تربية الديرة

كلام الليل

جاء إلى القرية في فصل الصيف، لقضاء الإجازة مع جده وجدته
حين استيقظ في أول صباح، دخل على جده في المجلس
قال: السلامُ عليكم.. بضمة على الميم وبصوت منخفض
قال الجد: وش قلت.
قال الحفيد وبنفس الصوت والضمة: السلامُ عليكم.
بدا الحد وكأنه لم يسمع وقد سمع
قال: أعِد، أعِد.
أعادها المسكين ثلاث مرات قبل أن يقبل جبهة جده ويده.
ما رأى الجد أحداً في حياته يقبل يد الآخر.
قال لحفيده اخرج حالاً ثم ادخل ثانية، وقل بصوت مرتفع السلامْ عليكم.. من دون ضمة.
سلِّم سلام رجال.. الله يلعن.. الشيطان
كان هذا أول لقاء بين الحفيد والجد منذ سنوات، ولم يلاحظ الجد ان الحفيد جاء بجواربه إلى المجلس
والجد يسميها «شراريب» ولا أظن أنه لبسها في حياته.
خرج الحفيد وعاد. وقبل أن يسلم، باغته الجد بأن طلب منه ان يدخل المجلس «مجلس الرجال» من دون شراريب.
عاد الفتى ثانية مجرداً. وقال السلامُ عليكم بالضمة وبصوت أعلى قليلاً.
أخذه جده إلى جانبه وقال: اسمع، أنت في الديرة
يعني لابد أن تكون رجلاً.
سأله الحفيد كيف ياجدي؟
لا تقول جدي.. قل ياجد. جدي، جدي.
ما أحد يقول ياجدي.. سمعت
- الحفيد: سمعت ياجدّ. وتلفظ بعدها بكلمة لم يسمعها الجد.
لكنه ضحك وقال هل قلت، ياجد الجن.
قال الحفيد اي والله، وكيف سمعتها.
قال الجد. نحن في الديرة نسمع كل شيء.. لكن عليك ان ترفع صوتك مثل الرجال.. او تجلس مع جدتك في غرفتها، في هذه اللحظة دخلت الجدة بفطور جنوبي من قرصان القمح والسمن والعسل..
دنوا من المائدة..جلس الحفيد كما لو كان يقرأ التحيات..
صرخ عليه الجد قم، قم، فقام الحفيد.
قال الجد: اجلس مثل الرجال. مثلي بالضبط
وجد الحفيد صعوبة. فرك الجد فخدي حفيده الى أن استوت له الجلسة.. قال له: قل بسم الله الرحمن الرحيم وكل مثل الرجال.
المعروف عن الجد انه لعّان.. ولكنه يصب لعناته على الشيطان دائماً.. لكننا كنا نعرف من المعنيّ.
قال الحفيد، ياجدي، ياجدّ.. انا في اجازة .
قال الجد: هذه فرصتك تصير مثل الرجال.
قالت الجدة: اتق الله، دعنا نحتفل بحبيبنا..
قال: خذيه. خذيه معك في الغرفة واحتفلي به لاحظ الجد حزنا على وجه حفيده. حزن هو ايضا وسقطت دمعتان من عيني الجدة.
غادر الجد المائدة وهو يلعن إبليس ويلعن الشيطان.
عاد الحفيد سريعا إلى جدة، وهو يقول: جدة غير.