انخفاض اسعار النفط    وثيقة تاريخية تكشف تواصل الملك عبدالعزيز مع رجالات الدولة    دعم الجماهير كان حاسمًا.. ونطمح لحصد المزيد من البطولات    توقيع اتفاقية لدعم أبحاث الشعاب المرجانية    جددت التزامها باستقرار السوق.."أوبك+": 547 ألف برميل زيادة إنتاج الدول الثماني    تصعيد إسرائيلي.. ورفض فلسطيني قاطع.. عدوان منظم لإعادة احتلال غزة    مقتل عنصر أمني وسط خروقات لوقف النار.. هجوم مسلح يعيد التوتر للسويداء    حريق بمستودع نفط في سوتشي.. هجمات أوكرانية تستهدف منشآت حيوية روسية    استمرار الأثر الإيجابي لتوجيه سمو ولي العهد.. 3.2 % ارتفاع أسعار العقارات نزولاً من 4.3 %    وزير الداخلية وسفير سنغافورة يبحثان الموضوعات المشتركة    بمشاركة 268 لاعباً ولاعبة.. انطلاق معسكر "فريق السعودية" في كازاخستان    استعرضا سبل تبادل الخبرات والتجارب.. وزير العدل ونظيره العراقي يوقعان برنامج تعاون تشريعي    إحباط تهريب مخدرات في جازان وعسير    رفقًا بهم… إنهم أمانة الوطن فينا    رئيس هيئة الترفيه يعلن طرح تذاكر مهرجان الكوميديا    مسرحية «طوق» السعودية تنطلق في «فرينج» الدولي    تأهيل وتمكين الطلاب للمنافسة في المحافل العالمية.. المنتخب السعودي يحصد 3 جوائز في أولمبياد المعلوماتية الدولي    تدشين كتاب "حراك وأثر" للكاتبة أمل بنت حمدان وسط حضور لافت في معرض المدينة المنورة للكتاب 2025    لا تدع أخلاق الناس السيئة تفسد أخلاقك    جامعة القصيم تحقق الفئات الأعلى في اختبار "مزاولة المهنة"    جبل السمراء.. إطلالة بانورامية في حائل    "سعود عبدالحميد" إلى لانس الفرنسي بنظام الإعارة لمدة موسم واحد    نادي الحريق يتصدر تايكوندو المملكة ب87 منافساً    نحو قطاع عقاري نموذجي    ملاحقة المهربين غرب ليبيا    الملك سلمان للإغاثة.. جهود إنسانية حول العالم    جبال المدينة.. أسرار الأرض    إحباط 1547 صنفاً محظوراً    عدم ترك مسافة بين المركبات أبرز مسببات حوادث المرور    مؤتمر «حل الدولتين».. موقف دولي لتجديد الأمل بالسلام والعدالة    حرائق أوروبا تسبب خسائر وتلوثا بيئيا واسعا    زلزال جديد في كامتشاتكا الروسية    فرع وقاء بتبوك يختتم مشاركته في مهرجان العسل والمنتجات الزراعية الثالث بمنطقة تبوك    استعراض أنشطة التراث أمام سعود بن جلوي    اعتماد أكاديمي كامل لبرنامج نظم المعلومات في جامعة حائل    المدينة المنورة.. صحية مليونية للمرة الثانية    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    «هلال مكة» يفعل مسارات الجلطات القلبية والسكتات الدماغية    رؤية 2030 تكافح السمنة وتعزّز الصحة العامة    15 مهمة لمركز الإحالات الطبية تشمل الإجازات والعجز والإخلاء الطبي    النصر غير!    الفيحاء يخسر أمام أم صلال القطري برباعية في أولى ودياته    تأثير الأمل في مسار الحياة    فريق قوة عطاء التطوعي يشارك في مبادرة "اليوم العالمي للرضاعة الطبيعية"    آل الصميلي يحتفلون بزواج الشاب محمد عبدالرحمن صميلي    تحديات تهدد المشاريع الناشئة في المملكة    من حدود الحزم.. أمير جازان يجسد التلاحم بالإنجاز    طرح تذاكر مهرجان الرياض للكوميديا    قربان: المعيار المهني للجوالين يعزز ريادة المملكة في حماية البيئة    مجمع إرادة