" والله ما تحاسب" هكذا يطلق معظم المواطنين كلمتهم الشهيرة أمام محاسبي المطاعم والكوفيهات الذي يقف حائراً ومستغرباً ممن يستلم المبلغ المستحق، فالأول يحلف والآخر "يطلق" والثالث يمسك يد زميله قبل أن تصل بالنقود إلى المحاسب. وفي مشهد غير بعيد حلف شخص في العقد الرابع من عمره على زميله بطلاق زوجته بأنه من سوف يحاسب، وبين هذا وذاك نجد انفسنا متفرجين على بعض عادات من المواطنين الذين يعرضون انفسهم وزملاءهم للاحراج، بالاضافة الى التعرض للايمان بالطلاق (علي الطلاق) على زوجاتهم مقابل مبلغ يسير من المال وإبداء الشهامة امام الاخرين معرضين زملائهم لأقل مايقال عنه احراج الموقف وقد تصل احياناً كثيرة لموقف متأزم. يقول نمر بن عبدالرحمن أجد نفسي مجبراً على الدفع ولابد من الحلفان حتى يقتنع الطرف الآخر من أني قادر على الدفع، فقد يكون صاحبي لايملك المبلغ الكافي فأبادر بالدفع حتى لايقع الاحراج، مشيراً إلى انه في ذات مره (زعل) من أحد أعز اصحابه بعدما لم يبادر بطلب دفع مبلغ عندما تقابلنا بالصدفة امام المحاسب، مضيفاً انه رهن بطاقته الشخصية ذات مرة لإحضار مبلغ بعد ان حلف على احد زملائه بالدفع بدفع قيمة الطلب وهو وقتها لايملك المبلغ الكافي. أما صالح سعيد فيقول هذه العادة كما اطلق عليها هي متأصلة فينا نحن الشعب السعودي وبقدر ماهي جيده فالعالم الآخر ينظر الينا بأنها مسألة غياب تام للتنسيق والتنظيم، فلايوجد مبرر الوقوف امام المحاسب ونبدأ بالحلف على من يدفع وهذا بالتالي يدل على غياب التنظيم المسبق من يدفع، فيما يرى انه من الافضل ان تكون الامور متساوية بمعنى كل يدفع ماقام بشرائه. ويؤكد فهد العويضة على أنه لا يرضى ان يكون هناك من يحاسب عنه، ولذا يبادر بالدفع اولاً، وقال: إن هذه العادة تختلف بحسب العادات والتقاليد المتوارثة في كل مجتمع، إلى جانب طبيعة المنطقة، حيث تكثر في القرى والمناطق البعيدة عن المدنية، مشيراً إلى انه يزداد الموقف احراجاً امام المحاسبين عند الالتقاء بالصدفة فالكل يبادر بإخراج محفظته للمحاسبة وتقل حدة الموقف بين من (يمونون) من الاصحاب. وأبدى ابو حاتم (محاسب) استغرابه مما يحدث احياناً امامه من بعض الزبائن بالحلف والمسك للمحافظ وبالتالي يمتد بقائي في الانتظار الى دقائق للحصول على المبلغ المطلوب، وللاسف ان بعض الشباب يعتذر بعد ذلك بعدم امتلاكه المبلغ الكافي ومن ثم تبدأ قصة جديد وهي التسديد (على الحساب) . الاخصائي الاجتماعي عبدالله الخضر يقول عن هذه العادة بقدر ماهي تراث نحترمه، إلا انه تقلل من شأننا كسعوديين امام العالم الآخر، سواء أكان ذلك داخل المملكة او خارجها. واضاف:تعتمد هذه العادة على سرعة البديهة لدى سكان المناطق غير المدنية، وذلك راجع لظروف الحياة والافكار المتجذره، والعادات التي لايرضى فيها شخص بالدفع عنه، ولست هنا مبرراً لها ولا ضدها ولكن اتمنى ان يكون هناك تنسيق مسبق بمن يدفع منعاً للاحراج امام المحاسبين او احراج انفسهم، فيما نجد اغلب المحاسبين غير سعوديين ويقفون مبهورين من غرابة الموقف والذي قد يكون مأخوذا من تراث الآباء والاجداد.