، ولا تمانع هذه الدول ، بل تؤيد التوصل إلى حل سلمي يضمن تحقيق شرط التزام إيران ب "البرتوكول الإضافي" عبر تصديقها على وثيقة البرتوكول وتنفيذ بنوده المطلوبة بشكل عملي. فقيام نظام التفتيش والتحقق الدولي لمراقبة نشاطات الدولة النووية يعد ضمانة مهمة لدول المجلس للتيقن من عدم تغير طبيعة وأهداف البرنامج النووي الإيراني.
الموقف من المقاطعة الاقتصادية :. دول المجلس بصفتها جزءاً من المجتمع الدولي ستكون ملزمة قانونيا بتطبيق قرارات المقاطعة الاقتصادية التي تتضمنها قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولي في حال صدورها من المنظمة الدولية وتحت مظلتها. ولكنها لن تلتزم قانونيا بتطبيق القرارات التي يتم تبنيها من دول محددة دون غطاء دولي كقرارات تصدر في هذا الشأن عن الكونغرس الأمريكي أو الإدارة الأمريكية، أو الاتحاد الأوربي. لذا فإن دول المجلس في حاجة ماسة لبحث استراتيجية موحدة في كيفية التعامل مع قرارات المقاطعة الاقتصادية خارج إطار مجلس الأمن الدولي.
الموقف من العمل العسكري : لا يعد الخيار العسكري خيارا مفضلا أو مرغوباً فيه من جانب دول مجلس التعاون الخليجي ضد إيران طالما أن هناك شحاً في المعلومات الاستخباراتية ذات المصداقية العالية بشأن حقيقة البرنامج النووي الإيراني ، وطالما أن هناك أملا في إيجاد حل دبلوماسي لهذه القضية ، ولكن دول المجلس تدرك حقيقة أن قرار استخدام القوة العسكرية ضد إيران هو قرار خارج عن نطاق سيطرتها. فالدول الراغبة والقادرة على استخدام الخيار العسكري (الولايات المتحدة، وإسرائيل بالتحديد) لن تتردد في توظيف هذا الاختيار بسبب معارضة دول المجلس له، فقدرات دول المجلس على منع قيام عمل عسكري خارجي هي قدرات محدودة أو معدومة. وأقصى موقف يمكن أن تتخذه هذه الدول هو الامتناع عن المشاركة أو الامتناع عن تقديم التسهيلات للعمل العسكري. وهذا لا يلغي قدرات الأطراف الخارجية من تنفيذ خططها بإمكانيات ذاتية متوفرة لديها.
لذا فإن أقصى ما يمكن أن تقوم به دول المجلس هو مساعدة إيران على التعامل الصحيح مع نتائج وتبعات العمل العسكري الخارجي في حال حدوثه. ودراسة جميع السيناريوهات المتعلقة بهذا الخيار مقدما، وتبني الإجراءات اللازمة للتخفيف من نتائجه السلبية على الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي في دول المجلس.
التصريحات الإيرانية ضد الإمارات:صدرت من جانب إيران مؤخراً تصريحات ضد دولة الإمارات أقل ما توصف به أنها استفزازية ولا تخدم التوجهات الخليجية التي تهدف إلى التهدئة وإنهاء قضية احتلال للجزر الإماراتية بالحوار الدبلوماسي الهادئ أو عبر التحكيم الدولي ، ولذلك على دول المجلس توجيه رسالة لطهران مفادها أن التصعيد الإعلامي لا يخدم سياسة حسن الجوار وإنهاء الخلافات بالحلول السلمية .
.. ومما سبق نجد أن القمة التشاورية لزعماء دول مجلس التعاون الخليجي التي ستنعقد الثلاثاء المقبل في الرياض تأتي في ظروف دولية وإقليمية غاية في الحساسية تمس الأمن القومي لدول المجلس بصفة مباشرة ، حيث توجد جميعها في محيط دوله ولا يمكن تجاهلها أو غض الطرف عنها ، بل من الضروري أن تكون موجودة على طاولة المناقشات ، وأن تصاحبها وحدة في التوجه واتخاذ القرار والتخطيط المستقبلي بتوافق ليس فيما يتعلق بقضايا التكامل الاقتصادي رغم أهميتها فحسب ، بل من المهم أن ننظر إلى ما حولنا لأنه جزء منا ونحن جزء منه.
* رئيس مركز الخليج للأبحاث


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.