بالدمام ينفذ مبادرة سقيا كرام    أمير منطقة جازان ونائبه يزوران عضو مجلس الشورى المدخلي    فرع الشؤون الإسلامية بجازان ممثلاً بإدارة المساجد في الريث يتابع أعمال الصيانة والتشغيل في الجوامع والمساجد    الفخر بقيادتنا    البكيرية.. مشروعات نوعية وتنمية شاملة    المولودون صيفًا أكثر اكتئابًا    إمام المسجد النبوي: الدنيا سريعة فاستغلوها بالأعمال الصالحة    خطيب المسجد الحرام: التقنية نِعمة عظيمة إذا وُجهت للخير    نائب امير منطقة مكة يكرم رعاة الحملة الوطنية الإعلامية لتوعية ضيوف الرحمن (الحج عبادة وسلوك)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن حميد : العلاقات الأسرية أوامر صارمة وأحكام حازمة .. الحذيفي : للدين الإسلامي أعمال صالحة منجية من المهلكات
نشر في البلاد يوم 23 - 08 - 2008

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل في الأمور جميعها والورع عما حرم الله وصدق النية فيما عند الله .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة امس يشكو هذا العصر وأهله من التفكك في الأسر والعنف في التعامل وارتفاع نسب الطلاق والفرقة في البيوت والنفرة بين الأقارب وإن من يشاهد ألوان الاضطراب وأنواع التنازع لا يجد له مردا سوى الأنانية الضيقة والعادات المردودة والأعراف السيئة والثقافات الوافدة الفاسدة مع غياب ظاهر عند هؤلاء لآداب الدين وأخلاق الإسلام وأحكام الشرع ونشر لثقافة الصراع الذكوري الأنثوي وإيساع الفجوة بين الرجال والنساء في تحوير وتزوير وتحريف وتضخيم
ومسخ للحقائق وبعد عن العدل والرحمة والسكن والمودة .
وأردف يقول إنه ليس في الحياة الأسرية أن تأمر وتنهى وترغب وتتبنى وتتوعد وتتهدد وكأن المرء لا يفكر إلا في نفسه ولا يغضب إلا لخاصته فالعلاقات الأسرية ليست أوامر صارمة وأحكاما حازمة وتجاذبات حادة جامدة .
وأكد فضيلته على أن من يشكو قلقاً في بيته أو اضطراباً في أسرته أو مشكلات في أحواله وشؤونه التمسك بركاب النبوة والهداية المحمدية فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو القدوة المثلى والمثل الأعلى ذو الخلق العظيم مأمورون جميعاً أن نأخذ بكل ما جاء به النبي الحبيب المصطفى ذو المسؤوليات الجسام والهموم الكبرى والمشاغل الجمة في الدين والدعوة والدولة موضحاً أن كل هذه المسؤوليات والهموم لم تزاحم مسؤولية البيت وحق أهل البيت عند الرسول الكريم بل كأن ليس له هم ألا هم البيت وليس له مسؤولية إلا مسؤولية البيت الطاهر .
واستعرض فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام نماذج من تعاملات النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم مع أهل بيته فقال إنه النبي المجتبى والرسول المصطفى الزوج الرحيم والناصح الأمين والمشير الصدوق يمازح أهله في السراء ويواسيهم في الضراء يسمع الشكوى ويكفكف الدموع لا يؤذي بلسانه ولا يجرح بكلامه يتحمل منهم ما لا يتحمل غيره ما ضرب بيده امرأة قط لا يتصيد الأخطاء ولا يتتبع العثرات ولا يضخم المشكلة والزلات ولا يكثر اللوم والعتاب يتحمل الهفوة ويتغاضى عن
الكبوة قليل الملامة كثير الشكر تمثل المعاشرة في أسمى معانيها وجسد القوامة في أصدق صورها وهو القائل " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " .
وأفاد أن في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه وأهل بيته منهاجا للمسلمين وسنة للمؤمنين وأنها معالم الهدي المحمدي في الأسرة ونظامها وعلاقاتها وتدبيرها وأدارتها مشيرا إلى أن المزاح والمداعبة والملاعبة تطيب القلوب وتزرع المودة وترسخ الألفة وأنه يجب أن يعيش أهل البيت جميعا في ظل الرحمة والرضا والاهتمام والعناية .
وقال إن زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين كن يراجعن نبي الله في الحديث حتى يبلغ الحال بالواحدة منهن أن تهجره يوما كاملا إلى الليل وكان هو الصبور المتحمل لا ينتصر لنفسه لأنه يرسم القدوة والأسوة في درف البيت وعلاج المشكلات مبينا أن حسن الخلق ليس بكف الأذى وحده بل باحتمال الأذى والحلم عند الغضب وضبط النفس عند الطيش وكظم الغيظ عند الانفعال فلا بد في التعامل الأسري من الصبر والمداراة والتحمل من أجل الفوز بحسن المعاشرة .
وأوضح أن الألفاظ الحسنة والكلم الطيب والدعاء والشكر والثناء والاعتراف بالجميل والمبادرة بالفضل وتبادل الهدايا من غير مبالغة وإظهار الاهتمام والمشاركة في الحديث ومشاورة الرأي والتشاور في علاج المشكلات والإنصات الجيد وعدم الاحتقار والتنقيص والتهويل والازدراء والاعتذار عن الأخطاء والأغلاط والتواصل في حال الغياب بالمراسلة والمهاتفه والوسائل المتاحة كل ذلك طريق للحياة الكريمة والسعادة المنشودة فليست السعادة أن لا توجد في البيت مشكلات ولا أن لا تحصل خلافات واختلافات ولكن الحياة السعيدة بالإيمان بالله والقيام بما افترض الله والأخذ بحكم الشرع وأدب الدين .
وقال فضيلة الشيخ صالح بن حميد إن الميثاق الغليظ ورد في موطنين من كتاب الله الأول في أصل الدين ودعوة الرسل في مثل قوله تعالى " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم " أما الميثاق الثاني ففي العلاقة بين الزوجين وفي كلمة الله في عقد النكاح يقول عز شأنه " وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذنا منكم ميثاقا غليظا " مشيرا إلى أن منبت الرجولة والفضل يتجلى في حسن المعاملة لأهل البيت وأن الحياة الأسرية ليست أجساما متقاربة ولا إنفاقاً ولا فراشا ولكنها رحمة وسكن ومودة .
وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي إن لكل شيء بداية ولكل بداية نهاية ولكل سباق غايه ، ألا وإنكم في دار ابتلاء واختبار وإن الغاية الجنة أو النار .وقد جعل الله للجنة طريقاً واحداً هو الإسلام " وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَْاسِرِينَ " .
وأوضح فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها امس أن للدين الإسلامي أعمالاً صالحة منجية من المهلكات دافعة للشرور والمهلكات وجعل للجنة دار النعيم أهلاً يعملون لها الصالحات ودعاة يدعون إليها وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم وهم الذين أنعم الله عليهم وأحلهم أفضل الدرجات ووفقهم لاستباق الخيرات ، قال تعالى " وَمَنْ يُطِعِ اللهََّ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهَُّ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالحِِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ ر َفِيقًا " .حسنت سيرتهم وطهرت سريرتهم وزكت أعمالهم وسعدوا في عاجل أمرهم وآجله وفازوا بجنة الخلد .
وأفاد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الله سبحانه جعل للنار أهلاً وبعمل أهل النار يعملون ، وبين الطرق التي توجب الخلود في العذاب الأليم وحذر تبارك وتعالى من الشرور والمحرمات التي توجب غضب الجبار وتقود إلى الهوان ودخول النار فقال تعالى " وَمَنْ ي َعْصِ اللهََّ وَر َسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَب َدًا " ، وهذه الدار التي خلق الله فيها أنواع العذاب الأبدي لها دعاة في هذه الحياة الدنيا ، كما قال تعالى عن أهل النار " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً ي َدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا ي ُنْصَر ُونَ .وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَي َوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ المَْقْبُوحِينَ " .ودعاة جنهم يُزينون المعصية ويدعون إلى الإثم الذي ي ُوبق صاحبه .
وقال إن أشد الخلق دعوة إلى جنهم وأعظم الخلق عداوة لله تعالى وشر النفوس واخبثها إبليس لعنه الله بلعنته التامة وأعاذنا والمسلمين منه ومن ذريته فقد ابتلى الله به ليعلم العاصي من الطائع علم واقع وظهور يترتب عليه العقاب والثواب ، قال تعالى " وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ المُْؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ ي ُؤْمِنُ بِالآخِر َةِ ممَِّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَر َبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ " .هذا المخلوق الشرير الذي يدعو إلى كل فاحشة وإثم وشر قد جعل الله له قدرة لا يتجاوزها وآتى المسلم سلاحاً لدفع شره ومعونة على دحره فقد أقدر الله ابليس على الوسوسة والقذف بالهواجس الرديئة إلى القلب ونفث سموم الخواطر الباطلة إلى النفس وترديد ذلك لينبعث الهم بالمعصية ثم الإرادة ثم الفعل لأن أول كل فعل هو أن يتحدث القلب بذلك الفعل ، كما أعطى الله ابليس اللعين القدرة على تزيين المعصية، قال تعالى " وَزَي َّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا ي َعْمَلُونَ " .
وتابع فضيلته يقول ولكن الله تعالى لم يقدر إبليس اللعين على خلق الحب للشيء فخلق الحب للشيء يقدر عليه الرب وحده عز وجل قال تعالى " وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهَِّ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهََّ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيم َانَ وَزَي َّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ " ، كما أعطى الله هذا المخلوق الشرير القدرة على تهييج الكفار وإثارتهم على المعاصي ، قال تعالى " أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُز ُّهُمْ أَزדָا .فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنمََّا نَعُدُّ لَهُمْ عَدדָا " .كما أقدر الله إبليس وشياطينه لعنهم الله على النفس وهو نوع خاص من الدفع إلى الغضب ، وأقدر الله هذا العدو المبين على الهمس وهو دفع الوساوس والإغواء إلى القلب ، وأقدره على النفث والنفخ وجميع ما أخبر الله به من كيد الشيطان فهو كيد ضعيف يبطل ويضمحل .
وبين الشيخ الحذيفي أن عمل الشيطان يتلاشى بالإيمان والاعتصام بالله تعالى قال الله تعالى " إن كيد الشيطان كان ضعيفا " .ليس له حجة وليس له قدرة على المؤمنين المتوكلين على الله .وهذا العدو المبين نؤمن بوجوده ونعرف أثره ونلمس نتائج شروره أعاذنا الله والمسلمين منه .وهذا العدو قد قعد في كل طريق خير يصد عنه ويدعو إلى ضده ، كما قال عز وجل " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُْسْتَقِيمَ .ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَينِْ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيمَْانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تجَِدُ
أَكْثَر َهُمْ شَاكِرِينَ " .ولن ندفع شر إبليس لعنه الله ولن نبطل مكائده ولن ننجو من غوايته وفساده إلا بالإعتصام بالله تعالى ، قال تعالى " وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهَِّ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِر َاطٍ مُسْتَقِيمٍ " .فالنجاة من الشيطان بالعمل بالكتاب والسنة ودعوة الناس إلى ذلك .إن الله بين لنا أن هذا العدو يقود الإنسان ويورده المهالك ثم يتخلى عنه ويسخر منه ، قال الله تعالى " تَاللهَِّ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُممٍَ مِنْ قَبْلِكَ فَز َي َّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " .إنه زين لقوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين الشرك والكفر بالله والمعاصي كما زين لقوم لوط الفاحشة وزين للقرون الخالية المتمردة أنواع الذنوب والمعاصي فلما نزل بهم بأس الله لم ينفعهم الندم ولم يغن عنهم شيئاً " كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للإنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللهََّ رَبَّ الْعَالمَِينَ .فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَ ? لِكَ جَز َاءُ الظَّالمِِينَ " وأما في الآخرة فإن هذا الشيطان يقف على كثيب من نار مرتفع ويخطب في اتباعه ويتبرأ منهم ويدعهم في ما هم فيه من العذاب لا ينفعهم ولا ينفع نفسه ، كما قال تعالى " وَقَالَ الشَّيْطَانُ لمََّا قُضِيَ الأمْرُ إِنَّ اللهََّ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحَْقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بمُِصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بمُِصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بمَِا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالمِِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " .فلا يبقى إلا الزفير والشهيق والندم والبكاء والصراخ فيقول الله لهم " قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا ولا تُكَلِّمُونِ " .
وبين ما يدفع الله به عن المسلم كيد هذا العدو المبين وهي الإستعاذة بالله فالإستعاذة معناها اللجوء والإعتصام واللياذ بالله ، قال تعالى " وَإِمَّا ي َنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهَِّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " .والرسول صلى الله عليه وسلم لقد استبطأ عنده رجلان فأحمر وجه أحدهما وانتفخت أوداجه قال عليه الصلاة والسلام " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ، ومما يدفع كيد الشيطان وشره المحافظة على الصلاة جماعة ، قال الله تعالى " إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " .وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله إلى أن يمُسي " ، ومما يدفع شر الشيطان قراءة آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين وأول غافر دبر كل صلاة ، وإذا دخل المسلم المسجد فقال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم .ومما يدفع الله به شر الشيطان الإكثار من قراءة القرآن الكريم فله خاصية في طرده وكلما أكثر العبد من التلاوة حصن نفسه من الشيطان الرجيم ، ومما يدفع الله به شر الشيطان الزكاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإنفاق في سبل الخير ، قال صلى الله عليه وسلم " والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار " .
وإذا وقي المسلم الخطيئة نجا من شر عظيم ، وصنائع المعروف تقي مصانع السوء ، ومما يدفع الله به كيد الشيطان مداومة ذكر الله بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا قال المؤمن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة في أول يومه كان ذلك له حرزاً من الشيطان في يومه وكانت كعتق عشرة رقاب وكتب الله له مائة حسنة " ومما يدفع الله به شر الشيطان الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ، وجهاد النفس جهاد عظيم .ومما يدفع الله به شر الشطان شهود مجالس الخير والعلم والبعد عن مجالس اللهو واللعب والباطل والغفلة فإن مجالس اللهو والباطل والغفلة يحضرها الشيطان ويوقع فيها العداوة والبغضاء والشقاق وقد يتعدى الشر إلى العدوان على النفس وشرب الخمر وكبائر الإثم ومما يُنجي أولاً وآخراً من شر هذا الشيطان هو التوحيد والتوكل على الله تبارك وتعالى والإنقطاع إليه وإخلاص العبادة كلها لله وحده ، قال تعالى " إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ " .
وحذر فضيلة الشيخ علي الحذيفي المسلمين في ختام خطبته من الشيطان وغفلاته وخطواته ومكائده وشهواته ، قال تعالى " يَا أَي ُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ .فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ ب َعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهََّ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.